أمسك بالريموت كنترول ، أقفز من قناة لأخرى ، لا ابحث عن شيء محدد بقدر ما استمتع بإدارة مؤشر التلفاز ، دائما الحال لا تبعث على السرور ، قتلى هنا وهناك ، معدو نشرات الاخبار هم أشخاص شديدي التعاسة لا يعرفون سوى الاسى والنكد الذي لا ينضب ، ألا تصلهم سوى أخبار من لقوا حتفهم ؟!
حسنا هناك شاب في مقتبل العمر قد تزوج اليوم ويقيم عرسا وهناك أم قد وضعت مولودها الاول بعد أن أصابها القنوط من الإنجاب وهناك من اخترع دواءا لمرض ظن البشر يوما أنه لا سبيل من الشفاء منه ، فلما لا يخبروننا عن هؤلاء؟

القناة العربية الوحيدة التي لا تعج بالقتلى هي قناة بين سبورتس ، القناة تعرض مباراة بين انجلترا وسويسرا على ملعب ستاد ويمبلي ، لم يلفت نظري المباراة التي كانت تبعث على الضجر بقدر ما راعى انتباهي جمال الملعب ، يحتوي الملعب على منارات للطائرات التي تحلق على مدى منخفض بينما لا تحتوى الملاعب في القاهرة على بوابات كي يدخل الجمهور . الحضور ٨٩ الف و ٧٢٩ ، ما هذه الدقة ، هنا من يخرج من الملعب امنا في سربه كمن يخرج من فك تمساح أليجاتور ، لن نصل أبدا إلى ما وصل إليه هؤلاء ، هكذا أحدث نفسي ثم اتابع المباراة في صمت وتحسر .

ملك الدنمارك كنوت العظيم يغزو انجلترا على رأس مقاتلي الفايكينج من جميع أنحاء سكندنافيا ، هكذا هي اوروبا في العصور الوسطى ، الجميع يغزو الجميع وإن لم تغز جيرانك فسوف يغزونك هم ، لا ويمبلي ولا أولد ترافورد ، لا شيء سوى فقر مدقع وبطالة دؤوبة وجهل مثابر ، فكيف كان يلعب الإنجليز كرة القدم حينها ؟

بقايا جثث الدنماركيين في وسط لندن ، تناثرت أشلاء مقاتلي الفايكينج في ساحة كبيرة ، استطاع الإنجليز أن يطردوهم ولم تبق سوى روائح عفنة وبارود ، الرأس هي أقرب أعضاء الجسم شبها بالكرة ، لا يمكن للقدم أو الكتف أن يتدحرج ولكن يمكن لرأس جندي دنماركي ذو شعر أشقر كالذهب وعيون زرقاء كالبحر أن يفعل ، يتدافع فريقان من الرجال الإنجليز ، ليس هناك عدد محدد ، بإمكان الجميع الاشتراك ، هل يوجد حكم ؟ أقول لك أنه لا يوجد كرة فاستعاضوا عنها برأس إنسان من لحم ودم فتسألني عن حكم ؟!

يمكنك أن تستمع إلى صوت تحطم عظام البعض ، الشيء الذي لا يمكنك أن تفعله هو أن تقتل من الفريق الاخر ، المرمى هو علامة على شفا المدينة ، أحيانا يكون المرمى هو شرفة الكنيسة التي ينتمي إليها الخصم .

اعود لمتابعة المباراة الرتيبة في ويمبلي ، الكاميرا تقترب من طفل انجليزي في السادسة والصليب الأحمر قد قسم وجهه إلى أربع مربعات ،يبتسم ولو عرف هو كيف بدأ أجداده بلعب الكرة ما ابتسم وما حضر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]