قدمايَ حملاني الى اجتماع ،قُلْ عنهُ ما شئتَ :أهلي ، عائلي ،قَبَلي ،عشائري، طائفي ،وطني، عامّ، جماهيري ،شعبي ...أوّل انطباع يتبادر الى ذهنك :أنّكَ بين أهلِكَ وذويكَ، يا غافل إلَكْ الله ،مجاملات الى ما شاء الله ،طَقّ حَنَك بدون حدود، نخوات بلا رصيد، كلام كالعسل وفعل كالأسل، يتسابقون على الميكروفون وصعود المنابر ،حتى لو لم يكن لديهم برنامج ، أو بضاعة يسوّقونها ،رُوَيْبِضات ،إمّعات، شُرّابات خُرْج،لا في العِير ولا في النّفير ،بعضهم في غفلة من الزّمن تَبَوّأ مركزاً جماهيريّاُ والنّاس نيام ، دون أدنى مقوّمات أو كفاءات تُذكر ، لديه كَرْت واسطة ،بطاقة دخول من العائلة ،القبيلة ،أو مدعوم من قِبّل جهات لا تخفى على أحد ،كي يُنفّذ ما يُملى عليه ،ويُؤمَر به ،يدوس على مصالح الجماهير ،دون وازع من ضمير ،أو حساب للنّفس ،أو خِشية الله ، المُهم شوفوني يا ناس، طاقم من المصوّرين يلتقط لهم أطرف الصّور في أظرف المواقف، يا شايف الزّول يا خايب الرّجا !

*حان دور عبد المعين لإلقاء خطابه ،هندام وقِوام شيك ،آخر موديل ،من عند بيير كاردان /باريس ،ربطة عنق لمّاعة ،برّاقة ،تجمع ألوان الطّيف الشمسي معاً، ياقة تذبح رقبة الطّير، بدلة سموكينج ،الله أنعم عليه ، ولا أحد يسأل :من أين لك هذا ؟دون أن يُصَبّح أو يُمسّي ،يستكثر التحيّة على الجمهور، مع أن الصّباح والمساء من عند الله ،خطبة بتراء ،سحبان وائل مِنّو وْلَوَرا ،قِس بن ساعدة الأيادي لم يولد بعد،فَشَر شيشرون الفرنجي ! تنحنح قائلاً: اسمعوا وعوا ،وقد أعذر مَن أنذر ،أنا مُفوّض من قِبل السّلطة الدّيموقراطيّة الوحيدة في الشّرق الأوسط،لا ،بل في العالَم أجمع ،نحن في بحبوحة من العيش ،علينا ألاّ نَلبط النّعمة التي أنعموا بها علينا ،حسنة لوجه الله ،واللي بيوكل من خبز السّلطان بيضرب بسيفو.....

*صعد عبد السميع يتدثّر بعباءة مُزركشة قلّ أن تجد لها مثيلاً في هذه الدّيار،قد يكون أن خلعها عليه :ابن سعود ، أو آل ثاني ، أو آل نهيّان ،أو عجمان ... ،ينتحل مكانة دينيّة ،والدِّين منه براء ،عدا عن الدَّين المُتراكم عليه ،جرّاء النّصب والاحتيال على عباد الله ،خوذ وعظ، كلام روحاني ،عقلاني ،قِيَم ،لف ودوران دون مضمون أو مفهوم....الجمهور يتلفّت ذات اليمين واليسار ،أهذا فلان الذي نعرفه حِلّة نَسَب !أنسيَ موبقاته وقفشاته وبهلوانيّاته ......

*عبد التّوّاب :أنا من يُشار إليه بالبنان ،أنا صاحب العَرش والصّولجان ،أنا خادمكم المطيع ،لقد جرّبتموني سابقاً في الحفلات ،المناسبات والعشوات ،لا يُرَدّ لي طلب عند أسيادنا الكرام ،لدي شهادات تقدير ودروع تنفيع ،ما أنجزته تعجز عنه هيئات ومؤسّسات ،أعطوني الفرصة من جديد كي أواصل المسيرة المُظفّرة بِمَعِيّتكم ومؤازرتكم ،وستكشف لكم الأيّام حُسن النّوايا وصدق الأقوال والأفعال ....

* عبد المطيع :أنا ضابط متقاعد ،أُنيطت بي مهمّات جسيمة ،لم يَحِن الوقت بعد للإفصاح عنها ،إنّ غداً لناظره قريب، وسيأتيك بالأخبار من لم تزوّد، انتظروا بلاغات هامّة ،قريباً ان شاء الله

* عبد المنّان :خلّينا نحكي ع َ المكشوف ،طوفوا وْشوفوا ،اسألوا عنّي مَن تشاؤون ، أنا للسيف وللضيف ولضربات الزّمن ،للَيالي الحالكات ،وعند الشّدائد تُمتحن الرّجال ،كلّ مين عندو قضيّة في التّأمين، التّنظيم ، التّعتيم ، التّوظيف ،التّصنيف ، أنا قدّها وقدود .....

*يتتالى العبيد ،وترتفع الأسهم في سوق البورصة والأوراق النّقديّة ،تفرك عينَيْكَ، تصمّ أذنَيْكَ، تتلفّتُ حوالَيْكَ ،تبحث في جيوبك عن شيء تلهو به ،ريثما يُفرجها الله عليك وعلى الجمهور المسكين ،النّاس يتثاءبون ،يفتحون أشداقهم على مصاريعها ،بعضهم استغلّ المناسبة وراح في كبوة ،غيبوبة لا أخر لها ،الوسادات هي أكتاف الأجاويد على اليمين واليسار ، البعض يطيب له أن يعزف الألحان شخيراً، ليُشنّف الآذان والأنظار ،بعضهم يستفيق على مضض يلعن جاره العازف بِأنفه أتْفَهَ أنغام النّشاز، ولا ينضبط مع أيّة أوركسترا للنيام ......قِسْم يتفلّت مع قَسَم ألاّ يعيدها ،مُحلّقاً على أذنَيْه ،يخرج دون أن يُشمّع الخيط .....

*أنا عُ ..ك ..س...نائ...سا ...رئيس ..سا وموعود بالوزرة ،الانتحارات ع َ الابواب ، غَمّض عين ،فتّح عين 17/3/ 2015 ينادينا ،ها هو مساعدي الايمن يدور بينكم مع صندوقه لجمع التّبرّعات ! عفوا الطّلبات ،الشّكاوى والمظالم والمزاعم والاسترحامات ، أعدكم ألاَ أضعها في الخُرج ولا في السّرج ،بل في الدُّرج، حتى تْفَقّس وِتْبيض وِتْبَيّض الوجه.!

*أنا سليل المجد والسّؤدد، الأصالة والعمالة ّعفواً العمل والأمل ،اسألوا مجرّب ولا تسألوا حكيم ،لي تاريخ سافل ،عفواً حافل ،انا أبو الوثنيّة ،لطفاً الوطنيّة ،أنا مَتْيَسة ،آسف مدرسة في السّخافة ،عفواً الثقافة ! أنا الجاحظ في الكرم ،عفواً حاتم الطّائفي ، أنظر بعيداً كسوداء الحمامة ،آسف زرقاء اليمامة ،أخذ يَهْرش في ظهره ،كسابقيه ، من كثرة الّلَكْش والّلَطم من المُلَقِّنين والمُصحّحين خلفه ،قائلين له :عَزّرت علينا ،عزرايّين يوخذك ،سوّدت وجوهنا ،الله يبعد غُربتك !

*إرْفَضَ الاجتماع ،وكادت القاعة أن تكون خالية ،قبل أن ينتهي مجمع الخلاّن ، العريف يرجوهم : من شين الله يا جماعة الخير ،طَوْلوا بالكو علينا ،إحنا والخير لَقدّام ،لدينا برامج ،مناهج ،وعود..... وجبة غداء فاخرة تنتظركم ،بتوكلوا أصابعكو ندامة اذا فوّتّوها عليكو .المُصْطَفّون بالدّور للخطابة أكثر من الذين نَفّقوا بضاعتهم على مضض ، إسّا دوري أنا ! لاْ دوري أنا ! لاْ أنا قَبلكوا ....

*تتذَكّر مؤتمرات الليكود وجاستون مالكة ،وشامير وشارون كل منهما يختطف ميكروفون يبثّان معاً :من يريد الوحدة .. من يريد مكافحة الإرهاب ...وخوذ مقاطعات كلاميّة لو كانوا في الكنيست ،لكان رئيس الجلسة أخرج أغلبيّتهم ،كما يُخرجون نوابنا العرب ظلماً وعنوة ،لإخماد أصواتهم في واحة دييموكتاتوريّة النتنياهو،حوطوبيلياهو ،ألكينياهو ، دنونياهو ،ريجبياهو ،فيجلينياهو ،ليبرمانياهو ،غير محدودي الضّمان والأرسان .

يختلط الحابل بالنّابل ،يا لَعوبها يا خَروبها ،هذا يتفلّتُ من هنا ،وذاك من هناك ،كل عنزة تلحق قطيعها :السّكّة، القطشا ، العرجا والجربا الّلي ما بتشرب غير من راس النّبع ،حارة كلّ مين إيدو إلو ،ويأتيك الفرج من بعض الأشخاص الطّيّبين ،وقد ضاقوا ذرعاً من هذا المشهد المعقّد : يبدو أنّ العرب اتّفقوا ألاّ يتّفقوا ،تمثل أمام ناظريك مقولة الرئيس السّوري شكري القوّتلي، لنظيره المصري جمال عبد النّاصر ،إبّان توقيع ميثاق الجمهوريّة العربية المتّحدة 1958 :كلّ سوري يعتقد نفسه سياسيّاً، واحد من اثنين يعتبر نفسه قائداً وطنيّاً، واحد من أربعة يعتقد أنّه نبيّ، وواحد من عشرة يعتقد أنّه إله! فكيف يمكن أن تحكم بلداً كهذا؟ البعض ينسب المقولة في هذا السّياق بشكل آخر: أريد أن أسلّمك 3،5 مليون سوري ،نصفهم أنبياء والنّصف الآخر زعماء ! وثمّة قائل يصوغ المقولة بقالب آخر :أنا أسلّمك شعباً ثُلثَيْه زعماء والباقي أنبياء ، أعانك الله على قيادته ! يعني شو بيفرقكْ عنّو ؟ يا أخوه يا ابن عمّو !كلّنا في الهوا سوى .

يطيب لنا أن نضيف من الأرشيف :القوّتلي 1891 -1967 كان أوّل رئيس للجمهوريّة ،قد كلّف السّيّد فارس الخوري بتشكيل وتَرَأُس الحكومة السّوريّة أربع مرات متتالية ،مع حقيبتي الدّاخليّة والتّربية ،أواسط خمسينيّات القرن الماضي، ونجح في ذلك ،ونحن نقول ذلك للتكّفيريّين الجدد ،المهووسين بالخلافة الخرافة ،وهذا من باب :فَذَكِّر إن نفعت الذّكرى ؟ جِبناك يا عبد المُعين تَتْعين ، أثاري بدّك مين يعين! والسّلام على من اتّبع الهدى !
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]