رأى عدد من المحللون السياسيون والاقتصاديون، اليوم الأربعاء، أن الدبلوماسية الفلسطينية العاملة في مختلف أرجاء العالم وتحديدا في الولايات المتحدة الأميركية نجحت في تحقيق إنجاز كبير في خلال الاسبوع الجاري، عبر دفع وزارة الخارجية الأميركية للضغط على المحكمة الأميركية التي تنظر في دعوى ضد دولة فلسطين ومنظمة التحرير قدمتها 39 عائلة إسرائيل تطالب بتعويضات عن أضرار العمليات التفجيرية التي وقعت في إسرائيل بين العامين 2002-2004.

وشدد المحللون على أن العمل الدبلوماسي الفلسطيني أفضى لدفع وزارة الخارجية الأميركية للتدخل شخصيا لدى المحكمة والطلب منها بالموافقة على قيام السلطة الفلسطينية بدفع 10 ملايين دولار لحين المحكمة فقط بدل مبلغ يتجاوز 600 مليون دولار لحين المحكمة، ووضع حد لمساعدي الجماعات الإسرائيلية الأخرى الهادفة لرفع دعاوى مماثلة على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير.

وكانت المحكمة قد حكمت سابقاً على السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية بدفع مبلغ 650 مليون دولار لهؤلاء المدعين، إضافة الى مطالبتهم بمبلغ 450 مليون دولار فوائد مسبقة مستحقة على مبلغ التعويضات.

ونذكر بأن خلفية القضية أحداث حصلت بالأعوام 2002-2004 تخص قرابة 39 مدع، وكما هو معروف فأن قوانين المحاكم الامريكية تستدعي في حال طلب المدعى عليه استئناف قرار الحكم وقف التنفيذ مشروط بايداع كفالة مالية لدى المحكمة بقيمة تعادل 110% من المبلغ الذي اقرته اصلاً، ما يعني أنه كان مطلوب من السلطة ايداع كفالة بحوالي مليار دولار.

غير أنه نتيجة للجهود والمبادرات التي قامت بها الدبلوماسية الفلسطيني نجحت بانتزاع قرار وقف التنفيذ واستئناف القرار الاصلي مقابل ايداع كفالة نقدية تعتبر في ظل كل هذه المعطيات كفالة رمزية بقيمة 10 ملايين دولار تغذى بمبلغ مليون دولار شهرياً لمدة 12 شهر، وهو مبلغ مسترد عند البت بالاستئناف.

جهاد حرب: النجاح الفلسطيني سيضع حد لمساعد منظمات إسرائيلية متطرفة رفع دعاوى أخرى ضد منظمة التحرير

في هذا السياق، قال المحلل السياسي جهاد حرب، تعليقا على القرار لــ"بكرا"، إن هذا نجاح دبلوماسي فلسطيني بالضغط السياسي على وزارة الخارجية الأميركية التي تدخلت لعدم تطبيق الضمانات المطلوبة من قبل المحكمة بدفع المبلغ الكلي لحين النظر بالاستئناف، لان دفع مبلغ يزيد عن 600 مليون سيتسبب بانهيار السلطة الوطنية في ظل الأزمة المالية التي تمر بها، وأن القضية ستسبب بحجز أموال السلطة الفلسطينية في أميركا وهو ما تريده إسرائيل.

وأضاف حرب أنه يتوجب مواصلة العمل للاستئناف ضد أي قرار قد يصدر عن المحكمة ذاتها في ذات القضية بأنه لا يحق رفع دعاوى ضد دولة فلسطين في المحاكم الأميركية، وأنه من غير المعقول تحميل السلطة الوطنية مسؤولية الهجمات التي مت ما بين العام 2002- 2004 وهو قرار خطير سيقود لمزيد من الدعوى لو نجح بحق السلطة الفلسطينية، والتصدي له سيضع حد لرفع دعاوى مماثلة.

وقال حرب إن الرد الفلسطيني يجب أن يكون برفع دعاوى من قبل مواطنين فلسطينيين بدعم من الخارجية الفلسطينية على مستوطنين وعلى دولة إسرائيل في المحاكم الأميركية لوضع حد لجرائم الحرب التي يرتكبها المستوطنون والتي كان أبرزها جريمة دوما بحرق عائلة آمنة في منزلها، والمطالبة بدفع تعويضات لتلك العائلات من جيوب المستوطنون والحكومة الإسرائيلية التي تدعم إجرامهم.

وقال إن الدبلوماسية الفلسطينية يجب أن توصل عملها من أجل الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كدولة في الولايات المتحدة الأميركية لمنح فلسطين حصانة الدولة والحيلولة دون رفع قضايا عليها من قبل الاحتلال ومستوطنيه في المحاكم الأميركية.

تحسين عليان: القضية سياسية بامتياز لتجريم النضال الفلسطيني

إلى ذلك، قال المختص بالقانون الدولي لحقوق الإنسان في مؤسسة الحق تحسين عليان، إن القضية سياسية بامتياز والتعامل مع هذه القضية يجب ان يكون سياسي وقد كان تعاملا سياسيا، ونجحت الدبلوماسية الفلسطينية في منع تجريم النضال الوطني الفلسطيني لان القضية المرفوعة هي قضية سياسية بامتياز وليست من أجل إنصاف الضحايا.

وأضاف عليان في تصريح لــ"بكرا"، ان القضية المرفوعة أمام القضاء الأميركي التي يقف ورائها مؤسسات إسرائيلية صهيونية، بينها مؤسسة مسؤولة عن دعم كل من يتضرر من عمليات نفذها فلسطينيين لرفع قضايا باسمهم في أميركا.

وقال إنه يجب العمل على رفع قضايا ضد إسرائيليين ارتكبوا جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين في المحاكم الأميركية، وعلى المحاكم الأميركية ان تنظر في قضايا قدمها فلسطينيون امام المحاكم الأميركية.

وقال إن المحاكمة هي محاكمة للنضال الفلسطيني بشكل عام وأن الدبلوماسية الفلسطينية نجحت في قلب الطاولة، لان المحكمة ليست بريئة من أجل إنصاف الضحايا لان لو الموضوع يتعلق بإنصاف الضحايا فنحن الفلسطينيون الأحد بالإنصاف من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحقنا.

وقال عليان إن المطلوب قانونيا من قبل كل الفلسطينيين وفصائل المقاومة أن تلتزم بسلوكها بما يمليه القانون الإنساني الدولي حتى لا تعطي أي ذريعة لمؤسسات صهيونية وقضاء يسير باعتبارات سياسية لمحاسبة شعبنا صحاب الحق بالمقاومة، وأن تمارس المقاومة بشكل يحترم ويراعي المعايير الدولية التي فرضها القانون الإنساني الدولي.

سويلم: المعركة كبيرة في الساحة الأميركية وحققنا بعض الإنتصارات

من جانبه، قال المحلل السياسي، المحاضر في جامعة القدس "أبو ديس" د. عبد المجيد سويلم، لـ"بكرا"، إن القرار هو جزء لا يتجزأ من الصراع داخل المجتمع الأميركي ما بين اللوبي الصهيوني في أميركا والمؤيدين لفلسطين من الخيرين من أبناء الشعب الأميركي، فبعض أوساط القضاء تحاول تسيس القضاء لخدمة السياسية اليمينة في إسرائيل وتنجذب وراء دعايتها بتصوير النضال التحرري الفلسطيني كنوع من أنواع الإرهاب، وهي تقابل من قوى خيرة في أميركا، كما أن الولايات المتحدة على المستوى الرسمي لا ترغب برفع مثل هذه الدعاوى لذلك وقفت الخارجية الأميركية ضدها.

وقال سويلم نحن كفلسطينيين وجدنا أنفسنا في خضم معركة سياسية وليست قانونية في الولايات المتحدة الأميركية بين المؤسسات الصهيونية واللوبي الداعم لها وبين الشعب الفلسطيني، وإذا كانت المسألة ستنتهي عند هذا الحد هو ممتاز وهزيمة للمساعي الإسرائيلية، ويجب على أبناء شعبنا بمختلف أماكن تواجدهم في أميركا أن يواصلوا العمل من اجل هزيمة اللوبي الصهيوني في ملعبه.

وأوضح سويلم أن الدبلوماسية الفلسطينية لعبت دورا هاما في شرح القضية للخارجية الأميركية ولأصحاب القرار في الولايات المتحدة، ونجحت في محاصرة السياسة الإسرائيلية وإقناع الأوساط الأميركية المختلفة بعدالة قضيتنا وعدم مشروعية ما تقوم به إسرائيل.

وقال سويلم إن المطلوب هو المزيد من العمل مع الأوساط الأميركية والمؤسسات الأميركية لمنع تشويه نضالنا التحريري، ومنع رفع قضايا أخرى مماثلة ضد فلسطين، والتصدي لمحاولات اللوبي الصهيوني في الساحة الأميركية، ونحن بحاجة لمزاحمة اللوبي الصهيوني في منطقة حساسة وخطرة فهي معركة صعبة ويجب ان نواصلها ونواصل تسجيل نقاط نجاح في مختلف المجالات في الساحة الأميركية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]