قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق ووزير الأمن السابق، إيهود باراك، إنّ سبب تعاظم قوّة حزب الله اللبنانيّ ليس الانسحاب الإسرائيليّ من الجنوب اللبنانيّ في أيّار (مايو) من العام 2000، إنّما بناء ترسانته العسكريّة الهائلة هي نتيجة تواجد الجيش الإسرائيليّ في لبنان على مدار 18 عامًا، على حدّ تعبيره.

وأضاف باراك في حديثٍ خاصٍ أدلى به للإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة الإسرائيليّة باللغة العبريّة (ريشيت بيت) إنّه لو كان رئيس الوزراء اليوم، لما كان غيرّ رأيه بشأن الانسحاب.

وتابع باراك قائلاً إنّ حرب لبنان الثانية كانت حربًا فاشلةً وفق كلّ المقاييس والمعايير، مُشدّدًا على أنّ إدارة الحرب أظهرت الإهمال من قبل المستويين الأمنيّ والسياسيّ على حدً سواء. وأضاف باراك قائلاً إنّه من غير المعقول أنْ تقوم دولة بشنّ حربٍ على منظمة أوْ دولة بسبب قتل وأسر عددٍ من جنودها من قبل العدو، على حدّ تعبيره.

الانسحاب من لبنان

يُشار إلى أنّ باراك كان رئيسًا للوزراء، وهو الذي أصدر الأمر بانسحاب الجيش الإسرائيليّ على عجلةٍ من أمره في العام 2000. في السياق ذاته، نشر موقع (المصدر) الإسرائيليّ تحليلاً بمناسبة الذكرى الـ15 للانسحاب الإسرائيليّ من جنوب لبنان جاء فيه أنّه بعد 15 عامًا على خروج آخر الجنود الإسرائيليين من لبنان، هناك إجماع في إسرائيل على أنّ الانسحاب وفّر حياة آلاف الجنود الإسرائيليين واللبنانيين أيضًا، بل حتى حياة جنود العدوّ اللدود لإسرائيل في لبنان، حزب الله.

ولكن سوى حصيلة الضحايا الثقيلة التي دفعتها إسرائيل منذ تمسّكها بالحزام الأمني في لبنان، والضغوط الشعبية التي مُورست على الحكومة، فإنّ غياب الأهداف السياسية والأمنية، وفشل المفاوضات مع سوريّة، عزّزت من شعور إسرائيل بأنّ الوجود في لبنان لا طائل وراءه. وزاد: الاعتبارات التي جعلت باراك يخرج من لبنان كانت أبعد من حزب الله بكثير، دون التقليل من الرغبة الإسرائيلية في الحفاظ على حياة البشر. ونذكّر أنّ إسرائيل دخلت إلى لبنان من أجل قتال م.ت.ف وليس حزب الله، وبعد أنْ نجحت في طرد المنظمة فقد بقيت ببساطة على مدى 18 عاما لأنّها لم تعرف كيف تخرج.

 تدمير البنية التحتية للـ”إرهاب”

وزعم الموقع أنّ إسرائيل شنّت حربها في لبنان عام 1982 بهدف تدمير البنية التحتية للـ”إرهاب” والتي أقامتها المنظمات الفلسطينية وهدّدت مواطني إسرائيل بالعمليات الإرهابية في الشمال، وبعد أن نجحت إسرائيل في هذه المهمة بعد ثلاث سنوات من الحرب، قرّرت الانسحاب جنوبًا والبقاء في شريط ضيّق سُمّي (الحزام الأمني). ولكن، تابع الموقع، بعد أنْ ضعفت م.ت.ف في لبنان، كان بقاء الاحتفاظ بالحزام الأمني أمرًا لا لزوم له بالنسبة لإسرائيل وغير مجدٍ، إذ لم تخدم إراقة دماء الجنود السنوية هدفًا حقيقيًا.

وحينذاك دخل تنظيم حزب الله إلى الصورة، وكان القتال ضدّ حزب الله صعبَا لأنّ التنظيم عمل في “أرضه” وأخرج عمليات نوعية ضدّ جنود الجيش الإسرائيلي في لبنان، كان عدد القتلى في الجانب الإسرائيليّ كبيرًا، وفي مرحلة متأخرة أدركت إسرائيل أنّ البقاء في الأراضي اللبنانيّة لا يمكنه إيقاف صواريخ حزب الله. وبات التقدير الجديد في إسرائيل يقول إنّه من الممكن الدفاع عن بلدات الشمال أيضًا من الحدود الدولية مع لبنان ولسنا مضطرّين للبقاء في الحزام الأمني. وهكذا، كانت إحدى نتائج حزب لبنان الثانية التي جرت عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله الهدوء في الحدود الشمالية حتى اليوم.

حرب 73

وزعم الموقع أنّه كان أحد الحوادث الدراماتيكية التي جرت في فترة السيطرة الإسرائيلية على جنوب لبنان، وأثر كثيرًا على صنّاع القرار في إسرائيل، هو الحادث الجوّي القاتل أو ما عُرف في إسرائيل باسم “كارثة المروحيّات”. قُتل في هذه الحادثة 73 جنديّا كانوا في مروحيّات وفي طريقهم إلى جنوب لبنان. أدّت الحادثة القاسية إلى ضغوط شعبية كبيرة على الحكومة الإسرائيلية لترك لبنان.

وأردف الموقع الإسرائيليّ قائلاً إنّه في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، أجرت إسرائيل مفاوضات مع سوريّة بهدف التوصل إلى تسوية بينهما، ولكن بين إسرائيل ولبنان أيضًا، بسبب سيطرة سوريا في الواقع على لبنان حتى عام 2005، وبعد لقاء الرئيس الأمريكي حينذاك، بيل كلينتون، والرئيس السوري حافظ الأسد، وعندما فهم الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية أنّه لا يوجد اتفاق، حدث تغيير دراماتيكي في الجانب الإسرائيلي وازدادت الرغبة الإسرائيلية في تنفيذ خطوة من جانب واحد للانسحاب دون التنسيق مع الدول العربية في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، قال الموقع، فقد رفضت الحكومة اللبنانية مناقشة ترسيم الحدود مع إسرائيل، ونسّق إيهود باراك، الذي كان رئيس الحكومة حينذاك، هذه الخطوة مع الأمم المتحدة برئاسة مبعوثها تيري رود لارسن. ولفت الموقع أيضًا إلى أنّه من الجدير ذكره، أنّ باراك قد وعد خلال انتخابات العام 1999، والتي تغلّب فيها على رئيس الحكومة الحاليّ، بنيامين نتنياهو، بأنّه لو انتُخب لرئاسة الحكومة فسوف يُخرج الجنود من لبنان، وقد ساعده الأمر ليتم انتخابه كرئيس للحكومة.

ونذكر أيضًا، شدّدّ الموقع، على أنّ عملية تفكيك جيش جنوب لبنان، الذي عمل في جنوب لبنان إلى جانب إسرائيل، سرّع من انسحاب الجيش الإسرائيليّ من لبنان. من الصعب أن نقرّر ماذا أثّر على ماذا، هل شعور أعضاء جيش لبنان الجنوبيّ بأنّ إسرائيل قد انسحبت من لبنان هو الذي أدى بهم إلى التفكّك أم العكس؟ ولكن العلاقات بين إسرائيل وجيش لبنان الجنوبي كانت من بين الاعتبارات التي رجحت كفة الميزان لصالح الانسحاب، على حدّ قول الموقع، الذي اعتمد على مصادر أمنيّة وعسكريّة وسياسيّة إسرائيليّة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]