الحمد لله الذي طهّر بيته للطّائفين والعاكفين والرّكّع السّجود، ونسلّم على سيّدنا محمّد بن عبد الله.
يتوافد المسلمون خلال السنة لزيارة بيت الله الحرام لإتمام مناسك (عمرة أو حجّ) وللتزوّد بالطّاعات والرّوحانيّات ,فقد قال الله سبحان وتعالى: " وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (سورة البقرة - 125) خلال هذه الزيارة يعيش الحاجّ أو المُعتمر أجمل أيام حياته من خلال النظر للكعبة الشريفة وزيارة روضة النبي صلّى الله علي وسلّم. وقد تواجه هذه الزيارة بعض الصعوبات كمشقة السفر وفراق الأهل الذي يهون مع زيارة روضة الرسول- والانتظار في مكاتب العبور لإتمام المعاملات.
ولكنّ ما هو مُلفت للنظر المشقة "العذاب" الذي يواجهه عرب اسرائيل عند وصولهم لمعبر "الشونة" بمرحلة الذهاب والإياب من تأخّر ومماطلة عدّة ساعات بظروف يصعب وصفها من معاناة وبالتحديد عند العودة فقد يصل الحاجّ أو المُعتمر بعد سفر شاقّ من الأراضي الحجازيّة.
الشونة هي نقطة عبور بالحدّ الجغرافيّ المشترك بين بلادنا والمملكة الهاشميّة، وُضع هذا الحدّ عام 1922 على يد السلطات البريطانيّة كحدّ فاصل بين الإدارة الهاشِميّة (الأمير عبد الله) شرق نهر الأردن والمندوب الساميّ غربي النهر - طرأت بعض التغيّرات على هذا الحدّ خاصّة بعد سيطرة القوّات الأردنيّة على الضفة الغربيّة عام 1948، وفي عام 1967 عاد هذا الحدّ لكي يفصل بين الأردن شرقاً وإسرائيل غرباً – وبسبب انعدام العلاقة بين الدّولتين بقي هذا الحد مؤقتًا وغير مُتّفق عليه ولا يُسمح العبور منه.
فُتِح هذا المعبر أمام السكان العرب في اسرائيل عام 1977 بعد أن قام وفد من عرب اسرائيل بزيارة الملك حسين لتقديم واجب العزاء بوفاة زوجته علياء وطلبوا منه السماح لزوّار بيت الله من عرب اسرائيل الذهاب للأراضي الحجازيّة عبر الأردن، وافق الملك على طلبهم ومن تلك الفترة يُسمح لعرب اسرائيل السفر عبر هذا المعبر لإتمام مناسك الحجّ أو العمرة عام 1994 تمّ توقيع اتفاقية السّلام بين اسرائيل والأردن – أحد بنود هذه الاتفاقيّة هو رسم الحدود المشتركة والاتّفاق عليها – فقد تمّ الاتّفاق على نهر اليرموك بهضبة الجولان حتّى مصبّه بنهر الأردن وحتّى سهل بيسان – منطقة البحر الميت استمراراَ بالعربة حتّى خليج ايلات، ولكنّ القطعة الممتدّة من سهل بيسان حتى البحر الميت (غور الأردن) فلم يتمّ الاتّفاق عليها – فقد ادّعت السلطات الأردنيّة أنّها مستعدّة للحوار مع طرف واحد من الجانب الآخر (السلطة الفلسطينيّة او اسرائيل)، وبقي الحدّ مؤقتًا وغير متّفق عليه؛ لهذا لا تبذل السلطات الأردنيّة مجهودًا لتطوير هذه المنطقة من ضمنها الشونة من حيث البُنية التحتيّة والإداريّة؛ لربما خوفاً من حصول تعديل آخر على جغرافيّة الحدّ فيما بعد، الأمر الذي ينعكس على المعاناة التي تُلحق بزوّار بيت الله الحرام من حيث الانتظار للمعاملات الإداريّة، فلم تزوّد السلطات الأردنيّة عددًا كافيًا من الموظّفين أو أجهزة تقنيّة لتقديم الخدمات بوقت أقل، أضف إلى ذلك انعدام البنية التحتيّة كمقاعد للجلوس أو غيرها.
للختام : زيارة العُمر لبيت الله الحرام والروحانيّات الإيمانيّة التي يكتسبها الزائر من مُعتمر أو حاجّ قد تتعكّر بمعبر الشونة بسبب الاهمال الاداري والبُنية التحتية؛ لهذا نناشد الجهات الرسمية الممثلة لعرب اسرائيل (أعضاء كنيست – لجنة المتابعة – لجان الحجّ والعمرة) السعي جاهداين من أجل ايجاد حلّ لهذه المشكلة، بكل تواضع لله عزّ وجلّ نقدّم بعض الاقتراحات التي قد يكون بالإمكان الأخذ بها :
أ- تقديم طلب رسمي لوزير الداخلية الاسرائيلية (كون الوزارة مسئولة عن مديرية الأديان والسفر عبر الحدود) والأردنية بالسماح لزوّار بيت الله الحرام بالذهاب والإياب من معبر بيسان أو العقبة في الجنوب فهما ضمن الحدود المُتّفق عليها ومعدّان من الجانبين: الاداري والبنية التحتيّة.
ب- تقديم طلب رسمي للسلطات الأردنية بتبني مشروع تطوير الشونة من خلال تخصيص ميزانية من قبل أعضاء الكنيست أو لجنة المتابعة.
ج- تقديم طلب رسمي للسلطات الاسرائيلية والمصريّة بالسماح بالذهاب إلى بلاد الحجاز عبر سيناء.

الحمد لله الذي بنعمه تتمّ الصالحات والطاعات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]