في أعقاب دعوة "لجنة المبادرة الدرزية" مجدداً إلى إلغاء التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي بالكامل المفروض على أبناء الطائفة الدرزية منذ العام 1956، مؤكدة رفض المشاركة فيه "لأننا ننتمي إلى شعب يقبع تحت احتلال هذا الجيش، ولا يجوز، لا قانونيًا، ولا قوميًا، ولا أخلاقيًا أن نكون جزءً منه أو داعمين له"- وفق ما جاء في بيان أصدرته اللجنة التي تأسست العام 1972 رداً على قرار رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الجديد غادي إيزنكوت الثلاثاء الماضي إلغاء الكتيبة الدرزية الخاصة في الجيش التي يُطلَق عليها اسم "حيريب" بالعبرية وتعني السيف، احتدم السجال في المجتمع العربي الدرزي حول هذا الموضوع علمًا الكتيبة المذكورة تضم 600 جندي فقط ومن المُقرر دمجهم في الوحدات الميدانية الأخرى. 
 
وفي حديثٍ خاص إلى "بكرا"، استهجن بعض القادة العسكريين الدروز وقادة من المجتمع الدرزي هذا القرار مشيرين الى ان تنفيذه سيؤدي الى "عرقلة بناء شخصية المجند الدرزي والغاء الرابط الاجتماعي بين المجندين الدروز الذين يملكون ذات العادات والتقاليد التي تساهم في المحافظة على الكيان والوجود الدرزي"- وفق تعبيرهم. هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فان "الوحدة لها تاريخ حافل على عدة مستويات اجتماعية وعسكرية ولا يجوز تفكيكها او الغاءها"!.

بالمقابل فقد ايّد البعض هذه الخطوة وبشدة مشيرين الى ان هذا القرار هو "شهادة على ان الجيش هو احد الاماكن الذي يتم فيها دمج الجنود بغض النظر عن العرق الذي ينتمون اليه، وهذه شهادة فخر للجيش منهم وزير الأمن موشيه يعلون"- وفق ما صرحوا لـ "بكرا".

سمير وهبي: فرض على الشعب الدرزي تجنيد اجباري لذلك لا يجوز تفكيك وحدة لها تاريخ حافل

سمير وهبي، سكرتير لجنة الضباط الدروز المسرحين في اسرائيل اكد بانه ضد هذه الخطوة مشيرًا الى انه يقوم الان بـ "نضال" لتغيير القرار وعلل رفضه لـ"بكرا" قائلا: ارى ان الرابط الاجتماعي بين ابناء الطائفة الدرزية حاضر بقوة في هذه الوحدة، الى جانب مساهمتها في صقل شخصية الشاب الدرزي، لذا علينا ان نبقى مع بعض في وحدة واحدة تجمعنا روابط وعلاقات تساهم في المحافظة على كياننا ووجودنا.

وتابع قائلا: ممكن ان يبقى المجال مفتوحًا امام المجندين الدروز للانضمام الى وحدات اخرى مع الاستمرار بوحدة المجندين الدروز ، علما انه قد فرض على الشعب الدرزي تجنيد اجباري لذلك لا يجوز تفكيك وحدة لها تاريخ حافل في كل الاطر اجتماعيًا وعسكريًا.

ايوب القرا: الغاء وحدة المجندين الدروز يعني محي تاريخ الدروز في تضحيتهم للدولة واستقلالها

من ناحيته النائب ايوب القرا عن الليكود فقال في هذا السياق: ادعم دمج كل المجندين الدروز بالجيش الاسرائيلي في جميع الوحدات ولكن مع ابقاء الوحدة الخاصة للمجندين الدروز، لان لها رمز وتاريخ لا يمكن محيه او الغاءه.

واضاف: الغاء وحدة المجندين الدروز يعني محي تاريخ الدروز في تضحيتهم للدولة واستقلالها، وأختزال خدمات كثيرة قدمناها، نحن نطالب بمساواة الجنود الدروز مع بقية المجندين حيث يتم ذلك عبر دمجهم في وحدات خاصة، ولكن هذا لا يعني محي علامات وبصمات التاريخ. 

وقد رجح القرا ان يكون السبب في الغاء الوحدة اقتصاديا اكثر من كونه رمزيًا حيث قال: من ناحيتي اراه رمزيًا علما ان من يفكر بشكل اقتصادي لا يستطيع ان يفهم اهمية الوحدة لمستقبل الدروز وتأثيرها الايجابي على الوحدة، صحيح ان هناك نفقات على هذه الوحدة، ولكن يمكن أقتطاع ميزانيات لها من وحدات أخرى. 

عماد فارس: الغاء الوحدة يعني ان المجند الدرزي له الحق بالمساواة في الجيش الاسرائيلي

اما الجنرال المتقاعد عماد فارس فقد ايد هذه الخطوة بقوة واشار لـ"بكرا" قائلا: بطبيعة الحال تجنيد الدروز كانت عبارة عن خطوة تطوعية في الفترة الاولى حيث تم اقامة وحدة الاقليات التي حوت جميع الاقليات في الدولة وليس فقط الدروز، والسبب في ذلك هو عدم فتح باب المساواة امام المجندين من الاقليات مع المجندين الدروز، ومع تقدم السنوات وتطور الدروز في الجيش من النواحي العسكرية والايمان بان الهدف هو مشترك ولصالح الدولة فقد تقرر ان المجند الدرزي له الحق بالمساواة في الجيش الاسرائيلي ويستطيع الالتحاق باي وحدة بشرط ان يملك الامكانيات اللازمة والمطلوبة.

من ناحية اخرى فقد اكد فارس انه من المستحيل الابقاء على وحدة المجندين الدروز مع فتح امكانية الالتحاق بوحدات اخرى لانه عندها لن تكون هناك كمية مجندين دروز كافية في الوحدة الخاصة للدروز، ومن ناحية قانونية فان كل مجند يستطيع التوجه للوحدة التي تعكس امكانياته وقدراته.

وتابع لـ"بكرا": اذا كانت الخدمة في الجيش الاسرائيلي اجبارية على الدروز، انا كمواطن درزي اريد ان اكون متساويا مع اليهود الذي يخدمون في الجيش، وارفض التواجد بوحدة خاصة للدروز فقط، ومن المعروف ان تواجد الاقلية مع بعضها في وحدة خاصة يؤدي الى اضعاف قدرات هذه الاقلية علما انه كان هناك حسنات للوحدة الخاصة مثل مساعدة الاخرين، التقارب بين ابناء المجتمع الدرزي، كما ان وجود الدروز في وحدات عسكرية مختلفة يدل على ان الدولة لم تعد تفرق بين المجندين على اساس طائفي او غيره وان جميعهم متساوين.

2300 جندي فقط ...وإنخفاض في عددِ المجندين

ومن الجدير توضيحه في هذا السياق على أن عددَ الجنود الدروز في الجيش حاليًا لا يزيد على 2300 جندي، إضافة إلى 1500 جندي في الاحتياط الملزمين أيضَا قانونيًا بأن يخدموا بضعة أسابيع في الجيش سنويًا بعد إنهائهم مدة الخدمة الإلزامية وهي 3 سنوات ويظلوا ملزمين قانونيًا خدمة الاحتياط إلى أن يصل عمر الواحد منهم 45 عاماً.

وتشير المعطيات الأخيرة على أنخفاض ملموس في عددِ الخادمين من الدروز حيث شكلوا سابقًا ما نسبته 83% من الشباب (في حين بلغت نسبة التجنيد في الوسط اليهودي 75%) وتتذرع المؤسسة الأمنية على أن هذا الإنخفاض سببه أرتفاع في عدد المتدينين الدروز والرافضين الخدمة من منطلقات دينية إلا أن المجتمع الدرزي يرجح سبب الإنخفاض إلى حملات التوعية التي تروّج لها مجموعة "ارفض شعبك بحميك" الداعية الشباب الدرزي إلى رفض الخدمة وربط حقوقه بواجبات تستدعي أن يقوم بمواجهة وقتال أخيه الفلسطيني. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]