عشر سنوات انقضت ولم تمض.. المجزرة حاضرة في أذهاننا لم تغب.. شهداء شفاعمرو الأبرار حاضرون في ذاكرتنا وكأنهم لم يتركونا.. معاناة الضحية المتهمة بالقتل والسلطة تلاحقهم وتعتقلهم وتحاكمهم.. وقفة أهالي شفاعمرو المصدومين من هول المجزرة والمؤكدين على أن القاتل لم يكن وحيدا.. عشر سنوات لم تكن مجرد سنوات ومضت.

الزمان: الخميس 4 آب الساعة 16:30 ب.ظ.

المكان: حي مرشان.

الحدث: حافلة عمومية للمسافرين، تابعة لشركة "ايجد"، تتوقف لانزال بعض الركاب، صوت رصاص متواصل ينطلق من داخل الحافلة.
الجريمة: جندي اسرائيلي متدين، تبين فيما بعد أنه هارب من الجيش ويتبع احدى التنظيمات اليمينية المتطرفة المعارضة لخطة الانسحاب الحكومية من غزة، واسمه نتان زادة من ريشون لتسيون، استقل الحافلة رقم 165 من المحطة المركزية "ليف همفراتس". عندما وصل شفاعمرو، قام من مكانه واقترب من السائق وفجأة أطلق عليه النار، فسقط ميشيل بحوث (65 عاما) مضرجا بدمائه، وواصل المجرم فأطلق النار على من يجلس خلف السائق، وسقط الشهيد نادر حايك (53 عاما)، ثم التفت الى الجهة المقابلة وأطلق الرصاص على فتاتين شقيقتين تجلسان على المقعد واستشهدت هزار ودينا عادل تركي (23 و21 عاما)، وواصل عمليته الاجرامية وأصيب عدد من الركاب وكانت اصابات ثلاثة منهم خطيرة.

رد الفعل: ذهول وصدمة ومحاولات للاختباء او الهرب.. الحافلة تصطدم بسيارة وعامود في الشارع وتقف..صوت الرصاص يتوقف.. يصعد شبان وبالتعاون مع بعض الركاب يسيطرون على القاتل.. جماهير بالمئات بل بالآلاف تحضر الى المكان وتطوق الحافلة.. مشاعر الغضب تتصاعد وردة الفعل لا يمكن السيطرة عليها.. عناصر قليلة من الشرطة تتواجد.. فجأة يعلن أن القاتل قتل ونقلت جثته.. جثث الضحايا الأبرياء تنقل الى معهد التشريح في "أبو كبير".. الشارع الشفاعمري حزين، غاضب، صارخ، مستنكر، مستنفر، موحد.

العبرة: الجريمة النكراء وضعتنا أمام عدة حقائق مرة.. الدولة التي نحمل هويتها ونحترم قوانينها ونعتبر مواطنين فيها ما زالت تنظر الينا كغرباء وأحيانا أعداء.. الدولة التي قسمتنا وفرقتنا الى طوائف وعشائر وحمائل، عند المواجهة والحساب والاتهام تضعنا في خانة واحدة عرب أشرار..نحن أبناء شعب واحد ولسنا مسلمين ومسيحيين ودروزا فالظلم الواقع علينا واحد، والتمييز الحاصل نحونا واحد، والتعامل العنصري البغيض معنا واحد، والقتل الأعمى بحقنا المجبول بالكراهية والحقد واحد.. شفاعمرو ليست جزيرة نائية عن محيطها العربي وما يطال أبناءها يطال أبناء سخنين وطمرة وأم الفحم والطيرة ورهط والبقيعة ويافا وأخواتها.

الذكرى العاشرة: انقضت السنوات العشر.. في كل عام أحيت شفاعمرو ومعها مؤسسات قطرية الذكرى بمسيرة جماهيرية.. في المرة الأولى كانت المشاركة واسعة ومجلجلة.. في المرة الثانية كانت قوية.. في الثالثة جيدة.. في الرابع وبعدها الخامسة حتى التاسعة، خفت المشاركة وقل عدد المشاركين المتظاهرين، وباتت المسيرات ضعيفة، روتينية، شكلية. أقيم دوار للشهداء ونسي موقع الجريمة. وتشكلت لجنة شعبية بدأت قوية، وكالعادة بدأت الخلافات الداخلية تطفو على السطح، فابتعد أو أبعد أهالي الشهداء وتحولوا الى غرباء.
اليوم نحن نحيي الذكرى العاشرة، توقع الكثيرون وتوقع أهالي الشهداء أن تكون الذكرى العاشرة مختلفة.. أن تحمل مضامين جديدة، أن تتم بشكل مختلف، أن تمتد على مدار أيام، أن يشارك بها الشباب والأطفال.. لكن شيئا من هذا لم يتم.

شهدت شفاعمرو فعاليات جماهيرية في هذا الصيف وخاصة خلال شهر رمضان المبارك.. وتشهد شفاعمرو حاليا مخيمات صيفية رائعة ومنوعة.. لم يكن هناك ذكر فيها للمجزرة أو للشهداء، لم يتخللها وقفة، تقديم نبذة، حديث عبرة، فعالية صغرى. لدينا مركز ثقافي، وحدة شبيبة، بيت مسن، كشاف، جمعيات، نواد، أقسام، والأهم أحزاب سياسية.. هل يعقل أن أحدا لم ينتبه ولم يلتفت ولم يذكر أن يوم الرابع من آب عام 2015 هو ذكرى المجزرة وشهداء شفاعمرو.

والمدارس.. نعم اننا في عطلة مدرسية، لكن هل نحن في عطلة فكرية؟! سمعنا وقرأنا وفرحنا بانتخاب مجلس طلاب بلدي! أين هو، ما هو دوره؟ لم يكن له تواجد في لقاء المعايدة الأخير. ليس له تواجد في المخيمات الصيفية. لكن المدرسة على الأبواب، هل فكر المجلس بتخصيص الأسبوع الأول من السنة الدراسية لذكرى المجزرة والشهداء، على صعيد المدارس؟ خاصة وأن الأسبوع الأول لا يكون مستقرا تعليميا ويمكن استغلاله لفعالية تربوية هادفة كهذه؟

هناك من فكر واقترح باعداد كتاب توثيقي حول المجزرة والشهداء والمعتقلين، وكل الملفات التي رافقت هذه المجزرة قضائيا واعلاميا وسياسيا، لكن الفكرة وئدت قبل أن تولد.

أهالي الشهداء يشعرون وبحق، أن ذكرى الشهداء وواقعة المجزرة سيطويها النسيان مع مرور الزمن، فهل هذا هو جزاء شفاعمرو لمن افتدى كل الأهالي بدمائه وقدم روحه بدل أرواحنا ذبيحة من أجل حياتنا؟ علينا أن نذكر ولا ننسى.

مسيرة الثلاثاء: يوم الثلاثاء القادم 4/8/2015 عند الساعة 18:00 نحن على موعد مع المسيرة الجماهيرية احياء للذكرى العاشرة، والتي ستنطلق من أمام دار البلدية باتجاه المقبرة المسيحية فالمقبرة الاسلامية انتهاء بدوار الشهداء.. في هذه المسيرة نعود لنؤكد وليس لنذكر أن ميشيل ونادر وهزار ودينا هم شهداؤنا، اخوتنا، أبناؤنا ودمهم لم يذهب هدرا، أنهم أحياء في ذاكرتنا وأن شفاعمرو لا ولن تتخلى عنهم.. مهما كان استياؤنا أو انتقادنا للجنة الشعبية وغيرها، يجب ألا يجعلنا ذلك نتخلف عن المشاركة، فنحن نشارك من أجل أرواح الشهداء، من أجل مساندة ودعم أهالي الشهداء، من أجل الوقوف الى جانب المتهمين والمعتقلين وذويهم في محنتهم ومعاناتهم، من أجل أن نؤكد أننا واحد.. فهيا بنا نلتقي ونشارك ونرفع صوتنا في هذا اليوم المشهود.

المجد والخلود لشهداء شفاعمرو الأبرار.
الحرية للمعتقلين الأبرياء.
التحية لأهالي الشهداء والمعتقلين.
لتبق شفاعمرو موحدة واحدة أبيّة. 

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]