بلغت احداث العنف المستشرية في مجتمعنا العربي ذروتها حتى وصلت حد الجريمة والقتل والاصابات البالغة والخطر الذي بات يهدد كل كبير وصغير في البلاد.

فبدأنا مؤخرًا نشهد افة العنف اخذة بازدياد دون من يضع المسؤولية على نفسه ويعالج الحكاية التي باتت تهدد أمن واستقرار افراد مجتمعنا، فبتنا نرى قاصرين يستعملون السلاح ويتعاطون المخدرات ويستخدمون الطرقات العربية داخل البلدات كحلبة سباق لسيارتهم المفخرة وقيادتهم الجنونية والمتهورة وغيرها العيد من الظواهر المقلقة التي ترجمت بحوادث قتل .

عرابة واحدة من البلدات التي كانت شاهدًا على دفع ثمن العنف الذي أوقع ضحية من أبنائها وهو محمد علي نعامنة الذي لقي حتفة راء شجار عائلي دار بينهم، وأيضا شهدت احداث اطلاق نار بشكل عشوائي على احد المحال التجارية وحرق السيارات وغيرها، وهذه الصورة تكررت أيضا في سخنين وقرى المنطقة دون من يقف ويستنكر ويحاسب ويعاقب الامر الذي اعطى يدا تطال افراد مجتمعنا واحدا تلوى الاخر .

فمن المسؤول وعلى من تقع مهمة الحفاظ على أمن واستقرار مجتمعنا ومن الظل الذي يقف خلف هذه القضايا؟ هذه كلها تساؤلات طرها مراسلنا على عدد من الأشخاص في استطلاع اجراه في هذا السياق.

هل تسمح شرطة اسرائيل بهذه الفوضى في المدن الاسرائيلية ؟

الفنان نضال بدارنة من عرابة قال لـ "بكرا": ان العنف الآخذ بالاستكلاب داخل مجتمعنا لهو ظاهرة سرطانية خطيرة تدعو الى وقفة جدية بالذات من قبل احزابنا والقوى الوطنية عبر تشكيل لجان شعبية لحماية الناس بالذات بعد فشل ما يسمى بشرطة اسرائيل بلجم هذه الاعمال .

وأضاف بدارنة : علينا ان نعي جميعاً ان العنف قد يصل الى بيوتنا، وان ما يحدث هو ليس وليد الصدفة بل هو خطة مدروسة من قبل السلطة لتفتيت مجتمعنا الفلسطيني وتقسيمه الى حمائل وعائلات وطوائف متناحرة . كما ان فوضى السلاح هي فوضى يمكن ضبطها من قبل الشرطة لكن الشرطة تتعامل معنا كأعداء، فهل تسمح شرطة اسرائيل بهذه الفوضى في المدن الاسرائيلية؟ او هل تنتظر اسرائيل دقيقة واحدة لضبط السلاح والمروجين لاستخدامه من اتباعها اذا وجهت رصاصة واحدة باتجاه مواطن يهودي؟.

وقال: باعتقادي ان المشكلة بحاجة لحل جذري ولحملة توعية على كافة الاصعدة لان عدم تداركنا لهذا الخطر الذي أخذ ينهش مجتمعنا قد يوصلنا الى الهاوية . علينا جميعاً ان نأخذ دورنا كفنانين ومعلمين وطلاب واهل في مواجهة ما يحصل. واعتقد ايضاً ان العنف السلطوي ليس وحده ما يحاصرنا وانما العنف تجاه انفسنا كالتحريض من قبل البعض على البعض الاخر لمجرد الاختلاف في الرأي واستعمال لغة التهديد في حوارنا والتلويح بالقوة والذراع، هذا كله ينتج جيل كامل يرى بالعربدة والقوة طريق لحل الاختلافات. آمل ان نكون باحسن حال وان يعي شعبنا الفلسطيني ان هذا السرطان بحاجة لعلاج سريع قبل ان نموت جميعاً في حسرتنا .

نحن بحاجة لعلاج جذري قبل ان نفقد مقومات الوجود كمجتمع حضاري انساني

د. عدنان بكرية من عرابة قال بدوره معلقًا : مجتمعنا يشهد حالة من التردي بحيث تطغى كل الامور السلبية عليه ونحن بحاجة لعلاج جذري قبل ان نفقد مقومات الوجود كمجتمع حضاري انساني. اعتقد ان المسؤولية مركبة يتحملها اولا البيت والاهل والبيئة والحرمان الذي يدفع الشباب نحو العنف، وثانيا قيادة الوسط العربي ومؤسساته الاهلية والقيادية والتي لم تتخذ خطوات ولم تستحدث اليات لمعالجة ظاهرة العنف والانزلاق، عليها تقع مسؤولية كبرى وفي مقدمتها استحداث اليات تثقيفية رادعة للشباب المنحرف وتفعيل دورها بالشكل الصحيح.

وأضاف د. بكرية : اذا بقي الوضع على ما هو عليه فقد نجد انفسنا في وضع حرج نخشى على انفسنا واولادنا، يتوجب تأسيس جمعيات او هيئات في كل بلد عربي يتمحور دورها على تجنب العنف وتثقيف الشباب ثقافة المحبة والتسامح وهذا يتم بالتعاون مع الاهل والمدرسة والسلطة المحلية، كما ويجب رصد ميزانيات لهذا الامر كونه الاكثر الحاحا في الوصع الراهن.

غابت الاطراف وابتعدت عن القضية وهكذا أهمل المجتمع

أما المربية حنان اشقر من كابول فقالت لـ "بكرا: إنَّ المجتمع قضية جارية البحث، والبث بهذه القضية يحتاج إلى أطراف، وللأسف الشديد غابت الاطراف وابتعدت عن القضية وهكذا أهمل المجتمع. حوادث العنف تراكمت حتى بنت اسوارا من الصعب هدمها بالمجتمع العربي خاصة، واذا اخذنا نظرة شمولية أكثر نرى تهدم الامة وحضارتها لفقدانها روح الانسانية والقيم الاخلاقية الدينية، حيث ساهمت العائلات، والقصد الأباء والأمهات في هدم الفرد وذلك لغيابهما عن بناء الفرد الذي هو بدوره جُزء من المجتمع. زد على ذلك اهمال المدارس والطواقم المهنية لطلابنا، كلٌّ يبحث عن أموره وينسى ما هي رسالتُه، وبالتالي إهمال تربية الطلاب وتجذر صفات منبوذة تودي بحياتهم إلى جحيم الحياة وهدم مستقبله يبدأ بالتسرب من المدارس ومن ثمّ التدخين الذي يعتبر أولى تجارب خوض الرجولة بعين المراهق وهذا تكون النتيجة تردي وتبعثر المجتمع وأبناءه.

وقالت اشقر: المسؤولية أيضا تقع بالنصف الاخر على المؤسسات الحكومية التي تعنى بأمور الفرد والمجتمع والجهاز الامني الذي يستطيع أن يحد من تفاقم المشكلة عبر المراقبة والمتابعة على جميع الاصعدة التي ذكرت أعلاه. أيضا حلقات توعية للأهالي والأبناء من شأنها أن تمنع تطور ظواهر سلبية تأخذ البعض من الشباب على ارتكاب الجرائم، أي العمل على تطوير وتربية صحية وصحيحة وبالتالي مراقبة كل الأجهزة المسؤولة عن رعاية الطفل حتى فتراته الأولى من مراحل الشباب... كُلنا راعٍ ومسؤول عن رعيتِهِ.

لقد اخذ مفهوم العنف الكثير من وقتنا وأصبح جزءاً من واقعنا المعاش

الشابة نور نعامنة من عرابة قالت بدورها: تعتبر المدرسة إحدى أدوات المجتمع التي تحقق أهدافه التربوية من خلال جميع العادات السلوكية التي تؤمن للتلاميذ النمو السليم والمتكامل، الى جانب الإعداد والتكيف للمستقبل بعد الحصول على النجاح والانخراط في مؤسسات الدولة او مزاولة النشاط الاقتصادي، ويتعدى الأمر الى أكثر من ذلك في كثير من الأحيان بحيث يتشكل من خلال التعليم ابرز ملامح المجتمع، وتتحدد مكانته في السلم الحضاري. لذا على المدرسة تحقيق جميع ذلك من خلال وسائل وفلسفة تربوية قائمة على أسس معرفية تقوم الجهات التربوية المختصة بتحديدها.

وقالت: العنف المدرسي، لقد اخذ مفهوم العنف الكثير من وقتنا وأصبح جزءاً من واقعنا المعاش، واقتحم مجال سمعنا وإبصارنا ليل نهار ونسمع في كل يوم العنف الأسري والعنف ضد المرأة والعنف الديني والعنف المدرسي وغيرها من مصطلحات تحت نفس المفهوم . لذا يمكن السؤال هنا: هل العنف المدرسي والمتمثل ب(العنف من قبل المعلمين تجاه التلاميذ او من قبل التلاميذ تجاه المعلمين او من قبل التلاميذ تجاه بعضهم البعض) هي إحدى الوسائل ضمن الفلسفة التربوي التي من خلالها يمكن بناء الجيل الجديد؟ ان مفهوم العنف هو عكس مفهوم التربية وذلك لان التربية هي بناء الإنسان وتكوين ملامحه النفسية وكسبه الثقة بالنفس وتكوين مفهوم ايجابي تجاه الذات واتجاه الآخرين.

الابن هو مرآة اهله

الطالبة الثانوية أحلام نعامنة من عرابة عقب بدورها: ارى بان المسؤولية الكاملة الكامنة تقع على عاتق الاهل، وتربية الاهل في البيت، فعلی الاهل مراقبة تصرفات ابناءهم ومتابعتهم دائما. فكما يقال الابن هو مرآة اهله، يعكس ما تربى على فعله وقوله، علينا ان نجند شبابنا واولادنا لعمل الخير واللجوء الي التفكير وعدم التهور في افعالهم، وتربيتهم علی قيمة التسامح, فالتسامح صفة الأقوياء، وما يحدث اليوم يلحق أضرارا جسدية وحتى نفسية علی أبناءنا هنا علينا ان نربي اولادنا علی أسس متينه ومبادئ قوية الا وهي التسامح، تقبل الاخر والتروي ،فنحن نستحق العيش بسلام وامان دون خوف او تهديد ولا غنا لنا عن بلدنا الحبيب، علينا التكاتف من أجل منع هذه الظواهر واخراج هذا السرطان من بلدنا الحبيب.

من الصّعب تقبُل فكرة أنّ بلدِه قد تكتسي الدمَ الاحمر او ثوب الحِداد 

وختامًا قالت الطالبة عرين نصار من عرابة: تشهد المنطقة اعمال عنف، جملة قد سمعها كل امرءٍ منّا ما يقارب الالف مرة خلال هذا الأسبوع وتحديدا بعد أن شهدت المنطقة حادث قتل الشاب محمد نعامنة!. جيلٌ يفخرُ بآبائه وأجداده وتاريخهم المُقدس المُفعم بالوطنية في هذه البلد، من الصّعب عليهِ تقبُل فكرة أنّ بلدِه قد تكتسي الدمَ الاحمر او ثوب الحِداد، ولكنه لا يُدرك أنّه مارس العُنف كثيرًا بطُرُق تختلف قليلًا عن القتل لكنها لا تقلُ تأثيرًا سلبيًا واعراض جانبية على اخلاق الجيل الصاعد.

وقالت نصار معددة اسباب العنف: عصرُ التكنولوجيا، اهمال الاهل، سوق العمل الأبوِي، حتّى المشاكل الاقتصادية داخل البيوت خلقت فجوة عُظمى بين الاهل والابناء مما قلل امكانية التفاهم او التأثير الايجابي على الابناء من قبَل الأبوين حيثُ انّ اضعف الايمان هو الحوار والنقاش بالأمور الدنيويِة وقد أعدمته الظروف التّي ذكرتها! المسؤولية تقع على الاهل على المدارس والابناء نفسهم حيث انّ كل احد من بين هؤلاء لهُ تأثير على الشخص! التدخين المُبكر الهروب من المدرسة حتى الشتائم، كل هذه الظروف هي خطوات ثابتة على طريق العنف الاجتماعي!!

وأختتمت: العنف ظاهرة موجودة في مجتمعنا لكنها ازدادت مما ادّى لطهورها بشكل واضح! ومع هذا يمكننا نحن جيل الشباب ان نغير بعدما نتغيّر، للعنف انعكاسات سلبية بلا نقاش وبكُل وضوح! لكن "ربّ ضارةٍ نافعة" قد تؤثر هذه الحالات بشكل ايجابي على فكر الجيل الشاب مما يؤدي لانتشار ثقافة التسامح بينهم والابتعاد عن العنف بكُل اشكاله!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]