أكد القيادي الأسير منذ 13 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي مروان البرغوثي، في مقابلة خاصة سربت من داخل سجنه، أن أحدا في السلطة الفلسطينية لم يعمل من أجل إطلاق سراحه وهو يشك في ذلك.

وتحدث خلال المقابلة عن المؤتمر السابع لحركة فتح وطالب بعقده، وتحدث أيضا عن الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية وأكد أهمية إجرائها، كما تحدث عن الانتخابات الإسرائيلية والانقسام الفلسطيني ودعا إلى الوحدة، وفيما يلي نص المقابلة:

في هذه الأيام تدخلون عامكم الرابع عشر منذ الإختطاف وأكثر من عشرين عاماً في السجون خلال مسيرتكم النضالية، ماذا تقولون في هذه المناسبة؟

بداية، أتوجه بالتحية والإجلال لشهداء شعبنا وأمتنا وأخوة القيد والزنزانة ورفاق الدرب والمسيرة الأسرى والمعتقلين الأبطال. كما أتوجه بالتحية لشعبنا العظيم في فلسطين والشتات والمنافي وبلاد المهجر، واعاهدهم جميعاَ أن نبقى قابضين على مبادئنا وثوابتنا وأهدافنا وأن نواصل مسيرة الصمود والكفاح والمقاومة حتى نيل الحرية والعودة والاستقلال وحتى ينعم شعبنا بحياة العزة والكرامة.

كما أتوجه بتحية خاصة إلى اللاجئين في فلسطين والمنافي ومخيمات اللجوء وخاصة في مخيم اليرموك الذي يتعرض لمجزرة رهيبة وعدوان مجرم، وأدعو قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية إلى وضع خطة طوارىء فورية والعمل مع الأطراف العربية والدولية لتأمين عودة نحو 20 الفاً من اللاجئين المحاصرين في المخيم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، واحتضانهم وانقاذ حياتهم وتوفير حياة كريمة لهم ، وهو واجب وطني ويجب التعامل معه بكل جدية وبما يحفظ حقهم المقدس في عودتهم إلى ديارهم. إن الشعب الواحد هو الذي يتقاسم الآلام والآمال، خاصة وأن أهلنا في مخيمات سوريا ولبنان قدموا تضحيات جسيمة على مذبح تحرير فلسطين وحريتها وكرامتها.

هل تعتقد أن هذا العام سيكون عامكم الأخير في السجن؟

آمل أن يكون كذلك بالنسبة لي ولكافة الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فحرية الأسرى مقدمة لحرية شعبنا، وهدفنا أن يكون هذا العام هو العام الأخير من عمر الاحتلال في بلادنا لأن حريتنا هي جزء من حرية شعبنا، ولا تكتمل حرية الفرد في غياب حرية الشعب والوطن وسيادته واستقلاله وكرامته. أنا على ثقة أن فجر الحرية آتٍ طال الزمان أم قصر، وأن زوال الاحتلال والإستيطان أمر حتمي وقادم.

هل تعتقد أن القيادة والسلطة يعملون لاطلاق سراحك؟

ما اعتقده وأعلمه أنني اليوم ادخل العام الرابع عشر في السجون، وليس أربعة عشر شهراً، وهذا دليل واضح وجليّ أنه لم تبذل أية جهود جدية طوال السنوات الماضية ولم تكن هذه أولوية لديهم وآمل أن يتغيّر الأمر مستقبلاً.

كيف يقضي مروان البرغوثي وقته في السجن؟

في المطالعة وتعليم الأسرى والحوار والنقاش وقليل من التمارين الرياضية، وأنهي قراءة ثمانية كتب شهرياَ إلى جانب قراءة بعض الدوريات السياسية والفكرية كما أن تعليم الأسرى يأخذ قسطاً كبيراً من الوقت.

ما الذي يشتاق له مروان البرغوثي ويفتقده في السجن ؟

الأسير يفتقد كل شيء في السجن، ويشتاق لكل شيء، ولا يبقى معه الا إرادته ومبادئه وقناعاته واحلامه وايمانه بعدالة قضيته الوطنية وقدسيتها، والأسير يعيش حالة حرمان كاملة تقريباً على الصعيد الإنساني. بالدرجة الأولى أنا أشتاق لزوجتي الحبيبة رفيقة دربي وأم أولادي وشريكتي في رحلة العمر ورحلة الآلام والكفاح، فهي دائمة الحضور في قلبي وعقلي ووجداني، وهي رمز لوفاء المرأة الفلسطينية والعربية، وهي التي تقود بجدارة الحملة الشعبية لاطلاق سراحي منذ ثلاثة عشر عاماً، وتجوب العالم بأسره من أجل هذه القضية. لها مني كل الحب والوفاء والتقدير على صبرها ومثابرتها وجديتها وصلابتها.

اشتاق لأولادي الأحبة، للقسام الذي شاركني السجن لأربع سنوات، لإبنتي الحبيبة ربى التي أصبحت زوجة وأما وانجبت حفيدتي الأولى التي لم أرها حتى الآن، وشوقي عظيم وكبير لأولادي شرف وعرب الذين أصبحوا شباباَ وأنهوا دراستهم الجامعية وخرجوا إلى الحياة العملية، وقد حرمت من أن أقضي أجمل سنوات العمر معهم ولم يتسنى لي أن أراهم وهم يكبرون يوماً بعد يوم ويذهبون إلى المدرسة وإلى الجامعة، وهنالك آلاف الأسرى ممن حرموا كذلك من ابنائهم وامهاتهم وزوجاتهم وعاشوا وما زالوا هذه المعاناة. وبالنسبة لي فقد كانت والدتهم الأستاذة المحامية المناضلة فدوى البرغوثي بمثابة الأم والأب والأخ والأخت والصديق والصديقة لهم.

بالطبع اشتاق أيضا إلى الأهل والأصدقاء والأحبة ورفاق الدرب الأوفياء واشتاق لشعبنا العظيم الوفي وللناس وللشوارع والحارات والأزقة والقرى والمخيمات والمدن والجبال والأودية والسهول، اشتاق بشكل خاص للقدس وأهلها وشوارعها وساحاتها ومقدساتها ولرائحة التاريخ فيها ولرائحة الأسواق في بلدتها القديمة.

واشتياقي الكبير لغزة الصمود والبطولة التي زرتها كثيراَ وأقمت فيها حيناً وأحسست بالألم لمعاناتها وعذابات أهلنا فيها، ولكنني فخور بصمودها وببطولاتها ووفائها، وأشتاق لمدينة عكا، لبحرها وأسوارها وأزقتها، لحيفا والناصرة ولكل فلسطين. أشتاق لكل أبناء شعبنا الفلسطيني ولرؤية شعبنا يحيا حياة حرّة وكريمة.

كيف تصفون أوضاع الأسرى والحركة الأسيرة في سجون الاحتلال؟

الاعتقالات مع شديد الأسف في تزايد كبير جداً، وهناك ارتفاع في وتيرة الإعتقال وعدد الأسرى، فقوات الاحتلال استباحت الضفة خلال السنوات العشرة الماضية، واستباحت مدينة القدس، وعلى مدار الساعة تمتلىء مراكز التحقيق وتزدحم السجون بمئات الأسرى الجدد شهرياً. يعيش الأسرى ظروفاً قاسية وقاهرة كما أن الكثير من العقوبات المفروضة عليهم منذ عدة سنوات ما زالت قائمة وأهم هذه العقوبات ما يخص الزيارات العائلية والفضائيات والتعليم في الجامعة العبرية المفتوحة وقضية الأسرى المرضى وظروف النقل (البوسطة) والعلاج والكانتين والعزل الإنفرادي وغير ذلك.

الحركة الأسيرة في حالة نضال مستمر بهذه الطريقة أو تلك لمواجهة الإجراءات والعقوبات المفروضة على الأسرى، كما أنها في معركة دائمة للحفاظ على انجازاتها والدفاع عنها. الحركة الأسيرة تتوقع من الفصائل الفلسطينية والمنظمة والحكومة والهيئات ذات العلاقة أن تضاعف من جهدها لضمان تحرير الأسرى والتوقف عن التقصير والإهمال اتجاه هذا الملف الوطني بإمتياز، وقد حان الوقت لإتخاذ قرارات حاسمة بشأن حل قضية الأسرى.

ما هو تفسيركم لتأجيل عقد المؤتمر السابع لفتح بشكل مفاجىء؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟

بداية آمل أن يعقد المؤتمر السابع قريباً، وفي حد أقصاه أوائل آب القادم، وحتى يتم ضمان نجاح المؤتمر ولا يكون مجرد مهرجان احتفالي يهتم بالشكل لا المضمون وبالعرض لا النتائج، يتوجب توفير كل شروط النجاح وفي مقدمتها تنقية الأجواء الداخلية واحترام النظام والإلتزام به، والحفاظ على حقوق الكادر ورفض أي مظهر من مظاهر التعسف والفصل، والعمل على تعزيز وحدة الحركة وضمان عضوية الكادر الذي يستحق العضوية وبما يحقق أوسع تمثيل لمناضلي الحركة جغرافياً وعمرياً ومهنياً، وألاّ يتم حشر الحركة والمؤتمر في رقم بعينه بل أن يخضع الرقم لمصلحة أوسع تمثيل لحركة عظيمة مضى على انطلاقتها نصف قرن واحتفلت بيوبيلها الذهبي الذي صنعته بالدم والتضحيات والآلام والعذابات والبطولات، ويجب أن يكون المؤتمر السابع محطة لتعزيز وحدة الحركة وديمقراطيتها وتجديد العهد والقسم على التمسك بمبادىء الحركة وثوابتها بعد أن أمست المبادىء والثوابت تشهد التمييع والتعويم في السنوات الأخيرة، كذلك يجب أن يكون المؤتمر السابع محطة للتأكيد على التمسك بنهج المقاومة الشاملة للاحتلال والإستيطان والمشروع الصهيوني برمته، ولتقييم تجربة العقد الأخير المريرة والتي شهدت أكبر موجة توسع استيطاني وأشرس حملة لتهويد القدس ومصادرة الأرض وأوسع عمليات القتل والعدوان والاعتقال والحصار وحالة انقسام كارثية غير مسبوقة.

من المهم أن يشكل المؤتمر محطة لتجديد الدماء والحفاظ على شباب الحركة وتجديد ربيعها وضخ دماء جديدة فيها وضمان مشاركة ممثلي كافة الجهات والقطاعات دون استثناء، وأن يشكل أكبر وأهم لقاء نضالي للحركة بوصفها حركة تحرر وطني ولا يقتصر على لقاء لكبار الموظفين.

على المؤتمر أن يجيب على كافة التحديات ويقدم كشف حساب عن المرحلة السابقة وأن يتم محاسبة المسؤولين عن حالة العجز والفشل والفساد وأن يجيب عن أسباب عدم تحقيق الأهداف الوطنية بعد مضي نصف قرن على الإنطلاقة، وأن يقدم الآلية المناسبة والشجاعة لمواجهة تحدي الاحتلال والإستيطان وتحدي الإنقسام واستنهاض حركة فتح وتجديد شبابها وقياداتها والتخلص من حالة العجز والكسل في أطرها القيادية، واختيار قيادة تتمتع بالثقة الوطنية والشعبية والفتحاوية ولديها الإستعداد والجاهزية لتتقدم الصفوف في مقاومة الاحتلال لا أن تتنافس وتتزاحم على الإمتيازات. على المؤتمر أن يشكل محطة هامة لمراجعة السياسات والاخفاقات واجراء محاسبة شاملة وجريئة وقاسية عن التقصير والعجز والفشل، وهو محطة لتجديد الخطط ووضع استراتيجية وطنية جديدة خاصة ان استراتيجية العشر سنوات الماضية التي ارتكزت على خيار المفاوضات قد فشلت تماماً.

دعوتم مراراً لبلورة استراتيجية وطنية جديدة، فما هي ركائزها ومكوناتها؟

في ظل المأزق الخطير الذي وصلت إليه القضية الوطنية الفلسطينية، ولأن حالة العجز عن انقاذ مخيم اليرموك هو أحد تجلياتها، وفي ظل حالة الإنقسام الكارثية، وفشل مشروع التسوية المستند إلى المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات.. ونبذ المقاومة ، وفي ظل حالة التآكل والعجز التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني وهشاشة شرعيته وشلل العملية الديمقراطية، واستمرار العدوان والإستيطان والتهويد، لا بد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده النهوض ووضع حد لهذا الوضع الخطير وبلورة استراتيجية وطنية تستفيد من تجربة العقد الماضي تحديداً والتجربة الفلسطينية برمتها، وترتكز على عقد مؤتمر وطني فلسطيني شامل بمشاركة جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي والأحزاب والقوى وممثلي المجتمع الأهلي والمدني والإتحادات والنقابات والبلديات والمخيمات وممثلي الجاليات الفلسطينية في العالم وممثلين عن المستقلين والمثقفين والمفكرين والأكاديميين مع تمثيل أصيل للمرأة والطلاب والشباب ورجال الأعمال، بحيث يشمل المؤتمر تمثيلاً للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، لتدارس ومناقشة الوضع الفلسطيني وما آلت إليه الأوضاع لإقرار استراتيجية وطنية شاملة تتوافق على تعريف متفق عليه للمشروع الوطني الفلسطيني يستجيب لطموحات وحقوق شعبنا التاريخية والسياسية والوطنية والقانونية والانسانية، وتحديد برنامج سياسي قادر على انجاز هذه الاستراتيجية، واعتماد مبدأ المقاومة الشاملة للمشروع الصهيوني على أن تتحدد لكل تجمع فلسطيني الوسائل والأساليب المناسبة للمشاركة وبما يخدم المشروع الوطني برمته ويخدم أولويات هذه التجمعات بما يتكامل مع الأولويات الوطنية، وأن يصار لإعادة الإعتبار لما يجمع الكل الفلسطيني ويحافظ على هويتهم ومكتسباتهم. وأن يناط بهذا المؤتمر وضع الآلية المناسبة لإنجاز إطار وطني تمثيلي جامع للفلسطينيين يشارك فيه الجميع على قاعدة الشراكة الوطنية الديمقراطية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية لتتحمل مسئولياتها كبيت الفلسطينيين وقيادتهم وممثلهم الشرعي والوحيد وتفعيل دور المنظمة وقيادتها للمشروع الوطني وأن تتسع للجميع دون استثناء بإعتبار أننا متفقون على أن شعبنا يمر بمرحلة تحرر وطني تحتاج إلى كل الطاقات في معركة الحرية والعودة والاستقلال وتعتمد على مبدئي العمل الديمقراطي والتوافق.

كيف يمكن عقد مؤتمر وطني أو الحديث عن استراتيجية فلسطينية موحدة في ظل الإنقسام؟

إن عقد مؤتمر وطني شامل سيشكل نهاية للإنقسام وتأسيس لمصالحة وطنية شاملة ولوحدة وطنية ديمقراطية على قاعدة الشراكة للجميع، ترتكز على ارادة شعبنا بكل فئاته، ومن أجل ترتيب البيت الفلسطيني وإعادة بناء وتطوير م. ت. ف التي تآكلت شرعيتها والتي تعيش حالة ضعف وترهل حيث لم ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني ولم يتم إعادة تشكليه منذ عقدين، كما أن غياب التيار الإسلامي ممثلا بحركتي حماس والجهاد عن مؤسسات المنظمة يضعف من تمثيلها للشعب الفلسطيني، والحقيقة أن هذا الوضع لا يجوز أن يستمر بل أن استمراره مأساة وكارثة وإن السكوت عليه امام هذه المخاطر وفي هذا الوضع الخطير أمر غير مقبول.

نحن للأسف أمام نخبة سياسية فلسطينية منقسمة عاجزة تتحمل مسؤولية ما آلت إلية الأوضاع، ومن المؤسف أن الإنشغال الكبير ليس في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يتقدم في تحقيق أهدافه بالسيطرة الكاملة على فلسطين بل في المناكفات الداخلية وفي التنافس والصراع على سلطة فاقدة لأدنى مكونات السلطة وشروطها. والشعب الفلسطيني يستحق قيادة وطنية موحدة تجمع شمله وتوحد طاقاته تحت راية واحدة وإطار تمثيلي واحد، قيادة تعي وتدرك حجم وقدسية القضية الفلسطينية، قيادة تكون وفية لتضحيات هذا الشعب العظيم وشهدائه وآلام جرحاه وأسراه ومعاناته في الوطن وفي بلاد الشتات واللجوء، قيادة تأخذ العبر والدروس من تجربة كفاحية غنية لتسترشد بها، قيادة تعتمد على سواعد أبناء شعبها وطاقاته وقدراته وتستمد شرعيتها من تأييده نضاليا وديمقراطيا. نحن نشهد اليوم مجزرة رهيبة بحق اللاجئين في مخيم اليرموك، ولو كان لشعبنا قيادة موحدة وإطار تمثيلي جامع لكانت قادرة على انقاذهم.

كيف تفسر فشل حكومة الوفاق الوطني في القيام بمهامها؟

ان تشكيل حكومة وفاق وطني هو خطوة بالإتجاه الصحيح ولكن يجب استكمالها وتعزيزها ورفدها بطاقات وطنية جديدة ودعمها من كافة القوى والفصائل وتمكينها من النجاح وتسهيل مهمتها وتسليمها كافة الصلاحيات المتفق عليها حتى تتمكن من اطلاق عملية الإعمار على نطاق واسع وفتح المعابر للتخفيف من معاناة شعبنا الذي تحمّل ويلات الحصار والعدوان وأظهر صموداَ عظيماً في وجهه. من حق شعبنا في القطاع أن يتوفر له المسكن والكهرباء على مدار الساعة ومياه نظيفة وخدمات صحية ومدارس آمنة وفرص عمل وأن يعيش بكرامة يستحقها بجدارة.

الحكومة لن تنجح في ظل استمرار تعثر المصالحة وعدم التوصل إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة وإطار تمثيلي جامع، وهي لا تستطيع معالجة هذه الأمور وليست من مسؤوليتها. في كل الأحوال فإنني أدعو الحكومة إلى مضاعفة جهدها وبذل كل ما تستطيع لتذليل العقبات لفتح المعابر وإطلاق عملية الإعمار وإنهاء الحصار.

هل تعتقد أن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولعضوية المجلس الوطني يساعد في حل الأزمة الفلسطينية؟

الانتخابات هي استحقاق وطني وقانوني وهي حق للشعب الفلسطيني ومن المؤسف تعطيل الديمقراطية في فلسطين، فقد مضى ما يقارب عقد على إجراء آخر انتخابات ما يعني أن كافة الهيئات الموجودة الآن فاقدة للشرعية والأهلية القانونية، وفاقدة للشرعية الشعبية والديمقراطية. إن استمرار هذا التعطيل للديمقراطية هو اعتداء على حق مقدس للشعب الفلسطيني وللمواطن الفلسطيني، وهو أحد أسباب استمرار الأزمة.

اجراء الانتخابات يجب أن لا يخضع لأية حسابات فئوية أو شخصية لأن شعبنا بحاجة إلى قيادة منتخبة ديمقراطياً، قادرة على توحيد الصفوف وقيادة كفاحه الوطني لنيل الحرية والعودة والإستقلال، وقد تشكل الإنتخابات بحد ذاتها مدخلاً هاماً لترتيب البيت الفلسطيني.

هل تنوي الترشح للرئاسة، خاصة أنك تحظى بتأييد شعبي كبير؟

أشكر وأثمن ثقة الشعب الفلسطيني ووفائه، وأنا على ثقة أن الوفاء يقابل بالوفاء، وأن هذا الشعب العظيم يحترم مناضليه ويحترم المصداقية، وهو يستحق قيادة تمثله خير تمثيل وتعبر عن ضميره الوطني وعن تارخيه الكفاحي المجيد، والأهم أن تكون قادرة على إنجاز حق هذا الشعب في الحرية والعودة والإستقلال والعيش بكرامة.

أما بالنسبة للترشح، فعندما يتم تحديد موعد نهائي للإنتخابات متفق عليه من الجميع فإنني سأتخذ القرار الذي يلبي نداء الوطن والواجب ويستجيب للإرادة الشعبية.

دعوتم عشية إنعقاد المجلس المركزي الأخير إلى اعادة النظر في وظائف السلطة بما يشمل وقف التنسيق الأمني، هل تعتقد أن السلطة جادة في قرارها بوقف التنسيق الأمني؟

لا حاجة للتذكير بأن السلطة الوطنية الفلسطينية أقيمت بقرار من م. ت. ف، ككيان مؤقت يشكل نواة للدولة المستقلة، ولكن السياسة الإسرائيلية حوّلت السلطة خلال السنوات الأخيرة من نواة للدولة المستقلة وجسر للعبور للإستقلال إلى حامل لأعباء الاحتلال وحارس للأمن الاسرائيلي، كما أنها أفرغت السلطة من أية سلطة وهذا ما أكده الرئيس بنفسه أكثر من مرة. ولهذا من الطبيعي بل من الواجب الوطني المقدس أن يتم إعادة النظر في وظائف السلطة ومهامها، وقد دعونا لذلك منذ سنوات طويلة.

السلطة يجب أن تخدم المشروع الوطني وتعمل على تعزيز الثبات والصمود، وأن تكون أولوياتها دعم ومساندة شعبنا في مقاومة الاحتلال، وأن تضع سياساتها في كافة المجالات لخدمة الكفاح الوطني لمواجهة الإحتلال والإستيطان وتهويد القدس، وأن توجه الإمكانيات لحماية الأرض وتعزيز صمود المواطن وتعزيز اقتصاد فلسطيني مقاوم ودعم الصناعة الوطنية والقطاع الزراعي ودعم أهلنا ومؤسسات مدينة القدس كأولوية وطنية وتوفير فرص العمل للخريجين، وأن يتم تقاسم الأعباء من جميع الفئات، فالشعب الفلسطيني الذي يعيش مرحلة تحرر وطني ويرزح تحت الإحتلال يحتاج إلى سلوك استهلاكي واقتصادي واجتماعي مختلف بعيداَ عن البذخ والإسراف والتبذير، ويحتاج لتعزيز منظومة قيم التضامن الاجتماعي والوطني والتكافلي وإلى نمط اقتصادي مختلف يراعي بالدرجة الأولى أننا في مرحلة تحرر وطني وأن السلوك الذي مارسته السلطة في السنوات الماضية قد أنتج حالة أضرّت بالإقتصاد الوطني وأضرّت بحالة التضامن الوطني وحان الوقت لإعادة النظر فيها.

هل تتوقع عدوان عسكري جديد على قطاع غزة في ظل استمرار الحصار وتعطيل الإعمار؟

على قطاع غزة أن يكون في أعلى درجات الجاهزية لأن احتمالية عدوان عسكري جديد أمر وارد، وإن كان فشل العدوان الأخير وصمود شعبنا ومقاومته الباسلة شكلت حالة إحباط للجيش الإسرائيلي الذي فشل على مدار خمسين يوماً من العدوان في كسر إرادة شعبنا. من المؤسف أن القرار الدولي عمل على حرمان فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص من قطف ثمار الصمود، وأعتقد أن على الجميع العمل على تعزيز وإسناد ودعم قطاع غزة حتى يكون قادرا على مواجهة أي عدوان جديد، كما أن على تشكيلات المقاومة النأي بنفسها عن أية مناكفات وصراعات سياسية داخلية، ويتوجب مضاعفة الجهد الرسمي والعربي والدولي لرفع الحصار عن القطاع وفتح كافة المعابر وإطلاق عملية إعمار حقيقية.

كيف يقرأ مروان البرغوثي نتائج الإنتخابات في اسرائيل وإنعاكسها على الفلسطينيين؟

يقال "كل إناء بما فيه ينضح"، وأعتقد أن النتائج تعبّر عن ماهية وطبيعة هذا المجتمع الذي يسير بخطى سريعة نحو دولة عنصرية فاشية متطرفة، وأعتقد أن المجتمع الإسرائيلي صوّت دعماَ لاستمرار المشروع الصهيوني القائم على القوة العسكرية واستكمال السيطرة على فلسطين من النهر إلى البحر، والسيطرة على المياه والأرض، والقائم على الإستيطان والتهويد والتهجير واستكمال عملية التطهير العرقي التي جرت عام 1948، ولكن المشروع الصهيوني لم يستطع تحقيق اهدافه كما رسمته الحركة الصهيونية ولن يستطيع ذلك مستقبلاً، لا بفضل تراجعه أو بفضل قبوله بتسوية، بل بفضل صمود شعبنا الأسطوري وتضحياته ونضاله المستمر.

اعتقد أن الانتخابات تؤكد بشكل قاطع أن مشروع التسوية السياسية مع المشروع الصهيوني قد فشل تماماً، ويتطلب ذلك وضع استراتيجية فلسطينية وطنية شاملة لمواجهة هذه الحقيقة والتوقف عن تسويق الأوهام والخروج من حالة العجز والفشل والتقاعس في مواجهة هذا المشروع. ولقد أظهرت الإنتخابات الإسرائيلية انحيازاَ كاملاً للاحتلال والعدوان والاستيطان، وإن اسرائيل اليوم تعيش عزلة دولية متزايدة مرشحة للتصاعد في السنوات القادمة.

لذا يتوجب أن يكون واضحاً أن لا مجال للتفاوض مع هذه الحكومة قبل اقرار هذه الحكومة أو غيرها بمبدأ الإنسحاب الشامل لحدود عام 1967 وإنهاء الاحتلال والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم طبقاً للقرار الدولي 194 والإفراج الشامل عن الأسرى والمعتقلين. إن القبول بالتفاوض والعودة إلى نفس القواعد والآليات قبل التزام اسرائيل بهذه المبادىء هو عبارة عن القاء حبل النجاة لحكومة الاحتلال، وإن شعبنا لن يغفر ولن يتسامح مع كل من يتساوق مع هذه السياسة.

فالمطلوب هو اطلاق حملة فلسطينية وعربية ودولية لمحاصرة هذه الحكومة وعزلها ومعاقبتها دولياً كما يتوجب على القيادة الفلسطينية الرسمية دعم وتبني حركة المقاطعة ال-BDS، وإطلاق العنان لأوسع مقاومة شعبية في الأرض الفلسطينية المحتلة وأوسع مقاطعة للبضائع والمنتوجات الإسرائيلية، كما أن الأشقاء العرب مطالبون باغلاق عواصمهم أمام حكومة اسرائيل واغلاق الأبواب والنوافذ المفتوحة لها كحد أدنى من الإسناد القومي لفلسطين.

اين وصلت الحملة الدولية لحرية مروان البرغوثي وكافة الأسرى التي تقودها المحامية فدوى البرغوثي منذ اطلاق الحملة من روبين آيلند في جمهورية جنوب افريقيا؟

انطلقت الحملة الدولية في تشرين الأول 2013 من زنزانة الزعيم الافريقي الراحل نلسون مانديلا، وبحضور شخصيات دولية وعربية، وجاء اطلاق الحملة الدولية وتبني إعلان روبن ايلاند المؤسس لها تتويجاً لجهد سنوات قادته المحامية فدوى البرغوثي، وشارك في هذه الحملة عدد من الشخصيات الحائزة على جائزة نوبل للسلام وقيادات سياسية دولية ونواب وشخصيات إعتبارية وممثلي مؤسسات دولية واسرى سابقين بارزين من مختلف القارات وانبثق عنها لجان في عدد من العواصم والمدن. ويرأس الحملة الدولية صديق ورفيق درب نلسون مانديلا المناضل أحمد كاثرادا الذي قضى 26 عاما في سجون نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. وتم منحي مواطنة الشرف في عشرات المدن الفرنسية ومدينة باليرمو الإيطالية والتي هي بمثابة تكريم لشعبنا ونضاله.

بهذه المناسبة أتوجه بالشكر والتقدير والعرفان لكل الأصدقاء الذين يعملون بجد واخلاص للتضامن معي ومع كافة الأسرى وبخاصة أعضاء اللجنة الدولية العليا واللجنة الوطنية العليا للحملة الدولية والعاملين في الحملة الدولية والحملة الشعبية، كما أتوجه بالشكر لكل الهيئات والمؤسسات والمنظمات العاملة في هذا المجال وخاصة نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين.

كنت من أوائل من نادوا بالإنضمام إلى ميثاق روما والمحكمة الجنائية الدولية والمؤسسات الدولية، بعد الحصول على عضوية المحكمة هل سيعود ذلك بالفائدة على الحقوق الفلسطينية أم سيشكل ذلك ضرراً على النضال الفلسطيني؟

العضوية خطوة هامة في الإتجاه الصحيح وتمنح الفلسطينيين مزيدا من الأوراق والفرص لملاحقة الجرائم الإسرائيلية. ولكن يجب أن نتذكر أن لدينا المئات من القرارات الدولية بما فيها فتوى محكمة العدل الدولية حول الجدار والتي لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب تركيبة النظام الدولي، وبالتالي فإنني أدعو الفلسطينيين للإعتماد على سواعدهم وأنفسهم وشبابهم من أجل إنجاز الحقوق الوطنية إلى جانب الجهد السياسي والدبلوماسي والقانوني وهو أمر مهم. ورهاننا التاريخي يجب أن يكون على شعبنا وشبابه وطاقات أبناءه، ولدى شعبنا مخزون نضالي لا ينضب والمهم هو توحيد هذه الطاقات وحشدها وانجاز قيادة وطنية موحدة واطار تمثيلي واحد والإستفادة من طاقات شعبنا في كل مكان.

ماذا تقول للشعب الفلسطيني في هذه المناسبة؟

أقول لأبناء شعبنا بعد أن أحييهم وأشدّ على أياديهم، وأقبل جباههم العالية، انا ما وهنت في زنزانتي ولا صغّرت أكتافي، وإنني على العهد والقسم، عهد الشهداء والأسرى، عهد الشعب المناضل، ولنا موعد مع الحرية والنصر والعودة، ولنا لقاء قريب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]