يدخل العدوان السعودي على الشعب اليمني يومه الرابع ، فيما تشير كل القرائن على الارض ، ان السعودية وقعت في فخ اليمن ، اما بسبب تحريض امريكي او بسبب غبائها السياسي المزمن ، وكلاهما لا يغير من مصير هذا العدوان شيئا ، فالهزيمة المرة التي ستلعقها السعودية وبسرعة قياسية هو المصير الوحيد الذي يمكن توقعه.

وان كان الدور الامريكي لا يمكن تجاهله ، الا ان السياسة السعودية ، ضيقة الافق والغرائزية المبنية على العصبية والانتقام والثأر والتعالي والغطرسة والتسرع ، لعبت دورا كبيرا في القرار الذي اتخذ بالعدوان على الشعب اليمني ، الذي لم يهدد في تاريخه السعودية ولا اي بلد اخر الا انه في المقابل شعب ابى الضيم ، ومن الصعب جدا اخضاعه بالقوة ، والتاريخ الحديث والقديم لليمن يؤكد هذه الحقيقة.

ان الكثير من المراقبين للمشهد اليمني والنظرة الاستعلائية للسعودية للشعب اليمني ، يؤكدون ان الكيل قد طفح بالشعب اليمني ، ولم يعد يتحمل التدخل السعودي في شؤونه ، بسبب التداعيات الكارثية التي افرزها هذا التدخل على مدى عقود على اليمن والشعب اليمني ،الذي تحول الى بلد فقير معدم ، لذلك قرر التحرر والانعتاق من التبعية للسعودية ، فجاء الجواب ، هجوما جويا جبانا وغادرا ، تحت ذرائع تدين السعودية ومن وقف معها في هذا العدوان.

هؤلاء المراقبون ، يشبهون الورطة السعودية في اليمن بورطة الاتحاد السوفيتي السابق في افغانستان ، فالتدخل السوفيتي في افغانستان جاء ايضا بذرائع واهية ، الا انه تحول الى نقمة على الاتحاد السوفيتي ، الذي غرق في المستنقع الافغاني ، فانهك جيشه ، واضعف اقتصاده ، وارتد هذا التدخل سلبا على الداخل السوفيتي ، فلم يمر عقد من الزمان حتى انهار ، تحت ضربات سياساته الخاطئة.

اليوم المتتبع للسياسة السعودية في اليمن والمنطقة ، يلحظ وبشكل لافت ، محاولات السعودية للقيام بدور اكبر بكثير من امكاناتها الذاتية ، في اكثر من بلد في منطقتنا ، لاسيما اليمن ، مدفوعة بقصورها السياسي ، وبالوعود المزيفة عن التحشيد العسكري ، الذي اعلنت عنه بعض الحكومات العربية والاسلامية للوقوف الى جانبها في غزواتها وعدوانها على الشعب اليمني ، طمعا بمالها ونفطها ، وبتحريض امريكي ، هو الذي سيجعلها ترتكب ذات الخطا الذي ارتكبه الاتحاد السوفيتي السابق.

عوامل كثير تجعل مستقبل المملكة العربية السعودية ، على كف عفريت ، وقد تنهار في اي لحظة وتتلاشى ، في حال ما تمادت في عدوانها ونفذت تهديداتها بالاجتياح البري للاراضي اليمنية ، ومن هذه العوامل :

-عدم قدرة الجيش السعودي على شن حرب برية طويلة الامد.
-عدم قدرة الجيش السعودي على استخدام الاسلحة الحديثة التي يمتلكها بالشكل الصحيح.
-عدم قدرة المجتمع السعودي على تحمل سقوط اعداد كبيرة من القتلى بين الجيش السعودي.
-عدم قدرة الجيش السعودي على مواجهة حركة انصارالله التي تستخدم اسلوب حرب العصابات.
-الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به السعودية ، بسبب انخفاض اسعار النفط ، وهو مادفعها لاستخدام صندوقها السيادي.
-وجود حالة من التذمر في المجتمع السعودي ، ازاء الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وعدم وجود اي منفذ حتى صغير لحرية التعبير.

-الفشل المزمن الذي تعاني منه السياسة السعودية في العراق وسوريا ولبنان وحتى في ليبيا واليمن وغيرها.
-عدم قدرة الحليف الامريكي لحماية السعودية في حال ما نشبت فيها ازمة سياسية ، وهو ما بدا واضحا لدى تخليها عن حليفيها السابقين حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس.

-عدم قدرة النظام السياسي السعودي على التاقلم مع التطورات التي يشهدها العالم والتطورات المجتمعية في السعودية ، وتمسك هذا النظام بالاساليب الاستبدادية والقمعية ، ضد المثقفين وعلماء الدين الذين يرفضون الرؤية الوهابية للدين ، والمرأة والاقليات.
-عدم قدرة الوهابية لمواكبة الحياة ، وظهورها كعقبة كاداء امام التطور والاندفاع الى الامام.
-فقد المال السعودي سحره لدى اليمنيين ، فلم يعد هناك ، الا القليل جدا ، من يمني النفس بهذا المال ، الذي اساء كثيرا لليمنيين وثقافتهم وتاريخهم .
-حركة انصار الله ، لم تعد مجموعة محرومة مستضعفة ، كما في السابق ، بل تحولت الى حركة قوية سياسيا واجتماعيا وعسكريا ، لا يمكن تجاهلها او القضاء عليها.

-حركة انصار الله تمثل جانبا من جوانب الرفض الشعبي للعدوان السعودي ، فلم تعد حركة انصارالله وحيدة في مواجهة هذا العدوان ، فالجيش اليمني وباقي الاحزاب والتنظيمات الثورية الاخرى ، بالاضافة الى الغالبية الساحقة للشعب اليمني هي مع الخيار الوطني ، وهو خيار انصارالله ، في التصدي للعدوان السعودي.

-طبيعة الشعب اليمني الرافضة للذل والاستسلام والمهانة والخنوع ،ستجعل هذا الشعب لايرد على العدوان البري في حال حدوثه ، بل سيعمل على استعادة ، نجران وعسير وجيزان ، وهي اراض يمنية قضمتها السعودية وضمتها الى اراضيها .

-الخريطة السياسية في المنطقة والمعادلات الاقليمية والدولية ، وصراع المحاور ،والازمات التي تعصف بالمنطقة ، يجعل من الصعب جدا ان تستفرد السعودية باليمن وتقتل وتدمر، كما في السابق ، دون ان تدفع ثمنا باهظا وباهظا جدا.

كل هذه العوامل الى جانب عوامل اقليمية ودولية اخرى ، ستجعل المغامرة السعودية في اليمن ، ترتد على السعودية وبقوة رهيبة ، بالشكل الذي لن يكون بمقدورها احتواء ارتداداتها ،وعندها ستكون نجران وعسير وجيزان ، هي اقل الاثمان التي يجب ان تدفعها السعودية من اجل التكفير عن طيشها وغرورها ، عندها فقط سيلمس السعوديون ، بعد فوات الاوان ، لمس اليد ان "عاصفة حزمهم" لم تكن سوى عاصفة في فنجان.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]