غادر العاهل المغربي العاصمة السعودية الرياض الأحد، مختتمًا زيارة رسمية دامت يومًا واحدًا، انتقل منها إلى الامارات العربية المتحدة.

وكان في وداعه في مطار قاعدة الرياض الجوية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ونائب رئيس المراسم الملكية خالد بن صالح العباد، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى المغرب عبدالرحمن بن محمد الجديع، وسفير المغرب لدى المملكة عبدالسلام بركة، وقائد قاعدة الرياض الجوية اللواء طيار ركن خالد بن فهد الروضان وعدد من المسؤولين من مدنيين وعسكريين.

عمل وأخوة

في الرياض، عقد الملكان سلمان بن عبدالعزيز ومحمد السادس جلسة مباحثات رسمية، استعرضا خلالها العلاقات الثنائية بين المملكتين، وقضايا التعاون المشترك في ميادين عدة، أهمها القضايا السياسية المستجدة على الساحتين العربية والاسلامية، وفي مقدمها الوضع المتأزم في اليمن، خصوصًا أن اليمن يشارك في العمليات العسكرية التي ينفذها التحالف العربي في الأجواء اليمنية، ابتداءً من عاصفة الحزم واستمرارًا في عملية استعادة الأمل.

ويقرّ المراقبون بأن زيارة "العمل والأخوة" المغربية للسعودية استثنائية رغم قصر مدتها، خصوصًا بعد معرفة الأسماء التي يضمها الوفد المغربي المرافق للملك، وهي أسماء عسكرية ومخابراتية. ففي عداد الوفد الملكي المغربي مستشاروه عبد اللطيف المنوني وعمر عزيمان وفؤاد عالي الهمة، إلى جانب الجنرال دوكور دارمي، وبوشعيب عروب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، ومحمد ياسين المنصوري المدير العام للدراسات والمستندات.

أسماء ودلالات

والمعروف أن المنوني نادرًا ما يرافق الملك المغربي في أسفاره، وهو مستشار البلاط في الأمور الدستورية. وقال مراقبون إن العلاقات المميزة بين المغرب والسعودية، وعلى الخصوص بين الملكين سلمان ومحمد السادس، استدعت أن يقدم المغرب للحليف السعودي ثمار تجربته الدستورية المميزة، خصوصًا أن الملك سلمان يقود حركة تغيير داخلية، تعتبر ثورةً إصلاحية متقدمة.

ويلفت المراقبون إلى أن حضور شخصيات عسكرية، مثل بوشعيب عروب ومحمد ياسين المنصوري يؤكد أن في طي الزيارة تعزيزا لتنسيق عسكري أمني سعودي مغربي، خصوصًا أن المغرب مشارك في العملية العسكرية ضد ميليشيا الحوثي، وقد تصل المشاورات إلى تبادل الآراء حول أي تحرك مستقبلي باتجاه إنهاء معاناة الشعب السوري.

بخطى واثقة

وانتقل العاهل المغربي من الرياض إلى دولة الامارات العربية المتحدة في زيارة عمل، تناول فيها مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة، مسائل أمنية تهم البلدين، وتمس بالأمن العربي والاسلامي، خصوصًا أن البلدين حليفان ضمن التحالف العربي.

خلال اللقاء، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات الاخوية بين الامارات والمغرب تسير بثبات وخطى واثقة، "مرتكزة على روابط متينة من الاخوة والمحبة وقواعد متنوعة من المصالح المتبادلة والنافعة للبلدين".

أضاف: "الزيارات المتبادلة تعكس حرص البلدين على تعزيز وتنمية تعاونهما باستمرار في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية القائمة وفق أسس التشاور والتنسيق وتبادل الآراء ووجهات النظر".

وتابع: "ما يجمع الامارات والمغرب تاريخ طويل من التعاون الأخوي المشترك والمتميز، والبلدان من خلال سياستهما المتوازنة يمثلان عنصر استقرار وازدهار في محيطهما العربي، ونسعى الى توظيف ذلك من اجل عالم عربي يتطلع الى موقع طموح دوليًا".

أهمية التشاور

واكد الجانبان في ختام المباحثات أن العلاقات الأخوية الثنائية بين المملكة المغربية ودولة الامارات العربية المتحدة هي علاقة راسخة وعميقة وتحظى بدعم قوي من قبل قيادة البلدين، تترجم المبادئ الاصيلة التي تقوم عليها هذه العلاقات المبنية على التعاون والتضامن والتآزر والاحترام المتبادل.

وأشار الجانبان إلى أن البلدين يتشاركان وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية ويدعمان الجهود الاقليمية والدولية في إرساء الامن والاستقرار في المنطقة وتكريس قيم السلام والتسامح والعيش المشترك في بناء الاوطان.

كما اكدا على القناعة الراسخة لدى البلدين بان التشاور والتنسيق يمثلان اهمية بالغة في توحيد الرؤى نحو مواقف مشتركة في العمل العربي والتضامن الأخوي لمواجهة التحديات التي تمس الأمن القومي للدول العربية بما فيها المخاطر التي تشكلها المنظمات الإرهابية والأطماع الاقليمية.

شراكة استراتيجية

وصف العصري سعيد الظاهري، سفير الامارات لدى المملكة المغربية، هذه الزيارة بأنها استكمال لمسيرة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، "فالامارات تعتبر المغرب شريكًا استراتيجيًا ووجهة رائدة في مجال الاستثمارات، ولعل السنوات الأخيرة تشهد على الحراك الاقتصادي والتجاري بين البلدين"، الذي تميز بارتفاع حجم التبادل التجاري وأيضا ارتفاع الاستثمارات الإماراتية في المغرب، التي بلغت في 2013 ما قيمته 1,3 مليار دولار، وتميز عام 2014 بشراء شركة اتصالات الإمارات 53 % من رأسمال شركة اتصالات المغرب، بـ4,2 مليارات يورو. كما شهدت السنة نفسها بناء شركة طاقة للجرف الأصفر، التابعة لشركة طاقة أبوظبي، محطات إنتاج جديدة للطاقة الكهربائية.

أضاف الظاهري: "الإمارات أول مستثمر في بورصة الدار البيضاء عام 2014 بـ55 مليار درهم مغربي، كما قدمت الإمارات مساهمتها بـ1,25 مليار دولار في المنحة الخليجية البالغة 5 مليارات دولار لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية، والإمارات ساهمت كذلك بـ500 مليون يورو في رأسمال صندوق وصال للتنمية السياحية البالغ 2 مليار يورو".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]