قال الروائي الفلسطيني الشاب الدكتور عاطف أبو سيف، الذي رشحت روايته "حياة معلقة" والتي تتناول الحياة في قطاع غزة في ظل الحصار إلى جائزة القصة القصيرة العالمية "البوكر"، أنه أراد من خلال هذه الرواية كسر الحصار المفروض على قطاع غزة والمساهمة نقل معاناة أبناء شعبه بنصوص أدبية إلى العالم.

وأضاف أبو سيف في حديث خاص لـ "بكرا"، إنه لا يمتلك نسخة من روايته 'حياة معلقة'، المرشحة للجائزة العالمية للرواية العربية، بسبب الحصار، أن الرواية طبعت في الأردن، منتصف العام الماضي، وبسبب الحرب والحصار، المفروض على قطاع غزة، لم تصل نسخة من الرواية إلى القطاع.

وفي القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية لعام 2015، أدرجت الرواية، ضمن ست عشرة رواية مرشحة للفوز بالجائزة، وكانت 180 رواية من 15 دولة عربية قد تقدمت لهذه الجائزة. وصدرت رواية أبو سيف عن دار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن.

وأكد ابو سيف ، أن دور المثقف لا يقل أهمية ، عن باقي مكونات أي مجتمع ، بل المثقف هو الرائد والطليعي والسهم الأكثر دقة لكسر جدران العزلة ، وتفكيك حقول القهر ، بإخراج رسالته الى البعيد المفتوح من الوطن المسيج بالحصار، كي تصبح الحياة المعلقة في قطاع غزة ، صورة بمقاييس كبيرة على جدران الدنيا بأسرها.

ويزيد ابو سيف تعبيراً عن سعادته بوصول روايته الى القائمة القصيرة، للجائزة العالمية للرواية العربية، أنها ليست الغاية بل شعبي وانهاء معاناته واعطائه حقوقه كاملة غير منقوصة هي الغاية، ولأن المثقف ضمير شعبه والمدافع عن حقوقه ، في كل ميدان ، وجبت سعادتي بإيصال صوت شعبي الى العالم من خلال روايتي ، والحصار لا يقهر الابداع ، فكم من سجين أصبح أديباً من خلف القضبان، ولكن للسماء وعد أن نواصل النحت الابداعي في حضارات تدعي ما ليس فينا".

ماذا تمثل الجائزة للروائي أبو سيف

وعن ماذا تمثل الجائزة له قال أبو سيف: "من المؤكد أنني كاتب سعدت بترشح الرواية إلى جائزة البوكر العالمية، وعندما كتبت الرواية لم يكن في قصدي أن تترشح أو تنافس أو تصعد في التصفيات، ولكني سعيد أن الرواية نجحت في اختراق الحواجز وأن تقدم نفسها للقارئ بطريقة جيدة، ومن المؤكد أن ترشح الرواية يزيد الضوء على الروايات الفلسطينية وتحديدا الروايات الشابة ويزيد تسليط الضوء على الأدب في غزة المحاصرة التي تتعرض لحروب مستمرة، وسعيد أن روايتي استطاعت أن تلفت الانتباه وأنا ككاتب سعيد لأنني لا أكتب لنفسي بل أكتب من أجل يتفاعل القراء معها وجائزة البوكر ذات مكانة رفيعة في عالم الأدب العربي والعالم.

وقال أبو سيف إن الكاتب هو نتاج بيئته وعندما تكتب عدة ما تبدأ من بيئتك، فالأدب الحقيقي هو أدب الواقع الذي يعبر عن المجتمع الذي يعيش فيه الكاتب، وأن ككاتب فلسطين أعيش في قطاع غزة فكل أعمالي بنت البيئة الفلسطينية في غزة وتصف واقع الحال في قطاع غزة، وإسم الرواية يصف واقع غزة بطريقة غزة فواقع غزة معلق، بانتظار فك الحصار والنصر وكل الاشياء معلقة في حياتنا لأننا أصحاب حق ضائق لم يضيع بل معلق بانتظار لحظة تحقيقه ومن المؤكد أن الكاتب لديه مشروع رواية وهي جزء من أعمل اخرى كلها ستعرض الجوانب المختلف للحياة وللناس في غزة وفي فلسطين.

الانقسام الفلسطيني والأدب

وعن الانقسام الفلسطيني قال أبو سيف لــــ"بكرا"، إن الانقسام هو أسوء ما حدث للشعب الفلسطيني وهو نقطة سوداء في جبين الوطن الفلسطيني لانه يلهي الفلسطينيين عن القيام بواجباتهم الوطنية ومن المحزن أن تكون الثقافة أبخس ضحايا الانقسام، فلا يوجد ما يصرف على الثقافة مقارنة ما يصرف على الأمن وبعض الخدمات الاخرى، فالثقافة حيطها واطي في فلسطين يتم ركوبها وتجاهلها فيما يجب أن ينظر للثقافة كرافعة من روافع الوحدة، وليس جزء من الانقسام الفلسطيني، فالانقسام كما لم يميز بين المصلحة الحزبية والوطنية والصالح العام والنكسات والخيبات التي قد نصاب بها كذلك لم يميز بين الثقافي والسياسي ووقعت الثقافة ضحية للسياسة.

الخروج من غزة وإمكانية العودة لها

وعن خروجه من غزة بعد موافقة حماس قال الدكتور أبو سيف لــ"بكرا": "انا منعت من السفر من مغادرة قطاع غزة للاتحاق بزملائي الذين ذهبوا للمغرب ضمن فعاليات إعلان عن الرواية، وهو منع مدان ومرفوض ولكنني شخصيا مدين لكثير من زملائي الكتاب والمثقفين وعلى رأسهم القيادي في حماس أحمد يوسف الذي كتب مقال عن حقي في التنقل وبد عملية الضغط التي قام بها المثقفون تم السماح لي بالسفر وهذا يعني أن هناك يقظة تجاه الثقافة تقول أن هناك روح فلسطيني حية ولا يمكن لكل آليات البطش والقمع أن تزيلها".

وأضاف أنه خرج من قطاع غزة بعد موافقة حماس على خروجي من غزة ولا أخشى العودة لغزة، ولا أرى لي مكان غير غزة وأن لا أرغب بالعيش سوى بهذا الجزء من الوطن وهو الجزء الذي يدور به عالمي الروائي الذي أكتب عنه

نبذة عن الرواية المرشّح "حياة معلقة"

تتحدث 'حياة معلقة' عن موت نعيم، صاحب المطبعة الوحيدة في المخيم، برصاصة الجيش. ونعيم الذي اعتاد أن يقوم بطباعة بوسترات الشهداء في المخيم، يرفض ابنه أن تتم طباعة بوستر له، في نقاش عميق حول مفهوم البطولة والجدل حول الاشتباك مع الحياة أو نفيها. لكن هذا الموت العادي يغير الكثير من تفاصيل الحياة في الحارة الهادئة الواقعة على تخوم المخيم، حيث ترقد التلة التي بنى نعيم عليها بيتا. موت يقلب حياة الناس وتفاصيلهم. فالحكومة تريد أن تستغل التلة وتبني عليها مخفرا للشرطة ومسجدا. وحيث إن التلة تحظى بمكانة خاصة في وعي الناس فهي ليست تلة كما يقول المختار بل هي جبل، فعليها حطت خيام سكان المخيم مباشرة بعد النكبة، ومن فوقها قتل أول جندي حين احتلت إسرائيل المخيم. عارض سكان المخيم المشروع وقاوموه حتى وصل الأمر للصدام مع الشرطة.

وكما بدأت الرواية بجنازة نعيم تنتهي بجنازة الحاج الذي يفيق من الموت ثم يعود إليه في حصر للحياة بين موتين يهزان المخيم.

وعبر فصول متنوعة في مستويات السرد وتقنياته تنكشف أمام القارئ الكثير من تفاصيل الحياة في غزة كما نعرفها ويعرفها الكاتب، كما يتم استدعاء يافا موطن اللاجئين عبر استرجاعات زمنية ومفارقات سردية وحكايات متداخلة ترسم بصورة مفصلة عالما مدهشا تتفاعل شخوصه وتتجادل وتصارع في إعادة تركيب لمفهوم الهوية. والبطولة والحياة.

تبدأ الرواية بجملة مثيرة تلخص كل الرواية تقول: ولد نعيم في الحرب ومات في الحرب أيضا ليس في ذلك من صدفة.

هكذا كما يقول أبو سيف، 'فإن حياتنا معلقة بين موتين. نحن نولد في الحرب ونموت فيها. ما ترمي إليه الرواية هو رصد التحولات الكبيرة التي ضربت غزة خلال العقود الثلاثة الماضية، تحديدا مع مسحة سريعة إلى مجمل التحولات التي هزت المكان خلال مسيرة العقود الأخيرة، وهي تحولات تنكشف بوضوح من خلال تفاعل سكان الحارة في المخيم مع التطورات التي تطرأ عليهم. غزة حاضرة بقوة في الراوية بشوارعها ومقاهيها وناسها كما هي حاضرة في تفاصيل حياة هؤلاء الناس، كما أن مجمل التحولات السياسية تجد أثرها في علاقات القوة في المجتمع والعلاقات الاقتصادية والثقافية وصراع الهوية والبحث عن البطولة'.

من هو الروائي عاطف ابو سيف؟

ولد عاطف أبو سيف في مخيم جباليا عام 1973 لعائلة هاجرت من مدينة يافا. حصل على بكالوريوس من جامعة بيرزيت، وماجستير من جامعة برادفورد بإنجلترا، ودكتوراه من جامعة فلورنسا بإيطاليا. يعمل أستاذا للعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ويرأس تحرير مجلة سياسات الصادرة عن معهد السياسات العامة في رام الله.

وصدر لعاطف أبو سيف مجموعة من الروايات: ظلال في الذاكرة (الأمل للطباعة والنشر، غزة. 1997)، حكاية ليلة سامر (الأمل للطباعة والنشر، غزة. 1999)، كرة الثلج (اتحاد الكتاب الفلسطينيين. القدس 2000)، حصرم الجنة (المؤسسة الفلسطينية للإرشاد القومي، رام الله 2003. شرقات، القاهرة 2006).

إلى جانب ذلك، صدرت له مجموعتان قصصيتان: الأشياء عادية جدا (اورغاريت، رام الله 2004)، حياة ميتة: قصص من زمن غزة (الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2013).

كما كتب أبو سيف ثلاث مسرحيات: السيد بيرفكيت (من إنتاج مؤسسة فكرة وإخراج حسين الأسمر)، في شي عم بيصير (من إنتاج مؤسسة فكرة وإخراج إبراهيم المزين)، كل شيء تمام (من إنتاج مؤسسة فكرة وإخراج حسين الأسمر). ويكتب عاطف أبو سيف مقالا أسبوعيا في جريدة الأيام الفلسطينية.

صدر له مجموعة من الكتب البحثية في العلوم السياسية منها: المجتمع المدني والدولة: قراءة تأصيلية مع إحالة للواقع الفلسطيني (الشروق، عمان 2005)، الإتحاد الاوروبي وإسرائيل: الشراكة الناعمة (مركز مدار، رام، الله 2011)، علاقات إسرائيل الدولية (مركز مدار، رام الله+ الأهلية، عمان 2014).

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]