لم تكتفي المؤسسات الحكومية المختلفة في البلاد بملاحقة المواطنين العرب وسدّ المنافذ امامهم، فبالإضافة إلى كل سياسات الإفقار والتمييز والتهميش التي يعاني منها العرب، يُمنع منهم من البحث عن مصادر رزق ولقمة عيش اعتادوا عليها ووهبتهم إياها أُمنا الطبيعة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، وفي عرابة، من يبحث عن لقمة عيشه، وتحديدًا من تحدى الشرطة وحرس الحدود وسلطة حماية الطبية من اجل بلوغ لقمة عيشه، ونحن نتحدث عن نبتة "العكوب" التي باتت وكانها جريمة لا تغتفر، يصبح ملاحقا واسيرًا ومحكوما بغرامات مالية بمبالغ طائلة يعجز المواطن عن دفعها.

حكاية العكوب ..

وكما هو معروف ان أهالي قرية عرابة البطوف يشتهرون بقطف نبتة العكوب واكلها وبيعها في بعض الأحيان منذ عشرات السنين، لانها مصدر رزقهم المنتظر في كل موسم. فلنبتة العكوب حكاية في عيون الكبار، وفي عيون من ترغمهم ظروفهم المعيشية الصعبة للخروج وقطف هذه النبتة، رغم ما يعانوه من امراض، وما يتعرضون اليه من مخاطر في الحقل من إصابات وملاحقة رجال حماية الطبيعة وحرس الحدود والكثير من المخاطر من اجل توفير حاجاتهم ومستلزمات بيتهم، ومنهم من يدفع أقساط تعليم لأبنائهم الجامعيين والذين بالكاد تتوفر لهم مثل هذه الفرصة كي يستطيعوا انجاز ولو جزأ من المهمة التي يحملونها في ظل العبء الاقتصادي الخانق الذي اجتاح وما زال يجتاح المواطنين العرب.

عائلات كثيرة كان لموسم العكوب الحصّة الأكبر في انتعاشها المادي، لكن اليوم أصبح قطف العكوب قضية لا تغتفر، وأصبحت نبتة تعتبر محمية طبيعية، وكل من يقطفها اصبح بنظر السلطات المسؤولة مجرم ومطلوب للعدالة والمسائلات القانونية، ومنهم من يعود الى بيته بعد يوم عمل شاق بخفي حنين، ومنهم من يعود حاملا غصّة في قلبة من الإهانة التي يرتكبها رجال حماية الطبيعة بحقهم .

شهادات ...تنكيل، ملاحقات وغرامات 

في هذا التقرير التقى مراسل "بكرا" بعدد من الرجال والنساء الذين عاشوا وفي جعبتهم حكايات صعبة كانت ترافقهم في طريق عودتهم من حقول العكوب الى بيتهم الذي كان ينتظر الرزق ولكن في الحقيقة يراهم بيد تلوّح للهواء .

الحاج إبراهيم نايف غزال عاصلة رغم كبر سنه وما يعانيه من امراض مختلفة الا انه تعرض للإهانة والضرب والاعتقال والتوقيف لأكثر من أسبوع في المعتقل، حيث ما زال ينفذ حكم الحبس المنزلي حتى اليوم على خلفية قطف العكوب.

غزل قال لـ "بكرا": تربينا وكبرنا وورثنا هذا العمل من ابائنا واجدادنا ولم نكن نتعرض في الماضي لمثل هذه الاهانات والملاحقات والتي وصلت في بعض الأحيان بتشكيل خطر على حياة الكثيرين بسب ترهيب رجال حماية الطبيعة لهم، وانا شخصيا رأيت بعيني سيارة تقّل عاملات انقلبت وأصيب ركابها بسبب خوفهم من وهروبهم من ملاحقة رجال حماية الطبيعة، وهناك الكثير من الحوادث التي نتعرض لها باستمرار .

الحاجة جميلة شاذلي امرأة ارملة وأم لسبعة أبناء قالت بدورها: أحمل مسؤولية كبيرة تجاه ابنائي، فبعد وفاة زوجي بقيت انا المعيل للعائلة والبيت، وموسم العكوب هو المصدر الوحيد المساعد لإدخال قسم من المال من اجل اكمال العيش بكرامة، وسؤالي ما هو الجرم الذي ترتكبه امرأة مثلي بهذا السن والتي خرجت في اصعب الظروف لتوفير لقمة عيشها ؟ .

الحاجة سهام زيدان عاصلة قالت بدورها في هذا السياق: تعرّضت أكثر من مرة للاهانة، ناهيك عن السفر من قرية عرابة في الشمال الى المحام في اشدود وعسقلان من اجل المثول امام القانون، الذي في نهاية الامر وبعد المماطلة، يقوم باصدار قرار حكم بتغريمي بمبلغ مالي، عدا عن المخاطر الطبيعية التي تقف امامنا كحجر عثرة امانا .

اما الحاجة سعدة نصار فقالت : لم ولن ترهبنا محاولاتهم بايقافنا عن متابعة عملنا، وسنبقى نقطف نبتة العكوب رغما عنهم مهما كلفنا ذلك غاليا، وانا شخصيا تلقيت غرامة مالية قيمتها 7 الاف شاقل، واسدد اقساطها من المعاش الذي اتقاضاه من التأمين الوطني الذي لا يتعدى الالف شيكل، ناهيك عن الادوية ومستلزمات بيتي التي يجب ان اوفرها.

في التقرير المصور تابعنا حكايات متعددة ومختلفة من نساء ورجال في عرابة يتحدثون عن معاناتهم في موسم العكوب... تابعوا الفيديو .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]