العنف عندنا ،حدّث ولا حرج ،خوذ عنّي جيتك ! وما يلازمها من :طوشات مُفتعلة ،غارات مُنكَرة ،حملات استفزاز واستهزاء ،عَليهُن ،وين راحوا النّشامى ،دوشمان يا عُربان، يا غلمان ،نذير شؤم يا غِربان ،النّخوة يا أهل النّخوة ،هلمّوا بجماهيركم ،جحافلكم ،قِواكم ،أسلحتكم البيضاء والحمراء ،حتى المعاول والمنساسات، العِصي والدّبسات ،الشّواعيب والمُخَبّآت لوقت الضّيق ،هذا أوان الشّدّ فاشْتَدّي زِيَمُ ،المجاريح ،المَطاريح ، المُصابين ،القَتلى ،كلّهم يستغيثونكم ويُناشدونكم .....كلّ هذا وأكثر على صفحات التّواصل الاجتماعي / التّواطؤ الاجتماعي ،العشائري ،القَبَلي ،الطّائفي ،الأهلي ،الأخوي ،الهمجي، البربري ،من البحر للنهر ،من النّقب الى أعالي الجليل ،مروراً بالمثلّث ،المركز والكرمل ،ولا يخامرنا بعض الشّكّ، أنّ الأيادي الغريبة ،الخارجيّة ،الظّلاميّة ،المَعنيّة ،المصلحجيّة ،هي التي تُخطّط وتدير رحى المعارك في مَعظم الحالات، بواسطة جهاز التّحَكّم عن بُعد ،بطّيخ يكسّر بعضو ،خاصّة أولئك المهووسين بداء الخرافة المُصطنعة والمستوردة من بلاد برّا ،وْكِدّ واسطات ،جاهات صُلح ،طَفّة طالعة وْطَفّة داخلة ،تمسيح مُخَطْ ،وْبوس الأيادي ضحك ع َ الدّقون ،يخزي الشّيطان ،اعتذارات الى ما لا نهاية ،وأحياناً بلا رصيد ، تقول جدّتي :رحم الله أبو فلان ،كان يْجَبّر المكسورة !فيقاطعها جدّي مًصحّحاً :بل رحم الله أبو فلان اللّي كان يمنع كسرها ! والمُصلاح إلو ثلثين القَتْلة .واليوم نحن بِأمَسّ الحاجة لِمنع الكسور ،الرّضوض ،الإصابات ،الإعاقات وما تمخّض عنها ،لذا نحن نناشد أصحاب النّخوة ،العقلاء ،الغيورين ،الوطنيّين ،ذوي الشّهامة والكرامة بين ظهرانينا ،وهم كثيرون والحمد لله ،كفانا إطفاءُ حرائقَ مُفتعلة ،تضميد الجراح والنّواح ،وقد بلغ السّيل الزّبى ـتسمع نشرة أخبار محلّيّة ،فتُصاب بالغيبوبة ،الإحباط ،الهلع ،الغثيان والقلق /ما بْتِسمع خبر يْسُرّ القلب ،ناهيك عن الشّماتة والتّحريض الأرعن .

يجود الكريم بالغيث والمطر ،نجوبُ الطّرقات مُسْتَجْدِينَ :يا إمّ الغِيْث غيثينا وْشو ما عندِكْ أعطينا ،فإذا تباخلت علينا ربّة البيت نقول لها بِمِلْئ أصواتنا ،وعلى مسامعها :بلاطة على بلاطة صاحبة البيت قَمّا...،وإذا تكرّمت علينا بشيئ ،الجُود من الموجود ،نخرج شاكرين حامدين :شيحة على شيحة صاحبة البيت منيحة ،بعد شلاّلات الدّماء ينعم الله علينا بشلاّلات الماء والسّيول لمحو الدّماء والأشلاء ،لتنظيف القلوب وإزالة كلّ مكروب /ميكروب !نحاول الخروج الى الطّبيعة ،فَشّة خلق ،لعلّنا ننسى الآلام والهموم ،نقصد مواقعنا الأثريّة التي بناها وصانها أجدادنا الكرام ،نصطدم بلافتات بالبنط العريض :محميّة طبيعيّة ،رسوم الدّخول للصغير.... للكبير ثلاثة أضعاف ،نواصل سيرنا ،عسى أن يفرجها الله علينا ،تواجهك لافتة أخرى: حديقة وطنيّة رسوم ....تقصد بحيرة طبريّة لتنعم بتدفّق المياه وارتفاع المنسوب ،تعترضك لافتة كبرى :شاطئ خصوصي ،الدّخول ممنوع إلاّ بدفع الخاوَة ! نصوم طويلاً ونفطر على بصلة ،من عمود ل َ عمود بْيِفْرِجْها ربّ المعبود ! تتذكّر المرحوم وديع الصّافي :يا ويل يا ويل حالي /أخذوا حُبّي وراحوا شْمالي ،تقتفي أثره ،تمرّ قرب الملاّحة / اليوم سلطة تطوير الحولة /مغلقة ،تَمُرّ إزاء بعض القرى المهجّرة على يمينك ويسارك تدخل الخالصة /كريات شمونة: كما ضاع عِقْدٌ على صدر خالصة، تقصد الجامع الباقي وبجانبه رافد ماء، الدّخول حتى الآن مجّاني ،ما بْتعرف شو بيخبّيلنا الغيب !تنحرف يمينا الى هضبة الجولان السّوريّة المحتلّة تواجهك معالِم وآثار قرى عربيّة منكوبة ، تدخل قرية الخصاص ،بقدرة غادر أصبحت هجوشريم ،تنعم بتدفّق مياه بعض روافد الأردن ،في جريانها يوحنّا المعمدان عمّد السّيّد المسيح ،عليه السلام ،تتذكّر فيروز المتألّقة دائماً : وستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجيّة .....تنحرف يميناً غابة الأربعين/حورشات طال رافد آخر في انتظارك ،تتقدّم قليلاً وتنحرف يساراً الى مقام النّبي يودا ،دخول مجاّني ،مرافق خدمات عموميّة ،تتنفّس الصّعداء ،تفلش السّفرة ،بلا مشاوي ،بلا مُعلّبات ،كام عروس بْزيت ولَبَنة وْزعتر ،تسطو، بِلُغَتهم على الطّبيعة ،فتسرق كام بيت قُرص –عنّة ،زعتر ،شومر ،سِلْق ،خرفيش ،دمّ الغزال ،خردل برّي ،مُقْرِة ،إحْذَر جبهة النّصرة ! وقد أعذر مَن أنْذَر ! ولصوص الطّبيعة يتربّصون ويربطون ،في الزّوايا خبايا ،مع الاعتذار لسلام الرّاسي ،بروتستانت مُسلم ! هكذا صنّفوه أيام جدّ أردوغان ! عَنْ جَدّ مشْ عن مَزح !تواصل سيرك نحو البانياس ،إله الرّعاة عند اليونان ،قبل أن تضع عصا التّرحال تَمُرّ إزاء بعض قرانا المهجّرة :الزّوق الفوقاني والسُّنبريّة /اليوم معيان باروخ ،موقف سيارات ،مرافق حيويّة على يمينك ويسارك نهر الحاصباني يهدر مُزمجراً ،صاخباً ،مُزبداً مرعباً ،إجِت والله جابها ،مافي رسوم دخول ،بَسْ الحَذّرمن الخَطَر !الدّخول الى البانياس بدّو خاوة ،جنوبه مقام السّلطان أبراهيم بن أدهم ،دخول مجّاني ومرافق حيويّة ،شمال شرق البانياس ،مقام آخر للسّيّد الخضر ،وَقُبّة السّتْ سارة /صاحبة العِفّة والطّهارة / كمان مرّة صيدة ،كلّ شي بْبَلاش كثّر منّو ! تُيَمّم شطر قلعة النّمرود يواجهك على يسارك ويمينك شلاّل سْعار ،سْهار بعد سهار تَيِحرز المشوار !تقول زِهْ ،سارحة والرّب راعيها .....

**الاٍسبوع المنصرم رحل عنّا فنّانان، نجمان لبنانيّان عالَميّان :ا لشّاعر سعيد عقل والمطربة صباح ،بفارق يومين بينهما ،صباح 87 عاماً ،سعيد عقل 102 عاماً ،كُتِبَ ،قِيل أُشيعَ،رُوي ودُبْلِج عنهما الكثير! الصّبّوحة مزواجة مطلاقة ،وهذا من خصوصيّاتها ،صاحبة المواويل،الأوف ،العتابا ،الميجانا ،هيهات يا بو الزّلوف ،جيب المجوز يا عبّود ،تَنْرَقّصْ إمّ عيون السّود ،الغناء الثنائي مع وديع الصّافي /دويت/
-صباح: يا ليل طاب السّهر ،طَلّوا حبايبنا والبحر وَدّى خَبر ،وِصْلِتْ مراكبنا
-وديع : جبل لبنان يا مْصَوّر بِعَينِة والعالَم بِعَيْنة ....
-صباح : أرز لبنان بِجنودو غَمَرْنا وْزَهر الحُبّ لَوّح ع َ غِمِرنا
-وديع : على لبنان بعيادو وَرَدْنا وْنسيم وْحُبَ تْفَتّحْ وَرِدْنا
خْلِقنا نْصيح بْمحبّة وَرِدْنا نِبقى إخوان ، أهل وِصْحاب
-صباح مازحة مُداعِبة : مغشوش بْحالَك مغشوش وِبْقُشّكْ مثل القاشوش ،وقت أنا بدّي
-وديع يكيل لها الصّاع صاعين :لو بَنْقُرْ دفّي نقرة عنتر ما بيلقى نقرة
صباح تعترف لوديع :قال لي الموسيقار عبد الوهاب :ما بيخلق بعد مثل صوت وديع الصّافي ّ! لعلّ أبرز إنصاف للصّبوحة بعد رحيلها ،أن تتبرّع فيروز لِأداء التّراتيل والتّرانيم الدّينيّة لنعش الصّبّوحة في إحدى كاتدرائيّات بيروت ،وتضيف :صباح كانت شمس لا تغيب !إلِكْ طول العمر يا فيروز يا وَفِيّة وشهمة ،وقد أنْصَفْتِ كذلك سعيد عقل !

*محطّتنا الأخيرة مع الشاعر الكبير سعيد عقل/أبو أرز ،كان هذا الشّاعر موضع خلاف وجدل عميقين ،خاصّة في بعض مواقفه السّياسيّة العدائيّة من الإخوة الفلسطينيّين في لبنان ،وترحيبه بالجيش الإسرائيلي المُحتل عام 1982 ،حيث كتب في افتتاحيّة صحيفته الخاصّة مُرحّبا: إسرائيل عِنّا !وقد أطلق سعيد عقل على هذا الجيش :جيش الخلاص ! ومضى قائلاً وبصفاقة :اللّي بيقول عن الجيش الإسرائيلي جيش غَزْو لْسانو بّدّو قّصّ !
كان له كذلك موقف نشاز من حروف اللغة العربيّة وفُصحاها ،داعياً الى استعمال الحروف اللاتينية /على غرار مصطفى كمال أتاتورك ،وقد طبع ديوان شعره :يارا ،بحروف لاتينية وكلمات عربيّة ،زاره الكاتب المصري الكبير : أنيس منصور لاستيضاح الأمور وخرج قائلاً :لقد خرجتُ من عنده أكثر اختلافاً ممّا كنتُ قبل لقائه، وفعلاً فشل مشروع الاستغراب عند أبي الأرز .

وعودة الى مقولاتنا الشّعبيّة :الحسنات تُذهب السّيّآت، وليست السّيّآت تمحو كل الحسنات !كما أظنّ ! يكفي سعيد عقل فخراً ،أنّه كتب كلمات أربع وثلاثين أغنية لفيروز ، ومن بينها :يا زهرة المدائن ،لِأجلِكِ يا مدينة الصّلاة أصلّي ،لأجلك يا بهيّة المساكن ، يا زهرة المدائن، يا قُدس ، يا مدينة الصّلاة أصلّي....ألطّفلُ في المغارة وَأمّهُ مريم وجهان يبكيان ...، وله كذلك كلمات :أجراس العودة :سيفٌ فَلْيُشْهَر في الدّنيا / وَلْتَصْدَع أبوابٌ تَصْدَع ْ/ألآنَ ، ألآنَ ،وليس غداً/ أجراس العودة فَلْتُقْرَعْ/ أنا لا أنساكِ فلسطين / وَيَشُدُّ ،يشدّ بِيَ البُعْدُ... ، وكذلك أغنية :

غَنّيْتُ مكّةَ أهلَها الصّيدا والعيدُ يملأ أضلُعي عيدا
يا قارئَ القرآن صَلِّ لَهُ أهلي هناك وَطَيْبِ البيدا
مَن راكِعٌ ويداهُ آنَسَتا أن ليس يبقى الباب موصودا
أنا أينما صلّى الأنامُ، رأتْ عَيْنَيَّ السّماءَ تفتّحتْ جودا
لو رملةٌ هتفتْ بِمُبدعها شجواً ،لَكُنْتُ لشجوها عودا
وَأعزّ رَبّ النّاس كلّهم بيضاً ،فَلا فَرَقْتُ أو سودا
وهو الذي تغنّى بمفاخِر الشّام وأمجادها ،عبر التّاريخ الطّويل، قبل أن تُنْكَب بالغُزاة الجُدد ،مهووسي الخلافة الخرافة ، اليوم :

شامُ يا ذا السّيفِ لم يَغِبْ/ يا كلام المجد في الكُتب/قَبلَكِ التّاريخ في ظٌلمة / بَعدَكِ استولى على الشّهب ...

وقال في قصيدة أخرى : قرأتُ مجدَكِ في قلبي وفي الكُتب /شامُ ما المجد ؟أنتِ المجدُ لم يَغِبِ....شامُ ،لفظُ الشّام اهتزَ في خلدي /كما اهتزاز غصون الأرز في الهدب ...

هو من مواليد مدينة زحلة ،زحلاوي يا عَرَق !مارس الصّحافة ، التّعليم في المدارس والجامعات ،استقرّ في بيروت ،تعمّق في عِلْمَيَ اللاهوت والفقه ،تُرجم شعره الى الإنجليزيّة والفرنسيّة ،كان من أنصار القوميّة والخاصّيّة اللبنانيّة ،من دواوين شِعره ونثره بِنْت يفتاح ،المجدليّة ،قدموس ،لبنان ان حِكِي :قصائد من دفترها ،رندلى، وتعني الرّقيق الّليّن ،وهناك من يقول أن الكلمة إنجليزيّة وتعني القوي والحامي ،وديوان ، يارا ، هناك من يقول ان الاسم فارسي بمعنى قدرة ،استطاعة وَتَمَكُّن، وتعني كذلك : سِوار، طَوق، جرأة ،صديق ،رفيق ،مُساعِد ،مُحِبّ وَعَزْم ،وفي التّركيّة تعني هذه الكلمة :الجرح ،كتب سعيد عقل بالعربيّة المحكيّة /اللهجة اللبنانيّة الدّارجة ،فأنشد هو وفيروز :
يارا الجدايلها شُقر / الفيهُن بْيتمرجح عُمْر /وْكل نجمة تْبوح بِسرارا ...يارا /إلْغِفِي ع َ زِندا خَيّا الزّْغير /وْظلّتْ تْغنّي والدّني حدّا تْطير / والرّياح تْدوزِن وْتارا ...يارا/الحلوي الحلوايي تعبوا زنودا /وْنِتْفي اصْفَرّوا خْدودا /وِبْإيدي نِعْسِتْ الإسوارا /وْلِمِّنْ إجِتْ يارا تْحُطّ خَيّا بالسّرير /تْصَلّي يا ربّي :صَيّرو خَيِّي كبير/وْللسّما دَيْها ،هاكْ الدَّيْن الحرير /إتْلَمّتْ الشّمس وْعَبّت زوّارا ....، خالفهما الشاعر نزار قبّاني في قصيدة أجراس العودة فَلْتُقْرَع...فنظم قائلاً ومتشائماً:

عفواً فيروزُ ومعذِرة /أجراس العودة لن تُقرع /خازوقٌ دُقَّ بِأسٍفَلِنا /من شرم الشّيخ الى سعسع..
ونزار يقصد سعسع الشّام ،وليس سَعْسَعَي فلسطين !
ومهما قيل وكُتِب عنه، معه وَفِيهِ وبقيّة حروف الجرّ ،بما في ذلك رُبّ، سنبقى معه ومع فيروزتنا نغنّي لوطننا :أجراس العودة فَلْتُقْرَعْ.....

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]