يكتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل ان التوتر على الجبهة الشمالية وصل الى قمته، امس، في أعقاب عملية الاغتيال المنسوبة الى إسرائيل في مرتفعات الجولان والتي استهدفت ستة قادة من حزب الله، بينهم جهاد مغنية، نجل قائد اركان حزب الله عماد مغنية الذي قتل في عملية اغتيال في دمشق قبل سبع سنوات، وابو علي طبطبائي، الضابط الايراني الذي وصف بأنه قائد القوات الخاصة. ونقلت وسائل اعلام حزب الله، امس، ان الحزب لا يستطيع تجاوز عمليات الاغتيال التي يتهم اسرائيل بارتكابها. وتوقع الجهاز الامني الاسرائيلي، امس، قيام حزب الله برد عسكري، لكنه ليس من الواضح مدى قوته. وتم رفع حالة التأهب في البلدات الحدودية الاسرائيلية خشية حدوث تصعيد.

وتكهن جهاز الاستخبارات العسكرية مؤخرا بأن حزب الله ليس معنيا بمواجهة مباشرة مع إسرائيل، لأنه يغوص عميقا الآن في الحرب السورية ويتعرض الى هجمات في لبنان من قبل التنظيمات السنية كتنظيم داعش وخلايا القاعدة. مع ذلك فان الحادث في مرتفعات الجولان يغير الظروف الإقليمية الى حد ما، لأن التنظيم الشيعي قد يرى في ذلك تحديا يحتم عليه الرد كي لا يظهر ضعيفا في الشارع اللبناني.

ويمكن لحزب الله ان يؤخر الرد حتى تتوفر الظروف العسكرية الملائمة ويمكنه اختيار الرد على عدة حلبات، قد تشمل شن هجمات على اهداف إسرائيلية في الخارج (كعملية بلغاريا في 2012)، وعمليات في مرتفعات الجولان (كما فعل في العام الماضي)، وعمليات في مزارع شبعا (كما فعل في آذار وايلول من العام الماضي) او من خلال شن هجوم نوعي ضد هدف رئيسي في الشمال او في وسط البلاد. وسيحدد رد حزب الله وقوته نوعية الرد الاسرائيلي.

يشار الى ان إسرائيل وحسب نهجها المتبع لم تعلن مسؤوليتها عن العملية في مرتفعات الجولان، امس، والتي تم تنفيذها بالطيران الحربي. وبما ان إسرائيل هي العدو الوحيد لحزب الله الذي يملك طائرات حربية وينفذ مثل هذه العمليات على الحدود الشمالية، فمن المفاجئ قرار اسرائيل عدم التطرق الى اتهامها المباشر. ويمكن لهذا السلوك ان يدل على وجود القيادة السياسية في وضع غير مريح. ويطرح السؤال عما اذا كانت عملية الاغتيال قد جاءت في اعقاب معلومات استخبارية فورية وصلت قبل فترة وجيزة جدا من وصول قافلة قادة حزب الله الى المنطقة الحدودية القريبة من إسرائيل؟ ومن ضغط من اجل تنفيذ العملية واستغلال الفرصة، وهل كان ذلك محض قرار للقيادة السياسية او توصية من القيادة العسكرية؟

وتعتبر هذه المسائل بالغة الاهمية، بسبب الابعاد الممكنة لعملية الاغتيال والتي يمكن ان تؤدي الى التصعيد في الشمال، خاصة على خلفية الانتخابات والوضع المتدني لحزب الليكود الحاكم في الرأي العام.

يشار الى ان إسرائيل تملك تاريخا طويلا في تنفيذ عمليات الاغتيال ضد قادة حزب الله وحماس وتنظيمات ارهابية اخرى. وفي العديد من العمليات تم استغلال الفرصة المواتية بعد تلقي معلومات استخبارية ساخنة.

وطرحت في السابق، ايضا، تساؤلات حول العلاقة بين الخطوات العسكرية والخلفية السياسية، عندما قامت إسرائيل بتنفيذ العمليتين العسكريتين "الرصاص المصبوب" في 2008، (قبل ثلاثة اشهر من الانتخابات)، و"عامود السحاب" في 2012 (قبل اربعة اشهر من الانتخابات). وكان التوجه الاسرائيلي ازاء الاضطرابات في سوريا ولبنان قد تميز حتى الآن بالحذر النسبي، واعلنت اسرائيل انها سترد فقط حين يتم اجتياز "الخطوط الحمراء"، كعمليات نقل الاسلحة من سوريا الى حزب الله، او المس بسيادتها. وفي عدة حالات تعرضت الى النيران من سوريا ولبنان فردت بهجمات موضعية، جوا وبرا.

ونسبت اليها عشر غارات جوية على الاقل، واغتيال مسؤول حزب الله حسن اللقيس في بيروت، دون ان تعلن مسؤوليتها. واوضح مسؤولون اسرائيليون في عدة فرص ان اسرائيل ليست جانبا في الحرب الاهلية السورية، وانها قلقة من اعمال القتل بين الجانبين هناك. ومن الصعب تخيل ان القائد العام للجيش بيني غانتس، او خليفته غادي ايزنقوط معنيان الآن بالتسبب بتصعيد واسع. مع ذلك لا شك ان عملية الاغتيال تشكل نجاحا عسكريا مثيرا في حد ذاتها، تخرج من ساحة المواجهة قياديين مجربين في حزب الله الى جانب قيادي شاب يعتبر رمزا.

وقالت وسائل الاعلام اللبنانية ان من بين القتلى، ايضا، القائد محمد عيسى. وتدعي اجهزة استخبارات غربية ان جهاد مغنية ركز خلال الأشهر الأخيرة شبكات الارهاب التي ادارها حزب الله ضد اسرائيل على الحدود السورية، وكانت مسؤولة عن سلسلة العمليات في مرتفعات الجولان.

وكما يبدو فان اثنين من القتلى يرتبطان بالقوات الخاصة في حزب الله التي تحدث عنها الامين العام حسن نصرالله مؤخرا على انها تعد لتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل في حال وقوع حرب. وكما يبدو فان الخطة العسكرية للتنظيم تشمل مهاجمة بلدات اسرائيلية على الحدود والسيطرة على بلدة ليوم او اكثر بهدف تحقيق معنويات عالية.

وقال نصرالله في الاسبوع الماضي لقناة الميادين ان العبوات التي زرعها تنظيمه في مزارع شبعا في ايلول الماضي، والتي ادت الى اصابة جنديين شكلت رسالة واضحة الى اسرائيل بأن المقاومة وان تجاوزت عدة خروقات الا انها لا تستطيع تجاوز خروقات معينة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]