لن تعتلي الطفلة ريماس خليفة الأرجوحة في عيد الفطر لهذا العام كما تحب بفعل إصابته بشلل نصفي يمنعها من الحركة جراء قصف إسرائيلي على منزلها في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف العام الماضي.

وتأتي مناسبة العيد لهذا العام باهتة على ريمارس (6 أعوام) وعائلته تماما كما تمر الأيام عليهم منذ الأول من أغسطس الماضي الذي كان صادف ثاني أيام عيد الفطر بالتحديد وشهد فاجعة إصابتها.

وفي يومها باغتت شظايا القذائف الإسرائيلية ريماس واخترقت دماغها أثناء نومها في منزلها في حي "الزيتون" جنوب مدينة غزة، في قصف عشوائي استهدف منازل المواطنين بالحي في ذلك التاريخ.

وبإصابتها غابت ريماس عن وعيها هي وإخوتها الخمسة، وتحوّل ثاني أيام عيد الفطر حينها إلى مجزرة، نالت من جمال طفولة أشقاءها الذين مزقت الشظايا وجوههم البريئة فيما أقعدت ريماس وأصابتها بإعاقة.

معاناة نفسية وجسدية

وتقول والدتها حنان خليفة لوكالة "صفا" إن طفلتها تعاني من ألام جسدية ونفسية أيضًا منذ إصابتها وتتأثر بأي شيء حولها سلبيًا حتى أنها في كثير من الأحيان لا تريد اللعب مع الأطفال.

وتضيف خليفة "أصيبت بشظايا في الجمجمة وأجريت لها عملية استئصال الشظايا، وعمليات أخرى في رأسها، وهو مفتح من أكثر من جهة، وهذا كله سبب لها موت في خلايا المخ".

ومن يومها تعاني ريماس من عجز في الشق الأيسر من جسدها، ولم تعد تتحكم بقدمها ويدها في هذا الشق، كما أنها تعاني من تشنجات تحدث لها في كثير من الأحيان.

وبحرقة تقول الأم "طوال السنة الماضية لم تقعد ريماس على كرسي متحرك، لأنني رفضت مجرد أن تراه، حتى لا تتدمر نفسيتها أكثر من ذلك، وعوّضت ذلك بحملها بنفسي".

وبعد صمت رددت الأم "رغم المعاناة في حملها على يديّ، إلا أن هذا يعني الكثير لريماس، ويكفي أنها لم ترّ الكرسي، حتى لا تشعر بالعجز أو الفرق بينها وبين إخوتها ومن حولها".

حرمتها من الروضة

ورغم إتمام العديد من العمليات، إلا أن الطفلة لا تزال في تعاني من جراحها، وهي ممنوعة من التعرض للشمس، وغير قادرة على التحكم بقدمها ويدها، ومن أجل ذلك فهي تلازم المنزل.

وقتلت "اسرائيل" بمجازرها التي ارتكبتها خلال عدوانها الصيف الماضي على غزة، أكثر من 556 طفلاً من إجمالي أكثر من 2200 مواطنا قضوا في العدوان الذي استمر 51 يوما على القطاع.

كما جرح في العدوان 2650 طفلا يرقد نحو ألف منهم بحالات بتر.

وفي العيد، لن تكون ريماس قادرة على اعتلاء الأراجيح وحدها، ويحاول والديْها أن يشعروها بأجوائه، بكل ما أوتوا من جهد.

وتقول والدتها بصوت متقطع يغلبه الحسرة على وضع طفلتها "اشتريت لها ملابس العيد وجمعتها مع إخوتها، وسأخرجها إلى المنتزه مع إخوتها، لأنها كثيرة الزعل وتتدهور نفسيتها من أقل شيء".

وتضيف "إصابة ريماس حرمتها من الروضة والأن من المدرسة، وهي بحاجة لعلاج طبيعي لمدة سنة أخرى على الأقل، ولكنني أحاول أن أدعمها نفسيًا وأعوضها بأشياء أخرى لتنسى معاناتها".

وتتابع بنبرات تفاؤل رغم قساوة كل هذا الواقع "بحمد الله بدأت ريماس تحرك قدمها نوعًا ما، وهذا بعث لنا الأمل بأنها من الممكن أن تعود يومًا للوقوف عليها، وهو أملنا في الله".

ولم تقتصر محنة عائلة خليفة على إصابة ابنتها بالشلل، فقد تضرر منزلهم بشكل جزئي أثناء العدوان، كما أن كل زاوية في المنزل تذكر أطفالها بتلك الليلة، التي نالت من طفولتهم.

جرعات وذكريات 

ومن شدة الصدمة التي تعرضت لها ريماس فإنها تنسى في بعض الأحيان حادثة الإصابة، إلا أنها تعاود تذكّرها في أحيان أخرى، وهذا ناتج عن إصابتها الحرجة بالدماغ، كما أن التشنجات التي تصيبها بين حين وأخر تؤثر على وظيفة المخ لديها.

وتقول الأم "إن ابنتها تتجرع حقن لمحاولة تنشيط خلايا المخ الميتة بسبب الإصابة، وهو ما يزيد من حرقة قلوبنا عليها، وهي تحتاج لدعم نفسي مع العلاج الطبيعي".

ولا يريد والدا ريماس أن يتحوّل العيد إلى ذكرى أليمة في قلب ابنتهما لأنه (العيد) أجمل مناسبة بالنسبة لها ولكل إخوتها، بل إنهم ينتظرونها في كل عام.

وكما تقول "لزومًا عليّا أن أفرحها وأبذل جهدي لتكون سعيدة، حتى تُشفى من إصابتها وتعود للوقوف من جديد".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]