"حقوق المواطن" في التماسها:
"اقصاء المواطنين العرب من الحيز العام ومن مرفق تربوي وتثقيفي يتم تمويله من المال العمومي، هو مسٌ بحقهم في المساواة والكرامة، وبحقهم في اللغة والتعليم، وبحقهم في الحصول على حصتهم من الموارد العامة والبلدية على نحو متساوٍ"

مكتبة منفصلة للعرب؟ نعم ولكن؛
"فصل الحيز والسكان وفق انتمائهم القومي هو فصل مرفوض وغير قانوني ويناقض الحق الدستوري للمساواة"


قدّمت جمعية حقوق المواطن صباح اليوم، 30.3.2015، التماساً إدارياً للمحكمة العليا بإسم مواطنين عرب ضد بلدية نتسيرت عيليت ووزارة الثقافة والرياضة، مطالبةً إياهم بتوفير كافة الخدمات المكتبية المتاحة في المكتبات العامة في المدينة للمواطنين العرب وبلغتهم الأم.

وجاء في الالتماس الذي قدمته المحامية نسرين عليّان والمحامي عوني بنا من جمعية حقوق المواطن، انّ المكتبة العامة في نتسيرت عيليت تشمل مكتبة مركزية أقيمت عام 1990 في المركز الجماهيري "بركوفيتش"، فيما أقيم خلال السنوات الماضية فرعان اضافيان، أحدهم في مدرسة "كسولوت" بناءً على طلب جمهور القراء الناطقين بالروسية، وتم تدشين الآخر عام 2010 عند اقامة المركز الجماهيري على اسم "جرين" في حي "هار يونا". وتحتوي المكتبات الأربعة على 70 ألف كتاب ومجلة في مجالات عدة وبلغات مختلفة، منها العبرية والانجليزية والروسية وحتى الاسبانية والفرنسية، ولا يوجد كتاب واحد كُتب باللغة العربية.

إقامة مكتبة منفصلة للمواطنين العرب: نعم، ولكن!

وشدّد الملتمسون على ان موقف ادارة البلدية المعارض لإقامة مدرسة عربية في المدينة، والاعلان غير الواضح عن إقامة مكتبة منفصلة للمواطنين العرب، والتي لم تقم حتى اللحظة، يشير الى ان البلدية تعارض اقامة أية مؤسسة ثقافية او اجتماعية عربية في المدينة، وانّ معارضتها هذه تستند الى اعتبارات مرفوضة وغريبة.

كما ادعوا في تطرقهم إلى إعلان البلدية عن نيتها اقامة مكتبة عربية في حي "الكروم" في المدينة، وهو حي غالبية سكانه من العرب ويقع على تخوم مدينة الناصرة، انّ اقامة مكتبة منفصلة لا تناقض المطالبة بإضافة كتب وخدمات مكتبية باللغة العربية في المكتبة المركزية وفروعها الثلاثة، علماً ان السكان العرب يسكنون في أحياء مختلفة في المدينة ولا ينحصر سكنهم في الحي "العربي". كما جاء ان هذه الخطوة لا تلغي التمييز ضد المواطنين العرب، بل تعزّزها وتعبر عن سياسة مرفوضة تهدف الى فصل المواطنين العرب عن باقي احياء المدينة.
وأضاف الملتمسون انّه على المكتبة هذه ان تستوفي كافة الشروط من حيث التجهيزات والموارد والتمويل والوظائف. إلا انه حتى اللحظة، وبعد أكثر من عامين منذ وعدت البلدية بذلك، لم تقم الأخيرة بتحديد جدول زمني لإقامتها او تعيين وتمويل مكتبيين او حتى شراء كتب، وقامت فقط بوضع خزانة كتب واحدة على هامش القاعة الرياضية في المركز الجماهيري في حي "الكروم". وشدّد الملتمسون ان هذه السلوكيات تعتبر تطبيقاً للعقيدة المرفوضة "منفصل ولكن متساوي"، وأن فصل الحيز والسكان وفق انتمائهم القومي هو فصل مرفوض وغير قانوني ويناقض الحق الدستوري للمساواة.

وإدعى الملتمسون ان اقصاء المواطنين العرب، والذين يشكلون خمس سكان المدينة، من الحيز العام ومن مرفق تربوي وتثقيفي واجتماعي هام يتم تمويله من المال العمومي، هو مسٌ بحق المواطنين العرب للمساواة والكرامة، وبحقهم في اللغة والتعليم، وبحقهم في الحصول على حصتهم في الموارد العامة والبلدية على نحو متساوٍ، وهو مخالف لقانون المكتبات العامة ولأهداف قانون منع التمييز في المنتجات والخدمات.

الحق في الكرامة والمساواة والحق في الحصول على حصتهم في الموارد العامة والبلدية على نحو متساوٍ

وجاء في ادعاءات الملتمسين ان إقامة حاجز لغوي وثقافي امام المواطنين العرب يمنعهم من تلقي خدمات بديهية، ويميز بين المواطنين على اساس انتمائهم القومي وهويتهم اللغوية، وأنّ المس أشد خطورةً نظراً للأهمية الاجتماعية والثقافية للخدمات المكتبية ولمكانة اللغة في انتاج هوية ثقافية وقومية جامعة وأهمية تعزيز شعور الانتماء في الحيز العام.

كما جاء انّ المكتبة العامة تعمل وتمول وفق قانون المكتبات العامة، الذي يسعى الى تنظيم عمل المكتبات العامة لصالح الجمهور بهدف دفع التعليم والثقافة قدماً، ويستند الى ركائز اساسية أهمها كون المكتبة العامة مفتوحة أمام الجمهور، وان الخدمات المكتبية الاساسية تقدم بدون مقابل مادي، بهدف تأمين الحق لكل انسان في الوصول لموارد التعليم والثقافة والمعرفة دون شروط ودون علاقة بقدراته الاقتصادية. إلا ان أهداف القانون هذه لا تتماشى ومعارضة البلدية بإضافة الكتب باللغة العربية، وبتنصل وزارة الثقافة من واجبها بالرقابة على المكتبات العامة، علماً ان ميزانية المكتبات تتقاسم بالتساوي بين الوزارة والسلطات المحلية.

من ناحية أخرى، أكد الملتمسون ان النقص في الخدمات المكتبية باللغة العربية يمس في حق المواطنين العرب في المساواة، وانه عندما تغلق المكتبة ابوابها امام جمهور كبير من سكانها، فهي ليس فقط تخل بواجبها، بل تمس في حقهم بالكرامة، في حين وجود كتب بلغات أخرى غير رسمية ولا ينطقها أبناء الأقلية القومية، تضاعف هذا المس. كما يعتبر تمييزاً في توزيع تقسيم الموارد الحكومية والبلدية، في حين أقرت المحكمة العليا في السابق انه من واجب مؤسسات الدولة تقسيم الموارد والميزانيات لكافة المواطنين على نحو متساوٍ.

الحق في اللغة

وإدعى الملتمسون ان العربية هي لغة رسمية في اسرائيل، وان انعدام الكتب بالعربية يمس في حق المواطنين العرب للغة، مؤكدين على الأهمية الكبرى للغة الخاصة للأقلية القومية، اذ تتخذ وظيفة خاصة في تطوير والمحافظة على هويتهم الثقافية والقومية. وعليه، فإن اهمية منح تعبير عام للغة الاقلية لا تقتصر فقط على توفير معلومات للمواطن. ان التقيّد في استخدام لغة الأقلية تنبثق من حقها في المحافظة على هويتها القومية وعلى تميزها الثقافي في الحيز العام.

وأشار المتلمسون ان المواطنين العرب في نتسيرت عيليت يشكلون اقلية قومية ولغوية وثقافية، وان احدى ميزات الهوية الثقافية المنفصلة هي اللغة الخاصة. وعليه، فانه ليس فقط من حق المواطنين العرب تلقي خدماتهم باللغة العربية بل واجب البلدية تأمين هذا الحق والعمل على تحقيق حرية اللغة والثقافة.

الحق في التعليم والثقافة

إضافة الى ذلك، ادعى مقدمو الالتماس ان البلدية ووزارة الثقافة ينتهكون حق المواطنين العرب في التعليم والثقافة والحصول على معلومات، مؤكدين على ان المكتبة العامة تعتبر وسيلة هامة لتحقيق الحق الاساسي للإنسان للتعليم وللثقافة، وان منالية الحصول على خدمات مكتبية للمواطنين العرب، خاصةً للطلاب، مهم للغاية لتحقيق الحق في التعليم ولتطوير قدراتهم التعليمية وللتطور العام بغية تحقيق حقوق اخرى.

كما أكدوا ان النقص في الكتب العربية تؤدي لا محالة الى توسيع الفجوة التعليمية بين الطلاب العرب واليهود. علماً ان وزارة المعارف خصصت مكاناً خاصاً للمكتبة المدرسية في الكينونة المدرسية، بعد تبني ركائز بيان اليونسكو بشأن المكتبات المدرسية، الذي اعتبرها جزءاً لا يتجزأ من العملية التربوية. وأضاف " إن المكتبات المدرسية توفر معلومات وأفكارا تعتبر عاملاً أساسيا للنجاح في العمل في المجتمع المعاصر القائم على المعلومات و المعارف..سيخلق الانتفاع الفعلي و الإيجابي للمعلومات و المعارف لدى المتعلم استعدادا و رغبة في تكوين استقلالية فكرية و أدبية واكتساب قدرة فعلية على التفكير الناقد والمبدع المستقل ". إلا ان هذه الركائز ترفع كشعارات رنانة فارغة، حيث لا تقدم البلدية او الوزارات المسؤولة أية من هذه المعلومات والمعارف، ويضطر 2000 طفل عربي في سن المدرسة، الانتساب الى مدارس عربية بعيدة عن مكان سكناهم، لمعارضة البلدية اقامة مدرسة خاصة للطلاب العرب، الامر الذي يؤكد على الحاجة الماسة لخدمات مكتبية داخل البلد لمساندتهم في اتمام واجباتهم المدرسية، كحد أدنى.

وفي تعقيبه على تقديم الالتماس، قال السيد هاني سلوم، من سكان نتسيرت عيليت وأحد الملتمسين "يشكل العرب نسبة 20% من السكان، ويعيشون فيها منذ سنوات الستين. لغتنا لغة رسمية، ونحن كمواطنين ندفع الضرائب البلدية، وعليه، من حقنا- كباراً صغاراً- الحصول على الميزانيات والموارد المتساوية، وان تتوفر لنا الفرصة لقراءة كتب بلغتنا في كافة المجالات، وان نحظى ببرامج ترفيهية وثقافية بلغتنا الام، كما يحظى باقي المواطنين."

من ناحيتها، قالت المحامية نسرين عليان مقدمة الالتماس، ان " العربية لغة رسمية في دولة اسرائيل، وواجب على سلطات الدولة تقديم الخدمات للمواطنين العرب بلغتهم الام. اقصاء اللغة العربية من المكتبات البلدية في نتسيرت عيليت، هي اقصاء للمواطنين العرب من الحيز العام، وعودة الى تطبيق العقيدة المرفوضة "منفصل ولكن متساوي". لقد مر عقد على قرار المحكمة العليا الذي الزم بلدية نتسيرت عيليت اضافة اللغة العربية على لوح الاعلانات البلدية، وها نحن نضطر مجدداً التوجه للمحكمة لتحقيق ما نعتبره مفهوم ضمناً". 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]