قالت ناريمان التميمي، والدة الصغير محمد، إنها وابنها كانا يشاهدان الاحتجاج عن بعد عندما لاحظت أن شيئا ما لم يكن على ما يرام، فالجنود الذين يعمدون في العادة إلى سد الطريق على المحتجين حتى لا يصلوا إلى سفح الجبل في قريتها، بدوا وكأنهم يشجعون المحتجين على النزول إلى السفح.

وأضافت ناريمان في حديث مع "بكرا" بالقول: "لقد رأينا الجنود وقد أحكموا قبضتهم على ابني وشاهدناهم يتوجهون لإلقاء القبض على ناشط أجنبي، فهرول الجميع باتجاههم ليساعدهم".

ما حدث بعد ذلك التقطته الكاميرا عبر سلسلة من الصور، التي يظهر فيها فتى صغير يسعى جندي احتلال إسرائيلي إلى تثبيته بالأرض، بينما انقضت أمه وخالته وأخته على الجندي في محاولة لتخليص الغلام من براثنه.

وأضافت ناريمان: "بإمكانكم من خلال الصور رؤية أنه يضع جبيرة على ذراعه، فقد أطلق الجنود قنابل غازات مسيلة للدموع داخل البيت وحطموا النوافذ، فأصابت إحدى قنابل الغاز التي تطايرت داخل المنزل ذراعه وكسرت رسغه. لم يكن محمد مشاركا في الاحتجاجات يوم الجمعة لأن رسغه كان للتو قد انكسر".

وأصرت ناريمان على أنه "لا يوجد مكان آمن في النبي صالح سواء داخل البيوت أو خارجها، إلا أنه من الأفضل للأطفال أن يكونوا هناك في الخارج يواجهون مخاوفهم بدلا من أن يظلوا هنا مختبئين، فمشاركتهم تجعلهم من الناحية النفسية أفضل حالا".

اخت محمد تتحدث

أما أخت محمد، عهد، ذات الأربعة عشر عاما، أول من حضر لنجدته، فقالت: "في البداية حاولت الحديث مع الجندي وإقناعه بترك محمد، ولكنه رفض، ولذلك عملت كل ما في وسعي لتخليص أخي من براثنه، أي شخص في مكاني كان سيفعل الشيء نفسه لإنقاذ أخيه أو من يحب، فإذا كنت تحب أحدا يجب عليك حمايته".

واحدة من الصور التي حظيت بأعلى نسبة من المشاهدة والمشاركة، كانت صورة عهد وهي تعض يد الجندي في أثناء النضال في سبيل تحرير محمد.

وقالت عهد: "لم أدر ما الذي كنت أفعله. كنت فقط أفعل كل شيء بوسعي من أجل تحرير أخي".

كالنار في الهشيم

وانتشرت الصور، وكذلك الفيديو، الذي يوثق الحادث كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجذبت القصة انتباه مواقع الأخبار العالمية.

وذهلت عائلة التميمي، التي تعرف بأنها عائلة من النشطاء الفلسطينيين، بالانتشار السريع والواسع للصور وللفيديو التي قام بتصويرها بلال التميمي، عم الغلام محمد الذي كان يجري اعتقاله أمام الكاميرا.

أما خالة محمد، نوال التميمي، التي ظهرت في مقطع الفيديو وهي تستميت في دفع الجندي وضربه في وجهه وفي بدنه سعيا بكل ما أوتيت من قوة لتخليص ابن أختها من قبضة الجندي، فتقول إنها ممتنة لوجود الكاميرات في الموقع في أثناء الحدث.

وقالت نوال: "مثل هذه الحوادث ليست غير شائعة في النبي صالح أو في فلسطين، نشعر بالامتنان أن الناس الآن يشاهدون هذه الصور ويرون بأنفسهم ما الذي يفعله الاحتلال، ولكن كثيرا مما يحدث يكون في معظم الأوقات أسوأ من ذلك بكثير، لو لم يكن هناك في ذلك اليوم عدد كبير من الناس بكاميراتهم، لكانوا ربما أطلقوا النار علينا وأخذوا محمد، ولما كان ذلك أمرا غريبا".

وتنظم قرية النبي صالح مظاهرة أسبوعية كل يوم جمعة منذ عام 2009 بلا توقف للاحتجاج على الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية، وعلى مصادرة أراضي النبي صالح من قبل مستوطنة هالاميش المجاورة غير القانونية.

تصوير: بلال التميمي

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]