نجحت القائمة المشتركة في عبور المرحلة الأولى والمهمة في مسيرتها لموضعة نفسها قوة ثالثة في الكنيست مع ما يقتضيه ذلك من حضور سياسي وإعلامي محلي ودولي، كما وكرست نفسها كممثل سياسي شرعي لعامة الجماهير العربية في البلاد حيث حازت على الأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين العرب أكثر من 85% ، في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة التصويت عند العرب إلى ما يقارب من 65%.

يمكننا أيضا أن نضيف إلى رصيد القائمة المشتركة أنها نجاحها في أن تجمع أطراف المجتمع العربي السياسية والدينية وتضعها في سياق مشروع واحد أمام سلطة وقوى عنصرية وفاشية تمارس الاحتلال والعدوان والتمييز وسلب الحقوق ضد أبناء شعبنا الفلسطيني عامة. ان هذا الاصطفاف الشعبي والحزبي يمثل سابقة ونموذجا لعالم عربي مفتت ووطن فلسطيني منقسم على نفسه.

أعود واكرر ما كنا نقوله في الانتخابات إن هذا النجاح لا يعد انتصارا لفئة المشاركين على المقاطعين ولا لوجهة نظر على أخرى - اعتقد أننا تجاوزنا هذه المراهقة - ولكنا نعتبر هذا النجاح لبنة أساسية في مسيرة أشمل لبناء جماعة وطنية فلسطينية في الداخل منسجمة مع بعضها إلى حد بعيد، تتواصل وتتحاور وتتعاون في سياق مشروع نضالي وحدوي وطني شامل، تمثل لجنة المتابعة العليا مرجعيته السياسية والتنظيمية العليا ويمتد عبر المجتمع الفلسطيني بأذرعه المباشرة من سلطات محلية وأحزاب وحركات فاعلة، وأذرعه غير المباشرة من مؤسسات المجتمع المدني العربي وشخصيات أكاديمية وسياسية ومجتمعية.

القائمة المشتركة لم ولن تكون بديلا عن الإطار الجامع للجماهير العربية، وعليه فقد كان من الضروري أن يطلق المجلس المركزي للجنة المتابعة في اجتماعه يزم السبت الماضي دعوة للبدء في حوار جدي جامع يهدف إلى بلورة مسار جديد للجنة المتابعة ولدورها المستقبلي من خلال تطوير نظامها الداخلي واعتماد آليات ديمقراطية ومؤسسية لإدارتها ، والاهم من ذلك أن تعبر عن مشروع وطني وحدوي يلبي طموح أبناء شعبنا على مستوى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، وكذلك يتصدى لسياسات السلطة الإسرائيلية العنصرية ويشتبك معها من اجل حقوقنا القومية والمدنية في الداخل.

ان التحديات والعقبات التي وقفت وما زالت تقف أمام القائمة المشتركة هي نفسها التي سنواجهها في مسيرة الحوار والبناء للجنة المتابعة، ولا أتصور نجاحا للقائمة المشتركة ولا للجنة المتابعة بغير تجاوزها ومعالجتها:

أولا : الخروج من عباءة الفصيل والحزب والطائفة والدخول في عباءة الجماعة الوطنية الواحدة، والمقصود ليس التنكر للانتماء الحزبي والفكري وإنما ان نرى أنفسنا فصيلا في جماعة وطنية مع ما يقتضيه ذلك من أولويات عمل وترتيب دوائر انتماء وتقديم مصلحة الجماعة ليس فقط على الفرد وإنما على الفصيل.

ثانيا: القبول بالآخر وتقبل الرأي المخالف حتى لو لم تتفق معه ، اذ ليس من المعقول ولا المقبول انه في كل مرة نختلف سيكون الحكم النهائي إما التخوين أو التكفير أو التشكيك بمصداقية ونزاهة الآخر.

ثالثا: القبول بمبدأ الشراكة والتعاون وتقاسم الأدوار وتكاملها وعدم السعي للاستحواذ وفرض الهيمنة والرأي والموقف أو ان يكون خيار التعطيل للعمل والنظام هو سيد الموقف، اذ ليس من المعقول ولا المقبول أن تتحول لجنة المتابعة أو القائمة المشتركة إلى جناح تابع لفصيل أو فئة مهما عظم دورها كثر سوادها.

رابعا: تجاوز حساسيات الخلاف والاختلاف في الماضي والحاضر والنظر الى المستقبل وتحمل المسؤولية وبناء جسور الثقة والمصالحة بعد كم الاتهامات والتهجمات خلال الفترة الماضية، وهذا لا يعني عدم المراجعة والمعاتبة والسعي لتسوية ما تراكم منها.

نحن جميعا بحاجة إلى الخروج إلى طريق جديدة عنوانها الوحدة والتعاون والتعاضد والتكافل نتجاوز بها مرحلة الانقسام والمزاودات والتهجمات ونقف سويا أمام تحديات المرحلة القادمة وما تحمله من مخاطر على قضية شعبنا الفلسطيني ووجودنا في وطننا وعلى أرضنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]