ما زالت حكاية العودة الى ارض الحدثة حلمًا يراود شوق الحاجة زكية أبو الهيجا، ابنة قرية الحدثة المهجرة سابقا، وابنة مدينة طمرة حاليا، فدموع لوعتها باتت سيّد الحكاية التي تسكن جعبتها منذ كنبة عام 1948 حتى يومنا هذا.

فلم تنسى الحاجة زكية ابنة الـ85 عاما ومولودة قرية الحدثة المهجرة، اجمل لحظات عمرها، التي عاشتها قبل التهجير ولازمتها الى ما بعد التهجير. فدمعتها التي امتزجت بالشوق والخجل هي الشاهد على ما يسكن قلبها.

أذكر أدق التفاصيل..منها الحب الأول 

الحاجة زكية تحدثت لـ "بكرا" قائلة : لم انسى قريتي الحدثة يوما، وسأبقى اذكرها حتى العودة او الموت. ما زلت اشعر وكأني أعيش فيها، وما زالت قصص الذكريات ترافقني منذ ولادتي حتى يومي هذا. فرغم مرور 68 عامًا على التهجير الا اني ما زلت اذكر ادق التفاصيل التي عايشتها في القرية، وما زلت اذكر قريتي شبرا شبرا ولم انسى اهمّ لحظات عمري .

بابتسامة لم يعرف الوصف لها عنوان، كان يملأها الحزن والخجل والفرح، تحدثت الحاجة زكية عن لقاءها الأول بفارس احلامها عند نبعة الماء في قرية الحدثة قائلة: اذكر حين كنت مخطوبة، ذهبت برفقة صديقاتي الى نبعة الماء ووجدت خطيبي هناك ينتظرني ( زوجها الراحل مصطفى أبو الهيجا) انتابني الخجل وعدت الي بيتي مسرعة، لأني لم استطع ان اقابله او حتى اكلمه، كانت هذه أجمل لحظات عشتها وانا في قرية الحدثة .

لو أستشهد عشرة شباب 

وتابعت الحاجة زكية قائلة : قريتي الحدثة هي اغلى ما املك وهي اغلى من عيوني ومن ابنائي جميعهم، كنت أتمنى لو استشهد عشرة شباب من القرية وبقيت لنا الحدثة، فمن يعرف قيمة الأرض جيدا سيعي تماما ما أقول، لان الأرض هي رمز البقاء ورمز الوجود.

وأضافت: ما زلت ابكي على الحدثة والذكريات التي عشتها في الحدثة، وسأبقى حاملة حلم العودة حتى العودة او الموت، لان الوطن اغلى ما نملك، وان نال مني الموت قبل العودة، فانا سأموت وكلي ثقة اننا ربّينا اجيالا ستعيد الأرض وسيعودون يوما الى الحدثة .

وأختتمت الحاجة زكية محدثةً عن الحياة سابقًا في الحدثة: كان أهالي قرية الحدثة ملّاكين، فنحن كنا نملك الكثير من الأراضي، وكنا نعيش من خيرات ارضنا وما تنتجه أيدينا، وكنا نملك الدواب والحيوانات والطيور بمختلف اشاكلها، لم نكن نحتاج التجار والتسوق، وكانت الناس تعيش بسيطة الحال متواضعة، وهذا اجمل ما كان يميز قرية الحدثة وأهلها .

حلم العودة 

وفي حديثٍ لمراسل "بكرا" مع مرام أبو الهيجا، حفيدة الحاجة زكية قالت: تربينا على حكايات جدتي عن قرية الحدثة، حتى أصبحت حلما نعيش لتحقيقه ذات يوم، بالعودة الى قريتنا.

وأضافت مرام : لم ننسى اصلنا وجذورنا التي تعمقت بتراب ارض الحدثة، فسنبقى نحيي ذكرى النكبة ونغني للعودة حتى العودة، الى ارضنا واصلنا، ونحن الأجيال القادمة لنا الدور، وسنكمل درب كبارنا الذين هجّروا من ارضهم بالقوة والترهيب والتخويف . 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]