منذ ثلاثة أعوام تنتظر العروس سيما متولي حفل زفافها الذي تأجل عدة مرات بفعل اعتقال عريسها لدى الاحتلال الإسرائيلي تارة، وأجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية تارة أخرى، وبقيت لهذه اللحظة "عروسًا مع وقف التنفيذ" يسرق غياب عريسها في السجون الفلسطينية هذه المرة فرحتها.

العروس متولي التي بحثت عن فرحتها في زيارات السجون وفي الاعتصامات التضامنية الأسبوعية خلال الفترة التي أمضاها عريسها فادي حمد غانم (30 عامًا) في سجون الاحتلال، تكللت مؤخرا بالإفراج عنه بعد 26 شهرًا في الحبس الإداري، ليعود من جديد فارس أحلامها، ولكن إلى سجون السلطة.

وفي بلدة بير زيت شمال رام الله، أقامت عائلة غانم عرسا رمزيا في يوم زفاف فادي وسيما، تعبيرًا عن فرحتهم بـ"الزفاف المسروق" الذي انتظرته العائلة كي ترى نجلها عريسا.

نزع السعادة

أمضى غانم ما يزيد على سبع سنوات في سجون الاحتلال وسجون السلطة في أكثر من عشر اعتقالات، حتى أن يوم زفافه كان له نصيب منها.

وقبل أسبوعين أقدم جهاز المخابرات الفلسطينية على اعتقال فادي من منزله الذي يتحضر للزواج فيه، بذريعة العثور على "مواد مشبوهة" أمام المنزل.

لكن سيما التي حضرت إلى العرس بدون بدلة الزفاف، قالت إن تلك الأفعال التي أقدم عليها جهاز المخابرات لا تتعدى محاولات "نزع السعادة التي ارتسمت على وجوهنا بمشاعر دافئة مع جميع الناس التي أحبت فادي ودعمته في المحن".

وبصوت يحدوه الأمل تضيف سيما لوكالة "صفا": "تعجز الكلمات عن وصف المشاعر في هذا اليوم وأنا أحاول التزام الصمت، وأشعر بأن الصمت أبلغ رسالة لأنقل فيها مشاعري، والحمد لله على كل حال وربنا يعوضنا عن هذا اليوم بيوم أجمل".

وتتابع: "حتى لو أبعدوا الجسد فالروح قريبة والقلب أقرب، وفادي حاضر معي في كل دقيقة من حياتي، وأشعر أنه لم يغب عنا ولا دقيقة".

وبنبرة لا تخلو من تحدي اليأس تؤكد سيما على بث الروح المعنوية العالية في قلب عريسها المختطف، قائلة إن "الفرح لن تكسره قضبان السجون"، وأنها بانتظاره حتى لو طال الغياب.

"لن أبكي"

ومع تجمع الأهالي والمشاركين احتفاء بـ"الفرحة المسروقة"، ووسط ضجيج الأهازيج الوردية، وقفت والدة العريس بقامتها التي أهلكتها الاعتقالات: وقالت "أنا بكبر في ابني فادي".

ومع حساسية المشاعر في ذلك الموقف، أصرت والدة المعتقل على الظهور بمظهر المتحدي قائلة: "لن أسمح لنفسي بالبكاء في هذا اليوم، وأنا أترفع عن مظاهر الحزن، كما أنني لن أسمح لأحد برؤية دمعتي".

وتؤكد في حديث لوكالة "صفا" أن نجلها صاحب عزيمة وإرادة ولن تهزمه سجون الاحتلال أو السلطة.

وتشير غانم إلى أن اعتقال فادي قبل أسبوعين من موعد زفافه "ما هو إلى مسرحية لحرمانه من الزواج لأنه رفض الظلم طيلة مسيرة حياته، وواصل الدفاع عن قضيته حتى في اعتقاله".

وتقول الأم في رسالة للرئاسة الفلسطينية وجهاز المخابرات: "أنتم لا تعتقلون إلا الشرفاء من الشباب لحرمانهم وتغييبهم لا لشيء سوى لأنهم شرفاء، ولكن أنا أقول لكم بأنهم سيخرجون ويفرحون أكثر مما تتوقعون".

وتضيف: "جهزنا لفادي كل لوازم العرس وكلنا سعداء حتى في غيابه.. ما حدا بكسر عزيمتنا".

وتؤكد العائلة أن جهاز المخابرات نقل ابنها المعتقل إلى سجن الجنيد بنابلس؛ "لضمان استمرار اعتقاله وإبعاده عن منطقة سكنه حتى يستنزفوا توقعاتنا بالإفراج عنه وحضوره زفافه".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]