مفهوم الجمال مختلف من حضارة إلى أخرى، ومعايير الجمال متبدّلة بين عصر وآخر، بيد أنّ الجامع يبقى إضفاء لمسة نعومة وأنوثة على شكل السيّدة، لتظهر متألّقة ومميّزة. كثيرة هي المستحضرات الطبيّة-التجميلية السائدة الآن، والتي تقدّم للسيدة خيارات لا تنتهي... لكن يبقى للمرأة الشرقية رونق خاص بها وطقوس جمالية طبيعيّة من شأنها أن تعزّز جمالها الآسر! من أبرز ما قد تستعين به السيدة الشرقية هو «الحنّاء» الطبيعية، سواء في صباغ شعرها لتلويحه بتموّجات حمراء، أو حتى عبر استخدامها في مختلف النقوش التجميلية على اليدين والذراعين والرجلين وحتى الوجه أحياناً. فهذا الطقس التجميليّ الفريد من نوعه، يزيد المرأة أنوثة ويزيّنها بأبهى الحلل الطبيعية.

تنمو نبتة الحنّاء بكثافة في الغابات الاستوائية الإفريقية، وتنتشر زراعتها أيضاً في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسّط. وقد عُرفت هذه النبتة منذ القدم، إذ ابتكر الفراعنة معجوناً من مسحوق أوراقها بغية صبغ الشعر ومعالجة الجروح وصناعة العطور. كما كانت تُستعمل في دباغة الجلود والصوف.

لهذه النبتة استعمالات مختلفة، منها الطبّي والعلاجي، ومنها التجميليّ. وهي طبيعية وليست لها أعراض جانبية. وما زالت حتى يومنا هذا متداولة ومطلوبة، خاصة من المنحى الجمالي، بحيث تمتاز المرأة العربية بزينتها الخاصة، إذ يتمّ رسم نقوش جميلة على أيدي النساء وأقدامهنّ في مناسبات الأفراح، للدلالة على الأناقة والأنوثة. تتحدّث خبيرة التجميل أنجيل هيكل عن مختلف اوجه استعمالات الحنّاء الطبيعية، على البشرة والشعر أيضاً. كما تشرح اختصاصية التجميل إيما أبو جودة فوائدها المتعدّدة التي قد لا يعرفها الجميع. فالحنّاء عشبة ممتازة لا غنى عنها في عالم التجميل الحديث، وإن اختلفت أوجه استعمالها.

يُطلق على الحنّاء إسم «النبات السحري»، نظراً إلى تأثيراتها العلاجية والتجميلية المتشعّبة.

تقول أبو جودة:«تتعدّد استعمالات الحنّاء، لأنها تحتوي على مكوّنات مضادة للنزف والبكتيريا والفطريّات. كما أنها تدخل في علاج الصداع والحروق والأورام والقروح والالتهابات الموضعيّة وتقرّحات الفم وتشقّق القدمين والأمراض الجلدية المتنوعة على غرار «قدم الرياضي» وسواها من الأمراض». تُستعمل عجينة الحنّاء لمختلف الأغراض الطبية، بحيث توضع على الجبين لتخفيف الصداع، او مكان النزف للحدّ منه بفضل تسريع تخثّر الدم، أو حتى على الأورام لإزالتها.

تتابع: «للحناء فوائد عديدة في تنقية فروة الرأس من الطفيليات والميكروبات، بالإضافة إلى تأمين الصبغة الطبيعية للشعر، بغية الحصول على اللون البنّي المحمرّ بمختلف تدرّجاته. وتدخل نبتة الحنّاء في عدد من تركيبات شامبو الشعر».

صباغ طبيعيّ

تؤكّد هيكل: «تتمتع نبتة الحنّاء بفوائد عديدة على الشعر، فهي تحدّ من تساقطه، وتخفّف من ظهور الشيب المبكر وتزيد كثافة الشعر. وتساعد في التخفيف من حرارة فروة الرأس وبالتالي تنقيتها، مما يساهم في التخلّص من الدهون الزائدة على الشعر».

تضيف: «تُعتبر هذه النبتة من أفضل وسائل صبغ الشعر الطبيعية، لأنها تحتوي على مادّة ملوّنة تعمل على إختراق الشعر من دون أي أضرار أو آثار جانبية. فهي إذاً صالحة للإستعمال لمختلف الأعمار. كما لأنها تغذّي بصلة الشعر وتكسبها قوّةً وحيويّةً ولمعاناً، وتساعد على علاج القشرة والتهابات فروة الرأس».
وحسب مدّة الاستعمال، يُغطى الشعر بمختلف تدرّجات البني المحمرّ.

إستخدام الحنّاء

يمكن الرجال والنساء الاستعانة بالحنّاء، فهي مادة طبيعية يمكن استخدامها مرّة أو مرّتين شهرياً. وتشدّد أبو جودة على «أهمية استخدام الحنّاء بالطريقة السليمة. فلا بدّ من أن يكون الشعر نظيفاً جداً قبل وضعها. كما يجب عدم تركها على الشعر لمدّة تفوق الأربع ساعات حدّاً أقصى منعاً لتلبّد الشعر وتقصّفه بعد غسله». ومن المفضّل غسل الحنّاء بالماء الجاري تماماً واستخدام البلسم مباشرةً في الليلة نفسها، ليعاوَد إستعمال الشامبو في اليوم التالي.

وتشدد على أن «من الأفضّل استعمال أوانٍ من خشب او بلاستيك أو حتى زجاج لتحضير خليط الحنّاء عوضاً عن أدوات معدنيّة، إذ قد تتداخل المعادن مع تأثير الحنّاء. وهذا أمر لا يتنبّه له عدد كبير من الناس».
من المهمّ التأكّد من عدم معاناة المرء من أي حساسية تجاه الحنّاء قبل وضعها على الشعر. يمكن اختبارها على مساحة صغيرة من الجلد خلف الأذن قبل ذلك. كما يجب ارتداء قفازات مطاطية أو بلاستيكية والتخلّص من البقع الناتجة عن الحنّاء فوراً لأنها صبغة طبيعيّة وقد تكون صعبة الإزالة عن البشرة في ما بعد.

نقوش الحنّاء

ما زالت زهور نبتة الحنّاء تُستخدم في صناعة العطور منذ القدم. فهي نبتة ذات رائحة عطرية قويّة ومميّزة.
تشرح هيكل: «لا يغيب عن الأذهان طبعاً الشق التجميليّ للحناء، بحيث لا تزال حتى يومنا هذا من أبرز ما «يُزيّن» المرأة. فنقش الحنّاء على اليدين والرجلين إحدى أهمّ العادات الجماليّة العربيّة الأصيلة، للاحتفالات والمناسبات السعيدة وخاصة الأعراس».
من المُتعارف عليه أن تُقام مراسم وداع العزوبية للعروس قبل ليلة من زفافها، وتُسمّى ليلة الحنّاء أو حفلة الوداع، حيث يتمّ رسم نقوش من الحنّاء على جسدها وأجساد صديقاتها أيضاً. تكون هذه النقوش على شكل خطوط او أزهار أو قد تتخذ أشكالاً وتختلف من حضارة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر.
تضيف هيكل: «تمتاز المرأة العربية بعشقها لنقوش الحنّاء، إذ تُعتبر رمز الجاذبية والأنوثة. ومهما تطوّرت الأساليب التجميلية الحديثة، يبقى للحناء سحر فريد لا يضمحلّ مع مرور الزمن. وقد باتت في عصرنا هذا نقوش الحنّاء تجميلية بحتة، لمختلف المناسبات، وقد تُغني عن التزيّن بالأكسسوارات في المعصم في غالب الأحيان». ونشهد الآن إقبالاً من الشابات والمراهقات على التزيّن بالحنّاء التي تبقى أياماً عدّة وتكون بديلاً من الوشم الدائم. وتختلف النقوش وفق الذوق والمنطقة المُراد النقش عليها. لكن يكثر طلب النقش على اليد والمعصم، أو حتى القدم. قد يختار البعض منطقة أسفل الظهر أو الكتف أو حتى الرقبة أيضاً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]