الكلام الذي نقله الزوار عن الرئيس نبيه بري يعتبر رسالة صريحة وتحذيراً واضحاً للجميع من السير في الانحدار الى مزيد من الشلل والتردي الذي يهدد الدولة ومؤسساتها... واذا كان الشغور الرئاسي بمثابة «افتح يا سمسم» لتسيير احوال باقي المؤسسات الدستورية، فان كلمة السر لهذا الاستحقاق تحتاج بالدرجة الاولى الى اتفاق او توافق مسيحي لانجاز هذا الاستحقاق.

والسؤال المطروح اليوم بعد مرور حوالى السنة على هذا الانتظار. لماذا يبقى هذا التوافق مفقودا طالما ان كل الاطراف المسيحية يجمعون على الاولوية في الخيار والاختيار لهم؟

واذا كان الطرفان الاساسيان «للتيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» قد اندفعا بحوار بينهما منذ فترة غير قصيرة في اجواء ايجابية حسب تصريحات كنعان ورياشي. فلماذا لم يتوصلا حتى الان الى مقاربة معينة تساهم في تذليل العقد امام انتخاب الرئيس؟ ولماذا لم يحلا رموز ترجمة انتخاب «رئيس قوي» للبلاد؟

وفي قراءة عامة لمسار تعاطي المسيحيين مع ازمة الاستحقاق الرئاسي ترى مصادر سياسية متابعة ان هذا التعاطي بقي اسير الخلافات وتسجيل المواقف، الامر الذي ساهم ويساهم في تصعيب مهمة حل لغز هذا الموضوع.

وتقول المصادر ان محاولات بكركي بالتعاون مع بعض الشخصيات المسيحية لرعاية حوار مسيحي - مسيحي لهذه الغاية بقيت محدودة وغير فاعلة، لا بل انها قصرت في الضغط على الاطراف السياسية الاساسية لحسم هذه المسألة، وبدلا من الاستمرار في محاولاتها ادارت ظهرها باتجاه استخدام لغة التعميم وتوجيه اللوم للمجلس النيابي، متجاهلة حقيقة ان المعضلة الاساسية الداخلية التي تحول دون انتخاب الرئيس هي معضلة مسيحية وان الكرة بالدرجة الاولى هي في مرمى المسيحيين دون تجاهل مسؤولية الاخرين بدرجات اقل تأثيرا.

وبدلا من التركيز على كيفية تقريب وجهات النظر بين الاطراف المسيحية، بقيت بكركي ترفع الصوت في الداخل والخارج بنفس الاسلوب والنهج، وجمدت مساعيها التي كانت بدأتها لتحقيق خرق حقيقي من النزاع المسيحي - المسيحي حول الرئاسة.

وتقول المصادر بعد سنة من الازمة لماذا لا تبادر بكركي اليوم الى رعاية لقاء مسيحي جامع لتنظيم حوار جاد ومتواصل من اجل الوصول الى حل لأزمة الرئاسة خصوصا ان باقي الاطراف في البلاد اعلنت صراحة في مناسبات عديدة انها مع اي اتفاق مسيحي حول هذا الاستحقاق؟
وتضيف هذه المصادر ان القيام بهذه الخطوة وتحقيق التوافق المسيحي على الرئاسة من شأنه ان يشكل الاساس لحلّ الازمة ويفتح ابواب قصر بعبدا للرئيس العتيد.

وبرأي المصادر السياسية المتابعة ان المعطيات الداخلية والخارجية تؤشر الى ان التفاهم المسيحي - المسيحي على الرئاسة يعتبر العنصر الحاسم في حسم هذه الازمة خصوصا ان الخارج اليوم منهمك في الزلزال الذي يعصف في المنطقة وليس في وارد«التفرّغ» لهذه القضية لا بل يكاد ينظر الى الساحة اللبنانية من منظار واحد وهو الحفاظ على الاستقرار العام.

وتقترح المصادر ايضا ان يصار الى المباشرة بالعمل على عقد اللقاء المسيحي الجامع برعاية بكركي من اجل حسم الخيارات في شأن الرئاسة خصوصا في ظل تحسن العلاقة بين التيار العوني «والقوات» وان يترافق ذلك مع وقف «الفيتو المسيحي» المستجد على انتظام عمل المؤسسات الدستورية الاخرى اي المجلس النيابي والحكومة فورا خصوصا ان مثل هذه السياسة توسع نطاق الازمة وتزيد اهتراء الوضع في البلاد بدلا من ان تساعد على انتخاب الرئيس الجديد.

وتسأل المصادر هل مفتاح ازمة الرئاسة عند الرئيس بري او الرئيس سلام؟ وهل هي عند «المستقبل» او «حزب الله» او جنبلاط؟

وتخلص الى القول ان المطلوب اولاً وآخراً تفكيك عقد ازمة انتخاب رئيس الجمهورية وليس زيادة الازمات في البلاد وتعميم سياسة الشلل والتعطيل على باقي المؤسسات الدستورية. وان الواجب يقضي بأن تتحرك بكركي من جديد لدفع الافرقاء المسيحيين الى التوافق بدلا من اعتماد سياسة «النأي بالنفس».

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]