الجندي السابق امير ابو ريا، سخنيني، ينتمي الى عائلة خدم معظم افرادها في الجيش الاسرائيلي "لاسباب رفض امير ذكرها في هذا المقال"، يعيش الان بعد ان انهى خدمته العسكرية في القدس بعيدًا عن اهل بلدته سخنين الذين رفضوا تقبله منذ ان كان طفلا ونبذوه فيما بينهم بسبب عائلته، علما انه حاول كثيرا التقرب منهم الا انهم لم يسمعوه او يمنحوه الفرصة لتوضيح نفسه وموقفه، وعوضًا عن ذلك حملوه مسؤولية تاريخ عائلته، الامر الذي ادخله الى متاهة، وبات يبحث عن هويته الحقيقية، فلا شعبه تقبله، ولا الدولة التي "خدم علمها" تقبلته!

من مدرسة عربية كشخص غير مرغوب به، أنتقل امير إلى مدرسة يهودية، وايضًا لم يلاقى الترحاب فتوجه إلى الجيش، خائنًا لأبناء شعبه وعن هذا يحدثنا أمير: كبرت في بيئة عسكرية. معظم افراد عائلتي خدموا بالجيش الاسرائيلي. جدي، اعمامي وابي، وبسبب ذلك واجهت مشاكل عديدة من المجتمع، حيث انه لم يتقبلني الطلاب في المدرسة او المجتمع المحيط بي، وكنت اسمع بشكل يومي كلمات جارحة مثل "يهودي صهيوني وقاتل"، بسبب انتمائي الى عائلة ادى معظم رجالها الخدمة العسكرية.

انتقلت الى مدرسة يهودية لان مدرستي لم تتقبلني بسبب تاريخ عائلتي

وتابع لـ"بكرا": كنت اتوجه لابي واروي له كيفية معاملة الطلاب لي، فكان يقنعني انهم يغارون مني، حتى قررت ان اترك التعليم في سخنين وانتقل الى مدرسة يهودية، وبالتالي طلبت من ابي ان ينقلني الى مدرسة يهودية على امل ان يتقبلونني اكثر من ابناء بلدي الذين اتهموني بالعمالة والخيانة.

واضاف: ابي وافقني وتم نقلي الى مدرسة يهودية، وقد واجهت صعوبة في التأقلم فيها خاصة في الشهر الاول، الجميع كان ينظر الي كعربي وارهابي وانه ليس مكاني، واتضح لي ان الشعب اليهودي ايضا لم يتقبلني مما ادى الى بلبلة في هويتي، لم اعد اعرف هويتي، ان كنت فلسطينيا او اسرائيليا لان الجهتين لم يتقبلوني.

يريدون ان يمحوا كل العرب عن وجه الطبيعة ما عدا انا وعائلتي

وفصّل لـ"بكرا": بعد ذلك اصبحت اعي تاريخ شعبي وان هناك دولة اسرائيلية قامت على حساب دولة اخرى، عندما دخلت الجيش كنت مقتنعًا بشكل تام انه يجب ان اخدم الدولة، كمواطن فيها، الا انني لم اعلم حقيقة ما يحصل في الجيش، فمنذ البداية لم يتقبلني زملائي في الجيش الاسرائيلي ايضًا، وقد واجهت عدة مشاكل، كما ان زملائي الجنود كانوا دائما يلقون على مسامعي كلمات جارحة مثل انهم يريدون ان يمحوا كل العرب عن وجه الطبيعة ما عدا انا وعائلتي في قصد منهم الى انني خائن لشعبي واهلي، الى جانب تشبيهنا باننا نلد مثل الحيوانات.

على الرغم من القوانين والارشادات التي كان علينا التقيد بها الا انه بعيدا عن الكاميرات كنا نقوم بامور فظيعة

وتابع بالسرد: انهيت التمرينات في الجيش ودخلت الى الميدان، حيث تعرفت على الجنود الدروز البدو المسيحيون، علما انهم كانوا يعاملونهم بشكل جيد على اساس انهم ليسوا عربا مثلي، وقد واجهت صعوبة في التأقلم بالميدان بسبب عدم تقبلي لمعاملتي ومعاملة زملائي الجنود لابناء شعبي الفلسطيني، وعلى الرغم من القوانين والارشادات التي كان علينا التقيد بها الا انه بعيدا عن الكاميرات كنا نقوم بامور فظيعة، مما جعلني ارفض الامر وانتقل الى عمل المكاتب.

محمد مات..

واستمر قائلا: في المكاتب منحوني وظيفة مسؤول عن برنامج الجنود وامور مشابهة.. وبالتالي فان المعظم لم يتقبل وجودي في هذا المنصب، حيث كنت مسؤولا عن الأمور الإدارية واقرر كيفية تقسيم الجنود في الميدان، عدم التقبل لم يكن من الجنود فقط بل ايضا من الادارة، حتى وصل بهم الامر انهم كانوا يدخلون غرفتي ويقومون بامور غير مقبولة ويرمون بها القاذورات، كما كانوا يسطرون عبارات خاصة على سريري مثل الموت للعرب، محمد مات، لا يوجد لكم مكان هنا، وامور مشابهة، وقد تقدمت بشكوى لادارة الجيش الذين طلبوا مني ان لا تقدم بشكوى لماحش (وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة والجيش) وانهم سيحلون الموضوع ولم يحلوه طبعا.

لماذا اخدم الجيش طالما هو لا يعطيني حقوقي في حال تصاوبت في الجيش وينظرون الي كخائن

ويقول ابو ريا: بعد كل تلك المعاملات وعيت ان الجيش ليس مكاني او مكان اي عربي، حتى تتغير سياسة الدولة وان تتعامل معنا كبشر واحرار بدون عنصرية، الى جانب ان ابي وعمي ايضا بعد ان خدموا بالجيش ولم يعترف الجيش باصابتهم، مما وضعني امام تساؤل لماذا اخدم الجيش طالما هو لا يعترف بحقوقي في حال تصاوبت في الجيش وينظرون الي كخائن، علما انني لا اعرف حالي كخائن، انما خدمت الدولة التي اعيش بها، وانا اليوم لا اعرف كيف اعرف نفسي اسرائيلي او فلسطيني.

واكمل لـ"بكرا": الشاب العربي الذي يخدم في الجيش يكون عادة هدفه السلاح والارض، وهي امور لا تستحق ان ينتمي الى الجيش من اجلها، حيث تتم معاملتنا بشكل سيء جدا في الجيش، دون انسانية، علما ان الجيش جعلني اشعر بالمسؤولية وعمل على صقل شخصيتي.

واختتم: اعيش الان في القدس، اعمل في الحراسة في الجامعة العبرية بهدف توفير النقود لاكمال تعليمي، وتحقيق طموحاتي، منها ان اغير افكار ومعتقدات بلدي سخنين من الخارج ما دمت لم انجح بذلك من الداخل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]