قال القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، في مقابلة قدّمها لموقع "newsweek"، والتي نُشرت امس، أنّه ينوي القيام بكلّ ما يمكنه من أجل العودة إلى أراضي السلطة الفلسطينية والترشّح للانتخابات إذا ما تمّ الإعلان عنها.

وبحسب الصحيفة فإن دحلان يقول انه سيكون رئيس فلسطين القادم .

وقال في تصريحات نقلتها عنه مجلة "نيوزويك" الأمريكية، إنه يستخدم علاقاته في القطاع والمال من أجل استعادة أهميته في قطاع غزة، الذي خرج منه بعد سيطرة حركة حماس عليه عام 2007، مشيرا إلى أن "أهل غزة هم ضحايا حماس وإسرائيل وعباس". وأضاف: "كلهم يتحدثون عن معاناة الناس، لكن لا أحد يفعل ما يكفي".

وتبين المجلة أن دحلان يجمع المال من دول الخليج ويوزعها على الغزيين، من خلال جمعية خيرية تديرها زوجته. ويقوم بالضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كي يفتح الحدود بين غزة وسيناء؛ حتى يتم التخفيف على أهل غزة بسبب الحصار المفروض على القطاع.

ويشير التقرير إلى أنه عندما فتحت مصر الحدود ولأيام قليلة، كتب دحلان على صفحته على "فيسبوك" ناسبا السبق لنفسه، وقال إن "فتح معبر رفح هو خطوة أولى من إجراءات تبنتها القيادة المصرية خلال زيارتي إلى مصر، وتهدف إلى تخفيف المعاناة عن أهلنا".

بلطجي

وترى المجلة في التقرير الذي أعده دان إيفرون، حيث قابل دحلان في بيته الباذخ في أبو ظبي، أن دعم الفلسطينيين لدحلان أمر غير مؤكد. فنقاده يصورونه بلطجيا قام بسجن معارضيه، وأثرى نفسه من خلال العمولات الجانبية التي تلقاها من العقود الكبيرة التي عقدت بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ويذكر إيفرون أن آخرين يربطونه باتفاق أوسلو في التسعينيات من القرن الماضي، وهو الاتفاق الذي رفع من آمال الفلسطينيين بالحصول على الاستقلال، ولكنه لم يحقق شيئا.

وتجد المجلة أنه في الوقت الذي لا يزال فيه دحلان يؤمن بحل الدولتين، إلا أن الكثير من الفلسطينيين يؤمنون باستحالته، فنسبة 58% منهم ترى أنه ليس عمليا، بحسب استطلاع المركز الفلسطيني للدراسات المسحية والاستطلاعات في رام الله.

موالون

ويرى الكاتب أنه بالرغم من ذلك، إلا أنه من الخطأ استبعاد دحلان من المعادلة السياسية، فهو يتمتع بكادر من الموالين في المناطق الفلسطينية، وعدد منهم كانوا يعملون في قوات الأمن. ففي تظاهرة نظمت في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي شارك فيها عدة آلاف من مؤيدي دحلان، وهو عدد مهم في منطقة تحكمها حركة حماس.

وتنقل المجلة عن نبيل كوكالي من المركز الفلسطيني لاستطلاعات الرأي، قوله: "هناك شعور بأنه يعمل شيئا لغزة"، وهو ما يزيد من الدعم له.

ويشير التقرير إلى حياة دحلان، حيث نفته إسرائيل مع الانتفاضة الأولى عام 1987، وعاد إلى غزة عام 1994. وفي سنوات النفي القليلة دخل في صفوف القيادة الفلسطينية، وأصبح مقربا من الرئيس ياسر عرفات، الذي عينه مسؤولا للأمن الوقائي في غزة، كما عينه في الوفد المفاوض. وفي فترة التسعينيات عندما وصل عدد قوات الأمن إلى 20 ألف عنصر أصبح رصيدا ثمينا للوكالات الأمنية الإسرائيلية والأمريكية. وبنى دحلان علاقات مع مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية جورج تينت.

وتستدرك المجلة بأن تراجع الثقة بمعاهدة السلام وصعود حركة حماس، التي شنت سلسلة من الهجمات الانتحارية، دفعا به إلى اعتقال عدد من ناشطيها بطريقة عشوائية وتعذيبهم، وهي اتهامات ينفيها. ويتهم دحلان إسرائيل بتدمير محادثات السلام "من خلال أفعال الإسرائيليين على الأرض قضوا على فكرة حل الدولتين". ولكنه يرى أن الفلسطينيين ارتكبوا أخطاء، منها رفض الرئيس عرفات مبادرة الرئيس كلينتون للسلام عام 2000، وبرأيه أن هذا "كان خطأ".

سنة الحسم 2007

ويذكر التقرير أن نقطة التحول في مسيرة دحلان كانت أحداث عام 2007، التي أخرجت حركة فتح من غزة. وكان دحلان أثناء المواجهات في ألمانيا، حيث أجرى عملية للركبة، ولكن لم يعف من المسؤولية، وأثرت الأحداث على علاقته برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث تبادلا الاتهامات علانية. وتبع ذلك طرد عباس لدحلان من قيادة فتح، واتهمه بسرقة الملايين، وفي أحاديث خاصة سربت لاحقا اتهم دحلان بضلوعه في وفاة عرفات الغامضة.

وتلفت المجلة إلى أن غالبية الفلسطينيين تعتقد أن إسرائيل تواطأت مع عملاء داخل حلقة عرفات الضيقة، وقامت بتسميمه. ويقول دحلان إنه يشك في ضلوع إسرائيل في هذا الأمر، ولكنه يضحك من فكرة أدائه دورا في قتل عرفات.

مرتشٍ

ويبين التقرير أن دحلان يهاجم عباس بالطريقة ذاتها، ويقول إن الرئيس عرفات رفض تلقي العلاج في باريس في المراحل الأولى من مرضه؛ لخوفه من استيلاء عباس على السلطة في غيابه.

وتفيد المجلة بأن دحلان طرح أسئلة حول أموال نجلي الرئيس عباس، وهما رجلا أعمال حصلا على عقود أمريكية لتنفيذ مشاريع في الضفة الغربية أثناء حكم والدهما. ويقول: "لأنني أعرف الحقائق يكرهني أبو مازن، وأفهم هذا، وليس لديه الحق باتهامي بالفساد مثله".

ويورد التقرير نفي مسؤول فلسطيني الاتهامات ضد عباس، متهما دحلان بمحاولة حرف الانتباه عن أخطائه. وقال إن حديث دحلان عن محاولات عباس السيطرة على السلطة لا تستحق الرد. أما بالنسبة لنجلي عباس، فاعتبر تلميحات دحلان بأنها جزء من المحاولات الثأرية التي يقوم بها ضد عباس ليس إلا.

ويرى غسان الخطيب، الذي عمل في حكومة عباس، أن الاتهامات المتبادلة هي صورة عن صراع السلطة، لدرجة لم تعد فيها الاتهامات مهمة؛ "لأنه من الصعب التأكد من صحتها، إنها منافسة على السلطة والمسؤوليات"، بحسب المجلة.

فيلا فارهة

ويقول إيفرون إنه "لا مكان مختلفا عن قطاع غزة أكثر من أبو ظبي، الإمارة الثرية بناطحات السحاب وسباقات السيارات ومتحف اللوفر الخاص بها، ومع ذلك فدحلان (53 عاما)، ابن غزة السياسي المنفي، يبدو مرتاحا هنا".

ويصف الكاتب البيت الذي يعيش فيه دحلان، مشيرا إلى اللمعان الذي يشع من البلاط والزجاج والثريا المعلقة من سقوف الغرف، وقد علقت عليها اللوحات الفنية. وفي اللقاء معه قال دحلان إن محل الإقامة المرفه في أبو ظبي هو مؤقت، وهو محطة انطلاق إلى العودة. فهو يعيش في أبو ظبي منذ أربعة أعوام، أي بعد طرد رئيس السلطة الفلسطينية عباس له من الحزب الحاكم "حركة فتح"، الذي وجه له اتهامات بالفساد وتشويه سمعة الرئيس.

وتؤكد المجلة أن الخلاف بينهما قد أثر على مسيرة دحلان السياسية، بعد 20 عاما من العمل السياسي، كان خلالها مسؤولا للأمن في غزة، ومستشارا للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وعضوا في فريق المفاوضات مع الإسرائيليين ووزير داخلية في حكومة عباس. والآن يحاول خلافة عباس. وقال: "أعيش حياة جيدة هنا، ولكن صدقني قلبي هناك"، و "لو حصلت انتخابات لعدت مباشرة".

من سيخلف عباس؟

ويجد الكاتب أنه بالرغم من أن الانتخابات بعيدة من الآن، إلا أن مناورات دحلان تثير الانتباه في ظل حالة عدم وضوح الرؤية المتعلقة بمن سيخلف الرئيس عباس. فرئيس السلطة الفلسطينية، الذي تسلم السلطة عام 2004، سيبلغ من العمر في الشهر المقبل 80 عاما، ومن المعروف عنه التدخين المفرط ولديه مشاكل صحية، ورغم ذلك لم يسم خليفة له.

ويعتقد إيفرون أن هذا كله يضاف إلى حالة الضبابية التي يعيشها الفلسطينيون، وبالنسبة للأمريكيين والأوروبيين فهذا الوضع يفتح مجالا لفراغ السلطة، يمكن لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" استغلاله.

ويشير التقرير إلى أن مسألة عودة دحلان للمشاركة في الانتخابات تظل غير مؤكدة، خاصة أن محكمة فلسطينية أدانته العام الماضي غيابيا بتهمة تشويه سمعة السلطة، حيث اتهم قوات الأمن بأنها "تساعد المستوطنين"، وحكمت عليه بالسجن عامين. وفي قضية ثانية لا تزال تحت النظر يتهم دحلان بسرقة 17 مليون دولار أمريكي من الأموال العامة، ووكل دحلان محاميا فرنسيا للدفاع عنه، ولكنه أكد أن المحاكم هي أداة في يد السلطة، ولهذا فقراراتها "ليست مهمة".

ويبين الكاتب أنه حتى لو عاد دحلان دون مشكلات، فالانتخابات ليست واردة حاليا، فقد انتهت ولاية عباس عام 2009، وبعدها بعام انتهت ولاية المجلس التشريعي. ويقول عباس إنه لا انتخابات دون مصالحة بين حركتي حماس وفتح، وتوحيد الضفة وغزة.

ويرى الخطيب، الذي يعمل محاضرا في جامعة بيرزيت، أن المصالحة أصبحت ذريعة للتهرب من الانتخابات بسبب موقف كل من حركتي حماس وفتح الضعيف، ويقول: "يقولون إنهم لا يستطيعون عقد انتخابات بسبب الخلافات، ولكنني أعتقد أن هذا الكلام هو ذريعة"، وفق التقرير.

استشارات

وتذهب المجلة إلى أنه بالنسبة لدحلان فقد يكون تأخير الانتخابات فرصة لتوجيه طاقاته لمكان آخر، فمن أبو ظبي يدير شركة استشارات تدير نشاطات في معظم أنحاء العالم العربي وفي أوروبا. وفي العام الماضي منحته صربيا وعائلته جنسيتها؛ لخدماته التي قدمها وفتحه مجال الاستثمار في بلغراد.

وتختم "نيوزويك" تقريرها بالإشارة إلى أن دحلان بعد سنوات من التحارب عقد اجتماعات مع منافسيه من حركة حماس في أبو ظبي ومصر، ولكنه نفى أن يكون التقى مع وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في باريس. بل ويخطط لتشكيل حكومة وحدة وطنية بين حركتي حماس وفتح، بناء على المبادرة العربية، ويقول: "قلت لهم هناك خلاف بيننا، ولكن ما يجمعنا هو نجاة الشعب الفلسطيني".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]