أقيمت شعائر الجمعة المُباركة في جامع عمر المختار يافة الناصرة بحضور المئات من أهالي البلدة والمنطقة، ورغم تساقط الأمطار تعطرت الأجواء الايمانية، حيث قام القارئ الشيخ سليم خلايلة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوته الرائع على مسامع المصلين مما زاد خشوعًا، ثم قدَّم الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع الدرس وكان تحت عنوان "العفو"، وافتتحه فضيلته بحمد لله سبحانه وتعالى وعرَّج الصلاة على الرسول الكريم النبي مُحمد صلى الله عليه وسلم، وتمنى أن يجعل الله سبحانه وتعالى المطر خير ويُمن وبركة على جميع الناس، وقال: "موضوعنا هو ثلاث وصايا أوصى الله تعالى بها نبيه مُحمدًا عليه الصلاة والسلام، وهي لمن أراد الفلاح في الدارين في الدنيا والاخرة فعليه أن يجعلها نبراسًا ودستورًا ومنهج حياة، أجملها الله عز وجل بآيةٍ قصيرةٍ موجزة، لكنها في الواقع هي منهاجُ حياةٍ لكل مسلم بل اذا شئت فقل أوسع من ذلك لكل إنسان أراد الحياة المطمئنة وأراد السعادة في الدنيا والاخرة فعليه محاولًا مجاهدًا أن يجعل هذه الوصايا دستورًا له في حياته، ما هي تلك الوصايا؟، بسيطة جدًا، قال الله عزَّ وجل مخاطبًا نبيه ((خذ العفو وأُمر بالعُرفِ وأعرض عن الجاهلين))"، بعد ذلك شرح فضيلته الوصايا الثلاث.

وأضاف: "عندما الله عز وجل يأمر نبيه كذلك يأمرنا من خلال النبي عليه الصلاة والسلام، الله يخاطبه في القرآن ويقصد من خلال مخاطبته الأُمة إلى يوم القيامة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو همزة وصل بين الخالق وبين الخلق، العفو هو المسامحة، مسامحة المعتدي، لأن العفو من شيم الكرام، الذي لا يعفو هو لئيم والذي يعفو هو كريم أن تعفو عمن ظلمك هذه صفة لا يتمتع بها إلَّا قلة جدًا من الناس، العفو لا يستطيع الإنسان حقيقةً أن يجعله صفةً لازمةً في ذاته إلَّا إذا تربى عليه، إن يعفو الإنسان يكون مستثنى والاستثناء هنا ايجابي".
وتطرق إلى قصة أحد السلف يصب عليه خادمه ماء من الإبريق سقط الإبريق وكسر وذهب الماء فنظر إلى خادمه فقال له (لأحبسنك)، قال "يا أمير المؤمنين ولكن الله عز وجل يقول ((والكاظمين الغيظ))"، فهز أحد السلف رأسه، قال الغلام "يا أمير المؤمنين قال الله عز وجل في حق عباده ((والكاظمين الغيظ))"، فهز رأسه، قال "((والعافين عن الناس))" قال له (عفوت عنك)، قال "((والله يحب المحسنين))" قال "(أنت حر ولك ألف دينار)".
كما وألقى فضيلته الخطبة، وبعد مقدمة الحمد والشهادة بالله والرسول الكريم، دارت الخطبة عن الأخلاق والتي كانت سببًا في الدعوة للإسلام وانتشاره لما يحمله الدين الإسلامي من سماحة، وكانت تصب في فلك التسامح والعفو الذي نحتاجه في خضم ما نعيش اليوم في عالمنا العربي والاسلامي من حروب ونزاعات وتفكك اسري وقيمي. 

وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمة الماء التي جعلها سببًا للحياة أصلًا ودعا كما امطر أن يمطر على القلوب سحائب رحمته، وقال: "نعيش في ظلال وصية الله جل جلاله للنبي عليه الصلاة والسلام يوم أن أوصاه بثلاث وصايا موجزة مختصرة إلَّا أنها لخصت روح الدين كله، قال تعالى ((خذ العفو وأُمر بالعُرفِ وأعرض عن الجاهلين))، الذي يعفو يكتسب عدة أشياء منها يرتفع شأنه بين الناس، يرتفع شأنه عند رب الناس، يعيش بداخله بسلام، عكس العفو الحقد والحسد والغيظ".

ذاكرًا قول الإمام الشافعي وحديث للرسول الكريم، وأكد أنَّ العفو هي صفة لا يتمتع بها إلَّا كبار الناس والعفو من العُرف، وأشار موقف للرسول الكريم العفو عن الاخرين، داعيًا الاقتداء بالرسول الكريم وتساءل لماذا امته تعيش في بحر من القتل وسفك الدم والحقد والحسد والتشرذم وهو أرحم الناس بالناس، أين واقعنا منه؟"، مستعرضًا آيات من الذكر الحكيم عن العفو والصفح، واختتم بحديث رجل يؤتى يوم القيامة كان تاجرًا كان له للناس حقوق اذا أرسل غلامه لجمع ماله الغلام يقول لخادمه (يا هذا خذ ما تيسَّر وأعفُ وسامح باسمي عمَّا تعسر)، النبي قال (جيء بهذا التاجر فوقف أمام الله عز وجل) الله يقول للملائكة (انصبوا له الميزان) فتقول الملائكة (يا ربنا ولِمَ) فيقول (كان يعفو عمَّا فضل من حقه فهو ليس أكرم مني الان أعفو عنه خذوه إلى الجنة قد غفرت له). 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]