تشكل إصابات الأطفال جراء حوادث مشكلة مركزية في إسرائيل أسوة بالدول المتقدمة في العالم، وبحسب معطيات مؤسسة "بطيرم" كل سنة يقتل حوالي 120 طفلا نتيجة للإصابات، حوالي 28.000 طفل يمكثون في المستشفى للعلاج وما يقارب 185.000 طفل يتوجهون إلى غرف الطوارئ للعلاج. الأغلبية الساحقة من الإصابات هي نتيجة حوادث (إصابات غير متعمدة).

في هذا السياق تحدث مراسل موقع بكرا الى نسيم عاصي , محاضر في قسم التمريض جامعة حيفا وناشط جماهيري .

60 طفلا عربياً يلقون مصرعهم سنوياً

نسيم عاصي :" نتيجة للإصابات، كل سنة 60 طفلا (بالمعدل) من المجتمع العربي في إسرائيل يفارق الحياة وهذا يعادل %58 من مجمل عدد وفيات الأطفال جراء الإصابات في البلاد في حين أن الأطفال العرب يشكلون اقل من %30 من مجمل الأطفال في إسرائيل.

وتابع يقول بالرغم من انخفاض في نسبة وفيات الأطفال نتيجة إصابات في كلا المجتمعيين اليهودي والعربي، فما زالت فجوة كبيرة بينهما: في عام 2014 كانت نسبة الوفيات وسط الأطفال العرب اكبر ب 2.3 مقارنة مع المجتمع اليهودي.

وأضاف عاصي :" مسبب الوفاة الأول في وسط الأطفال العرب نتيجة للإصابات غير المتعمدة في السنوات الأخيرة هو حوادث طرق الاغلبية الساحقة منهم مشاة وحوالي %27.5 إثناء السفر بالسيارة. مسببات مركزية أخرى لوفاة الأطفال العرب جراء حوادث هي الحوادث المنزلية وتشكل أكثر من ثلث وفيات الأولاد العرب جراء الإصابات، منها الاختناق وتشكل %9.7 وحالات الغرق التي تشكل حوالي %8.8.

حوادث الطرق

جدير للإشارة أيضا، بان نسبة وفيات الأطفال العرب جراء حوادث طرق (منها دهس الأطفال في الشوارع وعدم استعمال مقاعد السلامة وحزام الأمان داخل المركبة) بين أوساط الفئة العمرية 5-9 سنوات %76.3 من مجمل عدد الوفيات جراء الإصابات في نفس الفئة العمرية وهذه هي إحدى المشاكل المركزية التي يعاني منها المجتمع العربي.

وقال :" من خلال المعطيات أيضا، نرى بان الفوارق في نسبة الوفيات في وسط الأطفال العرب مقارنة مع الأطفال اليهود تبرز في وسط الأطفال من جيل سنة حتى 4 سنوات، وتصل إلى 7 أضعاف النسبة في المجتمع العربي.

 %95 من هذه الإصابات بالإمكان منعها

اثبتت الدراسات بان %95 من هذه الإصابات بالإمكان منعها، أما من ناحية القصص فنحن نقرأ عنها كثيرا في وسائل الإعلام، ففي الاسبوع الاخير لاقوا حتفهم اربع اولاد جراء حوادث طرق مختلفة .

اسباب كثرة الحوادث في المجتمع العربي

اما تفسيراته لكثرة الحوادث في المجتمع العربي فقال :" للظاهرة عدة اسباب شائكة ؤمتشابكة معا بالامكان ادراجها بعدة محاور أساسية وهي :"
1. قلة الوعي والمعرفة حول الظاهرة بشكل عام ووسائل الامان بشكل خاص.

2. شح الميزانيات التي تصل الى بلداتنا العربية بسبب سياسة ونهج عنصري تجاه المجتمع العربي من قبل المؤسسات الحكومية والمؤسسات الجماهيرية التي تعمل بهذا المجال.

3. قلة المشاريع التوعوية المناسبة لمتطلبات المجتمع .

4. الايمان المطلق لدى بعض شرائح المجتمع العربي بان الحوادث هي قضاء وقدر .

5. سلم الاولويات الخاطئ وعدم ادراج موضوع الاطفال بالطريقة المناسبة على اجندة العمل لدى المهنيين وصانعي القرار.

6. بنية تحتية غير أمنة بما فيها البيوت الخاصة.

7. التغيير بنمط الحياة وحالة الانتقال الذي يمر بها المجتمع العربي وارتباطه بالشكليات وليس بالكماليات.

من المسؤول؟

وأضاف عاصي قائلا :" المسؤولية هي مسؤولية جماعية ولا تقع فقط على الأهل الكرام انما على المؤسسات الحكومية والجماهيرية . من هنا نحن نناشد الجميع من صناع القرار، الوزارات الحكومية وغير الحكومية والأشخاص المهنيين كالممرضات، والعاملين الاجتماعيين، والمهندسين، والمعلمين والمعلمات، ولجان الطلاب ورؤساء المجالس المحلية وأولياء الأمور أن تعنل لبناء برنامجا يتناسب متطلبات المجتمع العربي ثقافيا وتربويا لرفع الوعي الجمهوري وتغيير سلم الأولويات والسلوكيات داخل المجتمع العربي ومن ثم إدارة موضوع سلامة الأطفال من خلال تعيين مركز لأمان الأطفال في جميع السلطات المحلية الذي يعنى بهذا المشروع العظيم. اضافة لذلك يتطلب منا كمهنيين عرب باخذ الموضوع على عاتقنا وان ندعن افامت مؤسسات جماعيرة تضع صوب اعينها موضوع سلامة الاطفال العرب.

الاصابات في فترة الصيف : 45% من الأطفال الذين لقوا حتفهم غرقا اطفال عرب

وحول المخاطر التي تهدد الأطفال في فصل الصيف قال :" بعد اسبوع من اليوم ستبدأ فرصة الصيف خلالها تذهب العائلات مع الاولاد الى برك وشواطئ السباحة للاستجمام من هنا يجب التنويه بان هذه الفترة هي فترة حساسة فكثير من الاطفال يموتون غرقا باماكن الاستجمام، وذلك في كافة الشواطئ والأماكن المعدة لذلك والتي يصل عددها إلى 139 شاطئا مرخصا.

هذا وسيستمر موسم السباحة الحالي حتى تاريخ 10.2015 . تؤكد المعطيات بأن حالات الغرق تعتبر أحد الأسباب الرئيسية للموت في العالم.

فالغرق يحدث بسرعة وبهدوء وخلال ثوان معدودات ، في معظم الأحيان لا يستطيع الضحية طلب المساعدة اثناء وخلال تعرضه لعملية الغرق.

تعليم السباحة

هذا ويشدد نسيم عاصي الناشط في هذا المجال ، ان تعليم السباحة امر مهم جدا فهم يطورون ويحسنون بشكل كبير قدرات السباحة، فيتبين من المعطيات ان من بين الطلاب الذين يتعلمون السباحة في الصف الخامس عدد قليل منهم عرف السباحة قبل تعلمه في اطار المدرسة. وبعد انهاء تعليم السباحة حصل تحسن ملحوظ على ادائهم في السباحة".

وقال : تشير معطيات مؤسسة "بطيرم" بانه خلال عام 2014 تسجلت حوالي 21 حالات غرق لأطفال في حوض السباحة ومجمعات المياه مما يشير على ارتفاع ملحوظ حيث معدل الغرق في الخمس سنوات الاخيرة كان 7 اطفال. كما تبين من المعطيات ان 45% من الحالات كانت لأطفال من الوسط العربي مع العلم بان شريحة الاطفال العرب تصل الى 26% من مجمل عدد الاطفال في اسرائيل، واعتبر شهر آب الشهر الاكثر سوءا من ناحية غرق الاطفال. وآخر حوادث الغرق كانت قبل نحو اسبوع حيث فجع المجتمع العربي بوفاة ولدان واحد منهم في بركة الحمة قرب العفولة اما الاخر فغرق بالبحر خلال ممارسته السباحة في احد شواطئ مدينة اشكلون.

وبهذا الخصوص اتوجه اليكم بتوصيات لكافة الأهل وذوي الأطفال والأولاد لتفادي حالات غرق:

• أحيطوا حوض السباحة الخاص بجدار واقٍ وببوابة مقفلة
• عدم إدخال الأولاد المياه دون مرافقة بالغ والبقاء على مقربة منه
• نفذوا تعليمات المنقذ
• لا تبتعدوا عن الشاطئ أثناء السباحة
• السباحة تتم فقط في الشواطئ الرسمية وبوجود منقذ ووجود أشخاص آخرين حولكم
• التواجد مع الأطفال داخل حوض السباحة و/أو على مقربة ومرأى منهم وعدم الانشغال بأمور أخرى مثل: مكالمة هاتفية، قراءة أو الحديث مع الآخرين حتى في فنادق الاستجمام
• نشرح للأطفال عن مخاطر البحر غير المتوقعة حتى للسبّاحين المهرة.
• مراقبة الأطفال دائما داخل المجمعات المائية: البحر، حوض السباحة العام والخاص للأطفال، حوض سباحة اصطناعي(بلاستيكي) أو في حوض الاستحمام الخاص بالأطفال.
• إفراغ حوض السباحة الاصطناعي وحوض الاستحمام الخاص بالأطفال مباشرة بعد الانتهاء من استعماله.

وتابع عاصي :" كما ذكر اعلاه، بالرغم من الانخفاض في نسبة وفيات الأطفال في المجتمع العربي جراء الحوادث فهذه المشكلة ما زالت شائكة فالفجوة والفوارق ما زالت قائمة ومضاعفة مقارنة بالمجتمع اليهودي. علينا كمجتمع أن نخرج من هذه "أللا مبالاة" ولنبادر بمشاريع وخطط عمل للحد من هذه الظاهرة، علينا دائما أن نتذكر بان للحوادث مردودات مستقبلية بعيدة المدى على الطفل والعائلة بشكل خاص على المجتمع بشكل عام.

"ما بحك جلدك غير ظفرك"

في الاسابيع الاخيرة قامت مجموعة من المهنيين الغيورين باقامة منتدى لبحث موضوع سلامة الاطفال العرب وستخرج هذه المجموعة بتوصيات حول استراتيجية تعامل المجتمع العربي بهذا الوباء ارجو ان تحطى هذه المبادرة بالدعم الكافي للبدء بمشاريع توعوية وتغيير سلم الاولويات ، فكما يقول المثل العربي الشعبي : "ما بحك جلدك غير ظفرك".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]