صادق البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في القراءة الأولى على قانون مكافحة الإرهاب، الذي يوسع بشكل كبير صلاحيات الدولة وتعريف ما المقصود بالأنشطة الإرهابية. وتعتبر هذه محاولة جديدة من قبل الحكومة للدفع بالقانون للتصويت عليه في القراءة الثانية والقراءة الثالثة حتى يصبح قانونا رسميا في الدولة.

هذه المصادقه اثارت ردود فعل واسعه في الوسط القانوني العربي حيث اصدرت عدة جمعيات حقوقية بيانات منددة بالقانون معتبرين فيه تحريضا واضحا على العرب ومحاولة لكم الافواه اتجاه كل معارض لسياسة الحكومة الاسرائيلية بقيادة بيبيي نتنياهو واليمين المتطرف خصوصا ان الاقلية العربية في البلاد ذات الاصول الفلسطينية هي من تقوم بالاحتجاج غالبا على سياسات الحكومة ونهجها العنصري .

ضبابية القانون 

وفي حديثٍ لموقع "بكرا" مع المحامي عمر خمايسة من جمعية ميزان حول الموضوع قال : الخطر الكامن في مشروع القانون الجديد التعريف الواسع والفضفاض لعدد من المصطلحات، مثل "منظمة إرهابية" و "عضو في منظمة إرهابية"، و "عمل إرهابي"، حيث إن الضبابية التي تلفّ هذه التعريفات تخلق عدم يقين في شأن تفسيرها وتطبيقها على أرض الواقع. مثالاً عينياً ، أنه بموجب البند الثاني لمشروع القانون، فإن "عضو المنظمة الإرهابية هو أيضاً كل من أبدى موافقته للانضمام إلى منظمة إرهابية"، ما يتيح للجهات الأمنية حرية الاشتباه بمن تشاء، مما يمس بحرية التعبير والضمير.

واضاف: ان ثمة فرقا شاسعا بين قول إنسان عادي إنه يريد الانضمام إلى منظمة إرهابية وبين الانضمام الفعلي لمنظمة كهذه، على اساس أنه قد يكون قالها تحت ظرف اجتماعي او سياسي خاص أو تحت التهديد. وأن تجريم شخص لمجرد أنه بلغ مسامع جهاز المخابرات أنه ينوي الانضمام إلى تنظيم إرهابي هو أمر خطير، خصوصاً أنه لن يتاح له الدفاع عن نفسه.

تصعيد خطير 

وفي حديثٍ اخر مع المحامي نديم شحادة من مركز عدالة حول نفس الموضوع قال: قانون مكافحة الإرهاب يستهدف بالأساس الفلسطينيين داخل إسرائيل إذ أنه يوفّر تعريفات فضفاضة وضبابيّة جدًا لمصطلح "الأعمال الإرهابيّة"، بحيث يسهل على السلطات الإسرائيليّة أن تتعامل مع أي نشاط سياسيّ مثل التظاهر أو حتّى إنساني، مثل حملات الإغاثة، على أنه عمل مرتبط بالإرهاب.

وأضاف: رغم عرضه إسرائيليًا على أنه قانون "لمكافحة الإرهاب"، فإن جزءًا كبيرًا منه يتركّز بقمع حريّة التظاهر والتنظيم والتعبير السياسي، إلى جانب كونه يجمع قوانين الطوارئ التي وضعها الانتداب البريطاني في قانونٍ إسرائيليّ ثابت.

واوضح: إضافةً إلى إمكانيّة ملاحقة ومقاضاة الناشطين السياسيين، وترهيب المجتمع الفلسطيني عامةً في الداخل عبر عقوباتٍ خطيرة على نشاطات سياسيّة وثقافيّة وإنسانيّة لا تمتّ للعمل المسلّح بصلة، حيث يُطلق القانون يدّ المخابرات الإسرائيليّة في الإجراءات الاستباقيّة، مثل منع فعاليّات سياسيّة قبل حدوثها، إغلاق مؤسسات واعتقال ناشطين قبل ارتكابهم أي مخالفة، وذلك اعتمادًا على "مواد سريّة".ونحن نعتبر هذا تصعيد خطير جدًا يعتمد بأساسه على تجريم علاقة الفلسطينيين في الداخل بشعبهم في الضفة والقطاع والشتات.

تجريم العمل السياسي

بدورها صرحت المحامية عبير بكر ابنة مدينة عكا حول القانون بالقول: هذا القانون فيه تجديدات خطيرة على المستوى الجوهري وعلى المستوى الإجراءات القانونية بحيث أنه أتى ليسهل تجريم العمل السياسي والانساني على حد سواء. فعلى المستوى الجوهري أخطر ما في القانون هو التعريف الفضفاض لأعمال الإرهاب وسهولة الاعلان عن أي تنظيم كتنظيم إرهابي حتى لو كانت اعماله أعمال انسانية كتوزيع المؤن أو دعم اليتامى.

واضافت : بحسب القانون اي علاقة غير مباشرة لمؤسسة ما مع تنظيم سياسي فلسطيني قد يؤدي نظريًا إلى الاعلان عن هذه المؤسسة كمؤسسة إرهابية. واللافت للنظر في هذا القانون هو استنساخ ما ورد في أنظمة الطوارى سيئة الذكر ووضعها تحت غطاء تشريع صودق عليه بطريقة ديمقراطية. كما ويثبت هذا القانون أوامر كانت حتى الان مؤقتة مثل عدم توثيق مجريات التحقيق مع المشتبهين بمخالفات تعرف كأمنية.

وأختتمت: اقتراح القانون ليس فقط يسهل التجريم السياسي بل يضع كل ناشط فينا تربطه علاقات مهنية وحتى اجتماعية مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة أو في الدول العربية تضعه في خانة "الإرهابي المحتمل". كما ينص لقانون أحكامًا جائرة ضد جنح معينة مثل دعم الإرهاب حتى لو لم تكن تلك الجنح تنطوي على أفعال ملموسة. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]