مر عام على ذكرى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة ، ومازال الشعب الفلسطيني يعاني ويلات تلك الحرب دون تحريك أي ساكن في مأساته ، فصمت الشارع الفلسطيني يصعب تفسيره هل هو فقدان للأمل بإعادة الإعمار وعيش حياة كريمة أم فقدان القدرة على تحمل المزيد من الآلام .

الجرف الصامد مقابل العصف المأكول

وبدأت فعلياً الحرب يوم 8 يوليو2014 والتي أطلق عليها الاحتلال الإسرائيلي عملية الجرف الصامد وردت كتائب عز الدين القسام بمعركة العصف المأكول..

وكانت اتفقت اللجنة الموحدة التي شكلها الرئيس ابو مازن برئاسة عزام الاحمد وعضوية حركتي حماس والجهاد الاسلامي وبعض فصائل المنظمة على وقف اطلاق نار فوري وفق الورقة المصرية .. وافضى الاتفاق على ان ترفع اسرائيل الحصار عن غزة .. وتم تأجيل التباحث حول الميناء والمطار وأمور أخرى للقاءات أخرى مع الجانب الاسرائيلي والتفاوض غير المباشر بوساطة القاهرة .. لكن لم يحدث ذلك منذ انتهاء العدوان!

ولم تتحسن ظروف الحياة اليومية للفلسطينيين في قطاع غزة , واصبحت مواد الاعمار جزءا من خطة اسرائيل لحصار قطاع غزة وبالمقارنة فلم يتغير شيء على كمية مواد الاعمار التي دخلت القطاع قبل العدوان وبعده بل زادت الشروط الاسرائيلية على توريد المواد للقطاع وفق ما تم اطلاق عليه خطة سيري لاعادة الاعمار .

 استشهاد ما يقارب 2200 فلسطيني

واسفرت الحرب عن استشهاد 2251 فلسطيني وجرح المئات وتهديم عشرات المنازل هدما كلياً .

وعود... وعود...وعود

ويتساءل المواطنون في قطاع غزة عن الوعود التي سمعوها بعد العدوان على قطاع غزة وأفضى الكثيرين الى رأي واحد ان المقاومة الفلسطينية نجحت عسكرياً وحققت انتصاراً على قوة المخرز الاسرائيلي لكنّ الفشل كان سياسياً .. فمن يتحمل ذلك ؟ ولماذا لم يتحقق ما حلمت به غزة ..؟

اعتبر القيادي في حركة حماس اسماعيل رضوان أن استمرارية أن يزال الاحتلال ينعم بالحرية دون مساءلة بما ارتكبه من جرائم حرب ضد الإنسانية وإبادة جماعية اجحاف بحق الفلسطينيين قائلا: " بعد عام مازال الحصار والدمار والمؤامرة مستمرة والاحتلال لم يلتزم بشروط التهدئة وسجل عدة خروقات ولم يفتح المعابر اويعيد الاعمار".

وأضاف: " لكن بعد عام من انتصار المقاومة الفلسطينية نقول أن الكف استطاع أن يهزم المخرز وذلك باحتضان شعبنا للمقاومة الفلسطينية ، ولم يقم الاحتلال بتحقيق أي هدف من أهدافه وذلك لما مارسه من جرائم بحق شعبنا ، ولقد آن الآوان لرفع الحصار وإعادة الإعمار ولجامعة الدول العربية أن تنفذ قرارتها ، ومحاكمة الاحتلال لما ارتكبه من جرائم حرب ضد الإنسانية "، لافتا إلى أنهم كمقاومة أقوى من أي مرحلة مضت وأن المقاومة هي الضمان لاستمرار الشعب الفلسطيني بمضيه في استرداد ما سلب من حقوقه.

لا نتوقع حربا جديدة ولا قريبة على القطاع

وأشار إلى أنهم مازالوا ينشدون الوحدة الوطنية وإزالة الإنقسام، متابعا: " ولا نتوقع حربا جديدة ولا قريبة على القطاع لأن الاحتلال تعلم درسا ولم يحقق شيئا من أهدافه لأن المقاومة خلقت موازنة في قوة الردع والرعب وبالتالي غزة بمقاومتها وشعبها أصبحت عصية عن الاحتلال ".

ونوه إلى أن المفترض المقاومة حققت انجازات انتصارها متابعا: " للأسف الوضع المحلي للإنقسام والوضع الإقليمي الذي لم تترجم تلك الانتصارات على صعيد شعبنا الفلسطيني لذلك لم يطبق انتصارنا على أرض الواقع ، والاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عن استمرار حصاره واستهدافه وعدم التزامه بشروط التهدئة ويتحمل مسؤوليته عن أي تداعيات قد تنجم عن استمرار الحصار وعدم إعادة الاعمار واستمرار خروقات التهدئة.

في ذات السياق أوضح عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية كايد الغول غزة بعد الحرب تدفع ثمن صمودها ومقاومتها لقوات الاحتلال وثمن فضحها لجرائم الاحتلال التي تمغرت بشكل واضح ضد المدنيين وذلك الذي ساهم تأكيد الطبيعة العنصرية للاحتلال، إسرائيل أرادت هذا العام أن تنزع من الفلسطينيين المكتسبات التي حققوها

وتابع " وبدون التحديد الدقيق فطبيعة العدو الإسرائيلي ومخططاته تجعل طبيعة الحرب على غزة أمرا قائما على الدوام لكن تحديد هذا الأمر يرتبط بأهداف سياسية يمكن أن تكون حاضرة بقوة في لحظة محددة".

مخطط فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية 

ولفت إلى أن مخطط فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية مطروح على طاولة البحث، متابعا: " وتجسيد ذلك المشروع قد يكون بطريقتين إما بتدفيع الشعب الفلسطيني ثمن سياسي لقاء رفع الحصار مما يؤدي إلى قيام قوات الاحتلال بإغلاق كافة المعابر بالضفة وبالتالي نصبح أمام فصل حقيقي ثم يبنى على ذلك مشروع سياسي من قبل إسرائيل تقدمه في إطار تجزئة المنطقة الفلسطينية وان يكون الكيان الفلسطيني في قطاع غزة ليس أكثر، والخيار الثاني يكمن في حال عدم نجاح الخيار الأول وذلك في محاولات الجهود السياسي والإغراءات التي تقدم قد تستخدم القوة في محاولة لفرض ذلك الخيار".

وأوضح أن إسرائيل نجحت باحتواء المكتسبات ونتائج الصمود التي حققتها المقاومة وجعلت من الإعمار أداة ضغط على الفلسطينيين حتى يقبلوا بهدنة طويلة الأمد بعد ذلك، مضيفا: " أن ما حرم غزة من تحقيق الانتصار من خلال مطالبها هو استمرار حالة الإنقسام لأن في ظله تبدد طاقات ومكتسبات الشعب والأمر الأخر الوضع الإقليمي الذي استفادت منه إسرائيل كثيرا وفقط في إضعاف مكانة القضية الفلسطينية حيث تسعى إسرائيل لأن تكون جزء من أدوات التغير القائمة بالمنطقة".

فشل محاولات الإعمار

من جهة أخرى أكد البروفسور ناجي شراب الخبير والمحلل السياسي أن مازالت تداعيات الحرب قائمة على قطاع غزة ومازال الحصار قائما بالإضافة الى فشل محاولات الإعمار أيضا، قائلا: " الأخطر من ذلك التداعيات السياسية للحرب التي بدأت ومن خلالها برزت بعض مظاهر التوحد الفلسطينية أن أخطرها هو تعميق حالة الإنقسام والذهاب الى بنية منفصلة تماما عن الجسد الفلسطيني".

اسرى لدى حركة حماس

وأضاف: " إن أبرز مافي الحرب بعد عام هو تصريح وزير الامن الإسرائيلي أن هناك أسرى لدى حركة حماس وبلاشك تعتبر نقطة تحول وورقة ضغط كبيرة جدا في صالح حماس ، حيث يمكن استثماراها وتوظيفها سياسيا وخصوصا بما يتعلق بملف الأسرى ، بالإضافة الى بداية بتحول الموقف الإسرائيلي بلإعتراف أن حماس موجودة ولها دور وحديثها عن هدنة لمدة خمسة سنوات، وبالرغم من كل تلك التحولات الا أنها تتم بإطار بعيد عن الاطار الفلسطيني"،مبينا: أن اخطر تداعيات الحرب هو زيادة الإنقسام وتعميقه.

وأوضح أن الحرب الأخيرة كان هدف اسرائيل فيها واضح حيث أنها كانت تريد ضرب البنية التحتيه فكانت حرب استنزاف وكان فيها تركيز على البعد المدني الفلسطيني والأبراج السكنية دليل على ذلك وذلك لتجعل من قطاع غزة دائما كينونة تابعة لغيرها ، بالمقابل أبرز ما كان في الحرب واضحا هو الصمود الفلسطيني والتكافل الشعبي وأيضا فنون القتال تطورت لدى المقاومة وكان ذلك واضحا والقدرة على الصمود أمام أكبر قوة عسكرية في العالم ويعتبر ذلك درس لإسرائيل الأمر الذي جعل هناك تحولات في الموقف السياسي الإسرائيلي"، متابعا: " الأمر الأخر قدرة المقاومة على التعويض الذاتي حيث اكتسبت خبرات عسكرية وطرق جديدة بالقتال وقدرات تقنية في تطوير قدرتها العسكرية وأصبح لديها قدرة على التخطيط حيث أن الحروب الثلاثة أكسبتها كيفية التعامل مع اسرائيل ع الرغم من أن قطاع غزة لا يصلح كبيئة حربية وبالتالي الدرس الذي ينبغي أن تدركه المقاومة أنها ماذا تريد من غزة ومن هذا الخيار العسكري فذلك شئ مهم بعد عام على الحرب".

الحرب لا زالت مستمرة

ولفت شراب الى أن الحرب مازالت قائمة بين غزة واسرائيل طالما أنه لم يتم التوقيع على اتفاق هدنة بصيغة أو أخرى وبالتالي نحن في فترة هدنة مؤقته، مضيفا: "أعتقد أن طرفي النزاع توصلو الى قناعة أن الحرب لن تحقق الأهداف السياسية منها ،وحتى تلك اللحظة الحرب الأخيرة على قطاع لم تحقق أي هدف سياسي وبالتالي خلال فترة زمنية قصيرة اذا لم يتم الوصول إلى هدنة ومعالجة بعض الملفات مثل الميناء والحصار وغيرها ممكن أن نقول اننا ذاهبون إلى حرب جديدة ".

وأشار إلى أن بروز بعض القوى والتنظيمات مثل (داعش) والتي تريد أن تقاسم في امتلاك غزة متابعا: " بالتالي أحد التداعيات الخطيرة غياب قرار المقاومة المشتركة بمعنى أن كل فصيل ينطلق من منطلقاته الفكرية والحزبية والذاتية والخشية في ذلك أن تكون مرهونة ومحسوبة باعتبارات إقليمية وخارجية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]