قبل اسبوعين من اليوم وبالتحديد يوم الأحد قبل الماضي بدأ موقع بُكرا بنشر اول جزء من حلقات التحقيق الصحافي" مفقودون يبحثون عن هوياتهم"، ومنذ ذلك اليوم وعلى مدار اكثر من 10 ايام، انهالت الإتصالات الهاتفية على موقع بُكرا، مِن المتصلين من بارك هذا التحقيق الأول من نوعه، الذي يسلط الضوء على ظاهرة خطيرة في مجتمعنا العربي، ألا وهي ظاهرة "الاختفاء" ، وآخرون اعربوا عن امتعاضهم، كون التحقيق يسلط الضوء على ابنائهم او اقاربهم او معارفهم مع ذكر أسمائهم، وهو ما رفضوه كونه يفتح" الجروح" من جديد، كما قالوا.

المحررة في موقع بُكرا تحدثت الى عدد من القاصرين وأهاليهم، وأقاربهم، وأوضحت لهم ان الهدف من التحقيق هو تسليط الضوء على دور الأهل في الأساس، حيث تقع المسؤولية المباشرة على العائلة بتوفير الامن والحب والطمأنية والمصارحة والمكاشفة مع الأبناء، الأمر والوضع الذي من شأنه أن يقلل من هروب واختفاء القاصرين من الأهل والبيت.

من المتصلين والسائلين والمستفسرين من تفهم الموضوع وآخرون لم يشفع لهم التفسير، وفي جميع الأحوال رفضوا المشاركة في الخوض بتجاربهم او تجارب الأبناء، في هذه المرحلة.

مسلسل الإختفاءات لن يتوقف

وكما توقعتُ، فإن مسلسل الإختفاءات سيتواصل ولن يتوقف، ومنذ نشر التحقيق حتى اليوم، اضيف اسمان لقائمة المفقودين، أحدهما قاصر والآخر بالغ.

برق العبيد، 16 عاماً من شقيب السلام في النقب ويسكن في عبلين، اختفت آثاره في 19.7 وهو عائد لبيت عائلته في النقب، وتم الإعلان عن اختفائه في 2.8.

أيمن سراي الدين، 39 عاماً من عسفيا، اعلنت الشرطة عن اختفائه في 29.7 علماً ان اثاره فُقدت قبل ذلك بثلاثة اسابيع.

وحتى يومنا هذا لا جديد فيما يتعلق بالمفقودين الجديدين، وكذلك لا جديد فيما يتعلق ببقية المفقودين الذين ظهروا في الشريط، على مدار الاسبوعين الماضيين.

نعيد ونكرر ان التحقيق سلّط الأضواء على شريحة الاختفاءات التي يقوم "ابطالها" القاصرون بالاختفاء ويعودون من بعدها بعد ايام قليلة او ساعات الى اهاليهم، وليس الحديث عن المفقودين من البالغين الذين قرروا الاختفاء لدوافع مجتمعية واجتماعية وشخصية وغيرها من الدوافع ولا زالوا في عداد المفقودين.

كيف؟ ولماذا؟ واين؟ ومن اجل من؟!

العلاقة بين الأهل والابناء، مقدسة ويجب عدم الاستهتار بمتانتها، فكيف يُعقل ان يتصل اب من معليا بالشرطة ليبلغ عن اختفاء ابنه ويتضح بعد البحث انه راقد في غرفته؟!

وكيف لفتى، رفض اهله ان يسافر لخارج البلاد مع صديقه، ان يختفي من البيت عقاباً لوالديه؟!

وكيف لفتاة اصرت ان تصادق شاباً رغماً عن اهلها، ان تختفي عن العائلة، لأيام؟!

ولماذا قررت الفتاة الخروج مع صديقتها ليومين او ثلاثة دون علم والديها؟

واين قضى الشاب سهراته بعيداً عن اهله؟

هذا غيض من فيض لقصص شخصية، رفض اصحابها البوح عن تفاصيلها.

وبما ان عالم الشبكات والمواقع الاجتماعية وشبكات التواصل الاجتماعي دخلت بيوتنا والى حياتنا دون سابق انذار ودون ان نكون مهيئين كآباء ومسؤولين في التصرف والتعامل مع هذه التطورات، وجب علينا الكشف عن سلبياتها وايجابياتها ايضاً، وفيها الكثير من الايجابيات، وعلينا البحث عن الجوانب الاجتماعية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي و تحقيق النجاح في مجالات مختلفة والوصول الى ابعد المراحل والمراتب المرموقة والنجاح في ذلك، فهناك المعلومات التي تساعد على نشر الثقافة والمعرفة، اضافة الى ان هذه المواقع اتاحت لنا الفرصة لابراز وإظهار ابداعات الابناء، كما قال الخبير في شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت عبدالله ميعاري.

فارس الاحلام لا يأتي على ظهر مواقع التواصل الاجتماعية

لماذا يتوجه القاصرون الى مواقع التواصل الاجتماعي وماذا يبحثون فيها؟!

الا انه نوه لأمر هام جداً يتعلق بالشخص الذي يبحث عن علاقة معينة او شريك معين عن طريق الاترنت ونبه بان فارس او فارسة الاحلام وشريك الحياة لا يأتي عبر هذه الشبكات ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وان غالبية هذه العلاقات الالكترونية مصيرها الفشل او القلق وفي معظم الأحيان تكون ضربة اجتماعية قاسية لهذا الفتى او الشاب الذي كان متأملا تحقيق هدف وبالتالي يحصل على نتيجة سيئة.

70% يتوجهون لمواقع التواصل الاجتماعي والانترنت لحل مشاكلهم

يتضح في بحث اُجري مؤخرا في اسرائيل ان نحو 70% من الفتيان والفتيات في ضائقة بين 12 حتى 15 عاماً يلجأون للانترنت ومواقع التواصل الاجتماعية بحثاً عن حلول لمشاكلهم النفسية والإجتماعية، لعدم وجود آذان صاغية في البيت!.

ولا حاجة للتذكير مدى عدم مهنية هذه المواقع في علاج المشاكل، وكما قال الاخصائي الاجتماعي، فتحي ابو يونس لموقع بكرا، فإن توجه هذه الشريحة من الفتيان والفتيات الى الانترنت يعني هروبهم من واقعهم، وان هروبهم هذا لا يعني انهم فاشلون، انما يعني اننا فشلنا بدورنا كأهالٍ ومجتمع في احتواء هذه الشريحة، ان كان في العائلة او في الأطر الاجتماعية المتعددة.

حيث يشعر الابناء انهم مهمشون من قبل العائلة ومن قبل قيادة المجتمع ولو تم دمج هذه الشريحة في قيادة المجتمع لتم تقديم الحلول المناسبة لأبناء الشبيبة.

هروب القاصرين الى الانترنت هو فشلنا وليس فشلهم

واضاف ابو يونس: يتوجب علينا ان نعيد النظر نحن كمؤسسات التي تعطي خدمات توجيه وعلاج للشبيبة في عملنا، ويتوجب على الاهالي ايضا ان يعيدوا النظر في تصرفهم مع الشبيبة لكي لا نترك لديهم فراغا .

"المتوجهون الى اي مؤسسة علاجية، هو الانسان الذي ضعف ، والانسان الذي يضعف صعب ان يعترف بضعفه، لذلك يتوجهون الى الطريق الاسهل من اجل الهرب، في الوقت الذي يتوجب عليهم التوجه الى مؤسسات علاجية ، التي يمكن ان تعطي نتائج علاجية افضل بكثير من توجههم الى شبكات التواصل الاجتماعي".

"لذلك بودي ان انوه واؤكد التوجه للشبكات الاجتماعية، لا يقدم حلولا، انما يؤدي الى تفاقم المشكلة، وقد يوصل الشبيبة، وخاصة الشابات الى اوضاع بان يستغلوا من قبل معتدين، اذ هناك عدة اولاد وفتيات يتعرضون لاعتداءات نفسية وجنسية"- كما قال ابو يونس.

 المراهق يحب ان يشعر انه ملاحق بالاهتمام

لقد اكد الاخصائي النفسي العيادي د. سيزار حكيم ان المراهق يحب ان يشعر انه ملاحق بالاهتمام ممن حوله وان ظاهرة اختفاء الفتيات القاصرات اكثر منها لدى الذكور كون مساحة التمرد لديها تبقى ضيقة نوعاً ما، وترى المتنفس عبر ابتعادها واختفائها، حتى لو كان لفترة محدودة.

وان مواقع التواصل الاجتماعي زادت من ظاهرة اختفاءات القاصرين بشكل خاص.

من جهتها اكدت العاملة الاجتماعية مديرة جمعية" نعم" نساء عربيات بالمركز سماح سلايمة ان الحل هو بالتوعية والتربية والحصول على الاستشارة من قبل مهنيين واختصاصيين، وحذّرت من سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي النهاية نطرح هذه الأسئلة، على القاصرين والقاصرات، ونتمنى ان يسمع الأهالي الإجابات عليها من ابنائهم وان يتحاوروا معهم وان يجدوا لغة مشتركة معهم، لعل وعسى نمنع الإختفاء القادم...

1. هل تشعر انك مضغوط من قبل الاهل، وما حجم هذا الضغط؟ بكلمات مبسطة: قديش انت مضغوط من اهلك؟
2. من ايش بتخاف في البيت؟ ومن مين؟
3. هل تشعر ان حريتك مقيّدة في البيت؟ وانك بحاجة لحريتك في الخارج؟
4. ما هو اكثر شيء يؤثر عليك في البيت؟
5. هل تصرفاتك خارج البيت هي نفسها مثل تصرفاتك داخل البيت؟
6. ماذا يعني لك البيت؟
7. هل ما تراه في مواقع التواصل الاجتماعي من صور هو ما تريده وتبحث عنه؟ وكم يؤثر عليك ويصقل شخصيتك؟


بالنجاح
يتبع....

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]