يشير البحث الذي اجراه الباحث سليم بريك ابن الجولان السوري المحتل الى أن ظاهرة الانتحار لدى الشباب في الطائفة الدرزية في إسرائيل وخيمة، فنسبة الانتحار لدى الشبيبة في أوساط الطائفة الدرزية تفوق المعدل العام بنسبة 212 %، هذه هي الحقيقة الجزئية، والحقيقة الكاملة أغرب من الخيال..عن هذا الموضوع كان لمراسلنا حديثا مع عدد من ابناء الطائفة حول الظاهرة وأسبابها وطي الكتمان حولها وعدم اثارتها.

تعددت الانتحارات والموت واحد
وتطرق الكاتب هادي زاهر الى هذه الظاهرة وقال: هذه النسبة لم تكن دقيقة وهي أكثر من ذلك بكثير، ولكن بعض الأهالي رفض الحديث عن انتحار أبنائهم، وهناك من ادعى بان ابنه قُتل في حادث غامض أو في حادث طرق أو غيرها من الحوادث، ولو أخذنا جميع من انتحر بعين الاعتبار لفاقت النسبة المذكورة بكثير. هكذا بالتمام والكمال يقول الكاتب هادي زاهر من قرية عسفيا..وبناءا على ما تقدم فقد قام الشيخ موفق طريف بتكليف الدكتور سليم بريك من الجولان المحتل ببحث الاسباب التي تدفع الشباب الدرزي الى الانتحار،وذلك رغبة منه في ايجاد الية للحد من هذه الظاهرة.

مصادرة الهوية والأرض واستغلال جهاز التعليم
غالب سيف والد رافض الخدمة عروة سيف قال: لا شك ان حالات الانتحار لدى الشباب الدروز لها علاقة مباشرة بالتجنيد الاجباري،فالتجنيد الاجباري قضى على ما كل هو طيب وقيم في الطائفة العربية الدرزية وسد الافاق بوجه الشاب الطموح وخلق حالة من اليأس لدرجة ان أي مشكلة صغيرة يواجهها الشاب الدرزي تؤدي به الى الانتحار.

وحول سؤال مراسلنا لماذا يبق هذا الموضوع طي الكتمان في الطائفة ولا يثار فقال: كباقي المواضيع التي لم تثار ولم تعالج كمصادرة الاراضي ومصادرة الهوية واستغلال جهاز التعليم لبناء هوية تتناقض مع ارثنا العروبي والإسلامي والقومي والوطني .

تلفيق تهم اخلاقية من السلطات للتخلص من بعض الجنود الدروز
بدوره فقد قال الكاتب نمر نمر من حرفيش :نسبة الدروز من نسبة العرب 8%،بينما نسبة الانتحار في الطائفة الدرزية تساوي 54% من المجمل في المجتمع العربي!! وتابع نمر:قضية التجنيد الاجباري سبب رئيس لهذه الظاهرة،من جهة اخرى تلجأ السلطات احيانا الى تلفيق تهمة اخلاقية لجندي مع حس وطني للتخلص منه وينشر انه انتحر!.

واسهب نمر: السبب الرئيس كما قلت الخدمة الاجبارية وهذا الموضوع اثير في السابق،لكن هناك سياسة تسمى بسياسة"مسح الجوخ"،وهي شبيهة بمقولة" لا تقربوا الصلاة" ويحذف الباقي،وفي الطائفة ينهجون هذا النهج بدون الوقوف على المسببات الحقيقية.

البحث ونتائجه ..وخيمة
بدوره فقد اكد الباحث سليم بريك من مجدل شمس المعطيات وقال: قمت بهذا البحث في عام 2007 بناءا على طلب الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة واستغرق البحث اربع سنوات ، وتبين ان النتائج وخيمة جدا،ومنها ان نسبة المنتحرين في الطائفة ضعف النسبة العامة في البلاد 212%،وتبين ان ربع المنتحرين هم من الشباب الذين ينخرطون في التجنيد الاجباري وفي سلك الأمن، هذه الحقيقة أدت إلى تجميد التعامل مع هذا البحث وعدم نشره!!وتبين من البحث بشكل لا مجال فيه للإنكار بان أزمة الهوية والصراع مع الذات حول ماهية الخدمة الإجبارية هي من بين الأسباب الأساسية التي تدفع بالشاب الدرزي إلى الانتحار، ولا يستطيع أحد تغطية الشمس بعباءة، فالشاب الدرزي الذي تربى على العدمية القومية من خلال البرامج الدراسية المفروضة على المدارس الدرزية، ونتيجة للأجواء التي أنتجت هذا الهدف داخل مختلف الأطر التي تربى عليها الشاب الدرزي في هذه البلاد،وعند بلوغه وانخراطه في التجنيد العسكري يستيقظ ضميره في اللحظات الصعبة عند سماع ضرب المدافع وهطول القنابل ومقتل الأبرياء،يستيقظ ضميره ويفكر بمنأى عن الآخرين ويسأل ذاته: "لماذا علي أن أحارب؟.. لماذا أكون مجرد أداة رخيصة ولمصلحة من، وضد من؟"يستيقظ حسه القومي ويقوده استنتاجه إلى أنه يحارب شعبه، هذا إلى جانب من صادر أرضه وحجب حقوقه وتركه فريسة لواقع تعيس يمنعه من بناء بيته وتوفير ظروف معيشية طبيعية بدون ملاحقات وغرامات.هذا الصراع الذاتي الأليم يتصاعد وعند بلوغه القمة، في لحظة الذروة أثناء انطوائه ليقوده إلى الإنتحار.. طبعا هناك أسباب اجتماعية،منها سوء التربية احيانا أو خيبة أمل من تحقيق طموحات معينة ،أو أزمة نفسية،او عاطفية او مالية ، ولكن كل هذه الأسباب تذكر ما عدا الخدمة العسكرية!.




.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]