ما فتئ الاحتلال الإسرائيلي في القدس أن ينغّص على الشباب المقدسي حياتهم، ويوغل في ابتزازهم وملاحقتهم أمنيا وسياسيا واقتصاديا. فالاحتلال يعلم جيدا أن الاعتقال سهم حاد قد يصيب به جسد الشباب في القدس فيخطفهم من عوائلهم، ويسلب منهم أحلامهم وآمالهم بالعيش بحرية وكرامة، كسائر شعوب الأرض.

أحمد دهيب، شاب مقدسي كان يجهّز نفسه ليدخل الحياة الزوجية في كانون الثاني المقبل، غير أن الاحتلال باغته بقرار تعسفي، وأجبرته المحكمة الإسرائيلية على تسليم نفسه اليوم الأحد الى "المسكوبية"، حيث زنازين الاعتقال وغرف التحقيق، ليقضي فيها 60 يوما بتهمة المشاركة في مسيرة "غير قانونية" بشهر آذار العام الماضي في منطقة باب العامود في القدس المحتلة.

أحمد لملم فرحته التي ادخرها لحفل زفافه، وحزم أمتعته وأغراضه وتوجه صوب "المسكوبية"، بعد أن رفض حكم "خدمة الجمهور" الذي فرضته عليه المحكمة لمدة 60 يوما. ويقول في حديث لـ" كيوبرس" إنه رفض الخدمة في مؤسسات الاحتلال قطعيا رغم أنها تعطيه جزءا من الحرية، حيث يقضي فيها ثمانٍ ساعات ثم يعود الى بيته، لكنه يؤمن يقينا بأن هذا العقاب قد يسلب منه كرامته، لأنه ينافي تماما عمله الوطني الذي قارع من خلال الاحتلال وسُجن لأجله، "فلا يعقل أن نقف في وجه الاحتلال من جهة ونعمل في خدمة مؤسساته من جهة ثانية" يقول دهيب.

فضل قرار الحبس على خدمة مؤسسات الإحتلال

وكانت المحكمة الإسرائيلية أصدرت حكما على أحمد في العام الماضي، وقضت حينها بسجنه فعليا 10 أيام بالإضافة الى حبس منزلي لمدة 9 أشهر، لكنها أعادت فتح ملفه من جديد لتحكم عليه 60 يوما في "خدمة الجمهور" دون مقابل مادي الأمر الذي رفضه أحمد وآثر تسليم نفسه لقضاء فترة حكمه في الحبس الفعلي.

منذ مدة طويلة وجد أحمد نفسه في المضمار السياسي والوطني والاجتماعي، فهو ناشط مقدسي فعال، شارك في الكثير من الفعاليات التي تهدف إلى نشر الوعي عن حياة الأسرى في سجون الاحتلال كان أبرزها فعالية "مي وملح" التي عرّف من خلالها المجتمع المقدسي على إضراب الأسرى عن الطعام وشرح عن معاناتهم.

وقال هديب إن سجنه سيتيح له التعرف على معاناة السجناء عن قرب، ومشاركتهم حياتهم خلف القضبان، حيث سيتمكن بعد انقضاء محكوميته من توصيل رسالة السجناء ومعاناتهم الحقيقية الى العالم الخارجي.

وعن حملة الاعتقالات غير المسبوقة التي يقودها الاحتلال، قال دهيب إن الاحتلال يهدف إلى تفريغ المدينة من عنصر الشباب، ليتسنى له القيام بمشاريعه التهويدية، حيث اعتقل ما يقرب 1000 مقدسي خلال شهرين فقط.

تنكيل، وقتل ومستمر بالدفاع عن الأقصى

وأكد هديب على أن ما يقوم به الاحتلال من قتل ميداني واعتقال، وكافة فصول التنكيل بالفلسطينيين، لن يثنيهم عن الدفاع عن وطنهم ومسجدهم الأقصى المبارك، مشددا على الأقصى والقدس عقيدة راسخة في قلوب جميع المقدسيين.

وعن موعد زفافه الذي كان من المقرر أن يكون في الثلث الأخير من شهر كانون الثاني المقبل، قال أحمد: "حرمني الاحتلال من فرحتي الكبيرة التي انتظرتها طويلا، فاختياره أن يكون سجني في هذه الفترة بالتحديد، يهدف بالتأكيد الى زيادة معاناتي ومحاولة فاشلة لكسر شوكتي، وذلك بعد رفضي الانصياع لأوامر المحكمة وقبول قرار الخدمة الجماهيرية".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]