حلَّ شهر رمضان على الفلسطينيين بينما ما زالت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء تواصل ارتفاعها إلى حدود تفوق قدرة شرائح واسعة في المجتمع الفلسطيني، وفي وقت يلاحظ فيه استقرار سلع بعض المواد الاستهلاكية مثل الأرز والسكر، إلا أن زيادة الطلب في بداية رمضان على الخضروات والفواكه أدت إلى ارتفاع أسعارها.

وتعد الأسعار في الأراضي الفلسطينية هي الأعلى مقارنة مع الأسوق العربية الأخرى، ويعود الغلاء بالأساس إلى الغلاف الجمركي الموحد بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وهو ما جعل الأسعار متقاربة عند الجانبين رغم الفارق الهائل في مستويات دخل الفرد الفلسطيني والإسرائيلي.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور في إسرائيل 5000 شيكل (1300 دولار)، مقارنة مع 1450 شيكل (375 دولاراً) في الضفة الغربية.

وتباع بعض أصناف المواد الغذائية والملابس في السوق الإسرائيلية بأسعار أقل من السوق الفلسطينية.

كلفة استيراد أقل للإسرائيلي

وفي تعليقه على ذلك، يقول رئيس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية، خليل رزق، إن التاجر الإسرائيلي يتحمّل كلفة استيراد أقل من نظيره الفلسطيني بسبب إعاقات الاحتلال أمام الاقتصاد الفلسطيني في وقت يتحمل فيه الطرفان النسبة ذاتها من الضرائب.

وحذر رزق، من حالة ركود في الضفة الغربية إذا ما اتجه المستهلكون للتسوّق من السوق الإسرائيلية مع سماح سلطات الاحتلال لمئات آلاف الفلسطينيين باجتياز الحواجز العسكرية في الضفة الغربية لزيارة القدس وفلسطين التاريخية خلال رمضان.

ويقول مدير دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الفلسطينية، إبراهيم القاضي، إن أسعار المواد الغذائية الأساسية "تشهد حالة من الاستقرار في السوق رغم زيادة الطلب في بداية رمضان".

تحتكر إسرائيل سوق اللحوم الحمراء في فلسطين بسبب قلة الإنتاج المحلي من جهة، والقيود المفروضة على الفلسطينيين في استيراد الأبقار.

استياء واضح في الشارع

ويظهر المواطنون استياء واضحا من أسعار الخضروات أيضا وهنا تقول صفية سمور من مدينة نابلس: "قصدت السوق لأحضر إفطار اليوم فقط، وكان معي 200 شيقل، لم يبقى معي إلا 50 منها ولم اشتر كل حاجياتنا بعد، يبدو أنه علي أن اختصر الكثير من لائحة مشترياتي التي اعتدنا عليها في رمضان".

وتضيف سمّور: "شهدنا ارتفاعًا خلال رمضان الماضي، لكن ليس مثل هذا، لذا أرى أنه من الضروري والملّح أن تخفض الجهات المسؤولة من أسعار اللحوم والدجاج والخضراوات، وإلا كيف نصمد حتى نهاية الشهر؟ للأسف، "الشاطر" يأكل الآخر".

ويوافقها أبو عبد الله، أحد سكان نابلس الأصليين الذي اعتاد معايشة ما يصاحب رمضان من تغيرات على حالة السوق، قائلاً: "أعتقد أن مسؤولية هذا الارتفاع يقع في المرتبة الأولى على التجّار، فكثير منهم يستغلون أجواء الشهر الفضيل ويغيرون في الأسعار بشكل مزاجي وغير مدروس، كما تقع كثير من المسؤولية على الحكومة، التي لا تفرض رقابة صارمة مع حلول شهر رمضان".

التجّار: الغلاء يمسّنا أيضا

هكذا يظل الشارع يشتكي في حلقة مفرغة، فكل يلقي اللوم على الآخر، ويؤكد التجار أن الغلاء يتشكل في المنبع، يبيّن محمد علان في حديث لــ"بكرا"، الذي يقتني محلا لبيع اللحوم المجمدة أن "هناك غياب واضح للرقابة الرسمية، ما يسهّل على المزارعين الذين يزودون السوق بالدواجن واللحوم، وحتى المزارع التي توزع الخضار والفواكه وغيرها، رفع السعر حسب ما يزيد ربحهم، فنحن نشتري سلعنا بالأسعار المفروضة علينا ونزيد عليها نسبة من الربح التي تضمن استفادتنا بأقل ضرر ممكن للمواطن".

ويقول عبد الحميد الشخشير، أحد تجّار المدينة: "كل ما انخفضت الأسعار بعنا أكثر، لذا هذا يصب في مصلحتنا نحن التجّار، لكن الغلاء يشملنا أيضًا، ونحن جزء من العملية، ولم نشهد غلاء على السلع اليومية مثل هذا العام، فاللحوم مثلا يتذبذب سعرها بين نهايات الخمسين وبدايات الستين شيقل... اعتقد أن الضرائب ورسوم الاستيراد هي أكثر ما تهلكنا وتوقفنا حائرين بين جحيم الفقر والغلاء".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]