استعانت دائرة تكية الخليل بستة متطوعين من خلال مديرية الأوقاف لينضموا إلى طاقم العاملين في التكية المؤلف من ثمانية أشخاص لمساعدتهم في تلبية احتياجات الآلاف من قاصديها خلال شهر رمضان، التي تثبت مقولة "الخليل المدينة التي لا تعرف الجوع".

ويبذل العاملون في التكية جل طاقاتهم لتأمين الوجبات الغذائية في موعدها يوميا، خاصة خلال هذا الشهر الفضيل، الذي يشهد "إقبالا كثيفا من المستفيدين"، مقارنة مع السنوات السابقة. وليست التكية، المحاذية للحرم الإبراهيمي بالبلدة القديمة من الخليل، بمنأى عن اعتداءات جنود الاحتلال، ومضايقاته للموظفين والعاملين فيها، واستفزازاته المتواصلة للمواطنين والمرتادين إليها.

وفور الانتهاء من أداء صلاة الفجر بالحرم الإبراهيمي الشريف بالخليل، يبدأ ثمانية من العاملين في 'التكية الإبراهيمة' الملاصقة للحرم، عملهم اليومي المعتاد، وهو إعداد الطعام لمرتاديها.

صراع مع الوقت

العاملون في كل يوم يصارعون الوقت، حتى يتمكنوا من الوفاء بالتزامهم تجاه آلاف المحتاجين ممن يقصدون التكية من طالبي سدّ الرمق، كدأبهم على ذلك منذ مئات السنين.

التكية الإبراهيمة أُنشأت في عهد صلاح الدين الايوبي بعد فتح بيت المقدس، لإطعام الوافدين لمدينة الخليل، ومنحت هذا الاسم نسبة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي عرف بأبي الضيفان، فقد كان يطعم الفقراء.

كانت غرف التكيّة قديماً واسعة، يقيم فيها الزوار ويتناولون طعامهم بوجباته الثلاث خلال اليوم، وكان ينادى للطعام بقرع الطبول، وأُلحق بها في ذلك الوقت اسطبل لاستراحة الخيل والدواب.

التكيّة الإبراهيمية تعمل على مدار العام، باستثناء أيام عيدي الفطر والأضحى، وتقدّم حتى اليوم وجبات ساخنة، أشهرها حساء 'الجريشة' المعد من دقيق القمح، أما يومي الاثنين والجمعة من كل أسبوع؛ تقدم وجبات من الدجاج أو اللحوم، وكذلك الحال طيلة أيام شهر رمضان المبارك.

التكية 

في الشهر الفضيل، يتجاوز عدد المستفدين من وجبات التكية 3000 شخص، بما يتطلب طبخ 1000 كيلوغرام من الدجاج، و700 كيلو من اللحوم، فيما تنحصر أعداد مرتاديها بقيّة العام بنحو 1000 مستفيد، فتقلّ تلقائياً كميّات الطعام المعدّة.

في الأيام التي يطبخ فيها حساء 'الجريشة' ترى الغني قبل الفقير يحضرون للحصول عليها وتناولها، ففضلاً عن مذاقها المرغوب من قبل الجميع؛ يتبارك البعض به، ويعتقد آخرون أن فيه شفاء من بعض الأمراض، رغم أن السكّر يدخل في تحضيره.

جواد النتشة 

جواد النتشة وهو أحد العاملين بالتكيّة يرى أن الإقبال المتزايد مردّه أن العمل داخل التكية شهد اقبال متزايد ومضاعف من جراء الظروف الصعبة التي مر بها الناس في فترة الانتفاضة الثانية، وما تلاها من إغلاقات، إضافة لارتفاع معدلات البطالة لقلة فرص العمل.

وبيّن النتشة أن التكيّة الابراهيمية في شهر رمضان تشهد إقبالا من محافظة الخليل وخارجها، إلا أن الوافدين جميعهم يحصلون على جودة الطعام ذاتها، كما أن البعض يقصدها لأخذ كميات من الحساء وإرسالها للمغتربين في عدة دول، كالأردن والكويت وولايات المتحدة الأمريكية.

هاني الصرصور

هاني الصرصور المتطوع منذ خمس سنوات في التكيّة الإبراهيمية، يؤكد أن ما ينغص عمله في هذا المكان المبارك والمعطاء هو مضايقات جيش الاحتلال والمستوطنين، ويقول: 'نبدأ العمل عند الخامسة صباحاً، والجنود يأخروننا ويحتجزونا تحت ذريعة التفتيش وفحص البطاقات الشخصية، وأحياناً يقتحمون التكيّة التي تشكل مصدر لجذب الآلاف عليها وللحرم الإبراهيمي بشكل يومي. هذا أمر لا يريدونه، وأكثر ما يتمناه الاحتلال هو إخراج التكية من جانب الحرم وإبعادها لخارج المنطقة'.

يعتمد العمل في التكية الإبراهيمة التي تخضع لإشراف مالي وإداري من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية؛ على تبرعات الميسورين في فلسطين، فضلا عن هبات مالية تمنحها وفود التضامن التي تأتي للخليل من جنوب إفريقيا وتركيا وبريطانيا وأماكن مختلفة من العالم، كما أن الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان قرر تقديم مكرمة لدعم التكية على مدار العام.

وفي حال انقطعت التبرعات يكون تأمين الطعام من مسؤولية وزارة الأوقاف.

في مدينة سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام، لا يمكن للجوع النيل من سكان المحافظة أو حتى زوارها، لتبقى التكية معلم عطاء المتجدد

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]