تعد الثورة الفلسطينية من أطول الروايات على مر التاريخ ، حيث أنها بدأت منذ ما يقارب المائة عام ، قارع خلالها أبناء الشعب الفلسطيني بكافة فئاته الانجليز والصهاينة في سبيل الحفاظ على كرامتهم ووحدة وطنهم ، وتحريره من دنس المستعمرين المغتصبين لأرضهم وحقهم.
ما زالت هذه الرواية قيد الكتابة ، وما زالت فصولها الأخيرة غير مكتوبة . وإن كنا نعيش في ظل حكم ذاتي ، فهذا لا يعني نهاية الحكاية ، ففلسطين لم تتحرر بعد وروح الثورة لم تُخمد ، وما زال الشهداء يرتقون تباعاً يوماً بعد يوم مسطرين بدمائهم الزكية سفراً جديداً في رواية الثورة الفلسطينية المجيدة.

قال تشي ارنيستو جيفارا " الثورة يبدأها ثائر ويقودها مغامر و يقطف ثمارها جبان"، وهذه المقولة و إن إنطبقت في ثورات معينة ، فلا يمكن أن تطبق على الحالة الفلسطينية، فالثورة فيها لم تنتهي بعد ليتم قطف ثمارها .إن قلنا أن هذه المقولة هي واقعنا الفلسطيني ، فهذا يعني أننا مهزومون .
بلا شك نحن نعيش اليوم في أسوأ مراحل النضال والثورة الفلسطينية ، فقد اختلط الحابل بالنابل وأصبح اللص يدعي الوطنية ، والخائن يرى بأن وجهة نظره واقعية. إلا أن زمن الأنذال هذا لن يدوم .

نسمع كثيراً من يقول " ماذا لو يعود الشهداء ؟" أو يا ايها الشهداء تحت الارض عودوا فأن الناس فوق الارض امــــــواتُ". ولكن لماذا لا نسأل أنفسنا نحن "الأحياء" ماذا يمكن أن نفعل؟؟؟

عذراً أيها الشهداء ، فأنتم رسمتم لنا الخارطة النضالية ، وما زلنا نشيح بنظرنا عنها .. عذراً منكم يا من رسمتم لنا صراط كل إنتصار ، وما زلنا نطالبكم بأن تعودوا !!

المشكلة الحقيقية تكمن في أننا نصنع آلهات من الأشخاص الذين استشهدوا ، وهم أساطير للنضال ولكن ليس آلهات . عندما نصنع آلهات فكأننا نحاول التهرب من مسؤولياتنا وواجباتنا إزاء وطننا ، فحينما نقول أن الثورة انتهت باستشهاد القائد ياسر عرفات ،فهذا لا يعني تقديرنا لشخص القائد ياسر عرفات ، وإنما خيانة له ولأنفسنا ولوطننا.

لطالما كان الشهيد الخالد ياسر عرفات يردد قائلا للقدماء (إذا تعبتم أعطوني أولادكم) لثقته بالشباب، كما كان يردد أيضا أن (الأشبال والزهرات هم قادة المستقبل).

نحن لا نحتاج الى ياسر عرفات ، ولا نحتاج الى أبو علي مصطفى ولا الى الشيخ أحمد ياسين لكي يعيدونا الى ما كنا عليه، بل نحتاج الى ابقاء روح الثورة التي أوقدوها أولئك القادة ومن معهم من قوافل الشهداء ، وأن نتحد معاً كفريق وسوف ننجز الكثير والكثير ...
يمكن أن يتربع الأنذال على عرش الثورة في بعض مراحلها ، ولكن حتماً سيتم شطبهم من التاريخ و وصمهم بالعار في رواية الثورة الفلسطينية عاجلاً أم آجلاً ..

يبقى الأمل على الرغم من أن حكايتنا مشبعة بالألم ، وحتما سيكون زوال الاستعمار واقتلاع الخونة والأنذال من جذور هذا الوطن الحبيب ما سيسطر في الفصل الأخير من هذه الرواية .
 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]