لم يكن ليتوقع كاتب هذا المقال في مقاله قبل ثلاثة اسابيع ان "نفض الغبار" عن النظام الاساسي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سيتحول الى عاصفة غُبارية تملئ سماء فلسطين ليعلن رئيس المجلس عن تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني بناء على طلب اللجنة التنفيذية صاحبة (مقدمته) طلب عقده.

لكن مع بدء انقشاع الغبار وانفضاض "المولد" النقاش حول شكل عقد المجلس وغاياته والمنتظر منه من الاطراف المختلفة، يتطلب هذا الامر تقييم الموقف واستخلاص العبر أو على الاقل "أضعف الايمان" النظر الى الايجابيات والسلبيات لما جرى في الشهر الاخير . مثل هكذا تقييمات تعقدها القيادة مع مستشاريها "المؤتمنين" أو انها تسمع من غيرهم من باحثين وكتاب ومحللين "غير المؤتمنين" أو سبر آراء المواطنين اصحاب المصلحة الحقيقية "الغائبين".

وبما ان البراغماتيين "العقلانيين" ينظرون من الزاويا المختلفة للحدث أو على الأقل ينظرون الى الايجابيات والسلبيات، أو المزايا والعيوب، أو الارباح والخسائر. وعادة يبدءوا بالحديث عن الايجابيات قبل عرض السلبيات مثل ما هو آتٍ؛ (1) البعض يرى الايجابية الاساسية في هذا الحدث هو الاهتمام بالقواعد الناظمة لعمل منظمة التحرير الفلسطينية أي اعادة الحديث عن المنظمة واليات عملها بعد نسيان طويل لمؤسسة الشعب الفلسطيني. (2) والبعض يرى حنكة الرئيس محمود عباس بإعادة الاهتمام للقضية الفلسطينية من خلال اجبار الولايات المتحدة على الاتصال والدول الاقليمية بعد نسيان هذه القضية لأكثر من عام في ظل الاحداث الاقليمية الساخنة. (3) وآخرون يرون انها خطوة اعتراضية على المفاوضات التي جرت ما بين حركة حماس وإسرائيل للوصول الى اتفاق هدنة طويلة الامد "الدولة المؤقتة" في غزة.

أما السلبيات فهي : (1) البعض يرى أن هذا النقاش أظهر عدم مصداقية القيادة الفلسطينية فأغلب اعضاء اللجنة التنفيذية استقالوا منها وطالبوا بعقد جلسة للمجلس الوطني فيما عادوا للمطالبة بتأجيلها في اقل من شهر ما يظهر اللجنة وأعضائها بعدم المسؤولية. (2) سوء التقدير؛ غاب عن ذهن اعضاء اللجنة التنفيذية وعقلهم اهمية التحضير "الجيد" للجلسة الجامعة للفلسطينيين وان مدة الشهر ومكان الانعقاد غير مناسبين ما يظهرهم بغير القادرين على حسن التدبير وغير العارفين بقواعد عمل المنظمة. (3) تضليل الرئيس؛ أي غياب المستشار الامين الذي يقدم النصيحة والتفسير الامين للقواعد القانونية وان خالفت أهواء ولي أمرهم أو مستأجرهم "فخير من استأجرت القوي الامين". ( 4) اضعاف صورة الرئيس امام العالم؛ فالرئيس سيذهب نهاية هذا الشهر مستقيلٌ من رئاسة منظمة التحرير التي تمثل دولة فلسطين في الامم المتحدة أي الرئيس المستقيل يلقي خطبة الدولة. وكذلك أظهرت أن الرئيس المستقيل عاجز أي غير قادر على عقد جلسة للمجلس الوطني "برلمان جميع الفلسطينيين" فكيف له ان يدعو العالم لمؤازرته في الوقت الذي يجدها في برلمانه. ناهيك عن صورة الرئيس التي بدت أثناء النقاش المجتمعي انه متفرد بالقرار، ويريد اقصاء اعضاءً من اللجنة التنفيذية بعينهم. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]