"لا أدري ما هو سبب الانقطاع بيننا وبينكم ( الصحفيين العرب من الداخل) مدة طويلة، ولا أدري أن كنّا نحن المقصّرين عن ذلك، لكن مهما يكن من أمر، ومهما اختلفت الخصوصيات – يبقى أصلنا واحدًا، وهمّنا واحدًا، ونبقى أهلاً وأبناء شعب واحد"!

بهذه العبارة استهل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس ( أبو مازن) لقاءه ( الاثنين) في مقره بالمقاطعة في رام الله مع مندوبين عن وسائل الإعلام العربية في الداخل الفلسطيني- وشارك في اللقاء القيادي الطيب عبد الرحيم، الأمين العام للرئاسة الفلسطينية، وأحمد عسّاف، وزير الإعلام، ومسؤولون آخرون، وفي معيتهم رئيس لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية – محمد بركة.

واستعرض الرئيس عباس الحالة الفلسطينية الراهنة، ثم أجاب على أسئلة الصحفيين.

"لم نسمع من هيرتسوغ عن تفاصيل مشروعه"!

ووجه مندوب " بُـكرا" إلى المقاطعة، سؤالين إلى الرئيس أبو مازن، أولهما حول رأي القيادة الفلسطينية في المشروع السياسي الجديد لحزب العمل الإسرائيلي بشأن " الانفصال عن الفلسطينيين" ( انطلاقًا من عدم واقعية حل الدولتين في الظروف الراهنة- كما يصرّح رئيس الحزب، يتسحاك هيرتسوغ)، فأجاب الرئيس الفلسطيني: لم نسمع من هيرتسوغ شخصيًا عن تفاصيل هذا المشروع، ولذلك لا يمكنني أن أعقّب على ما يتردد في وسائل الإعلام حول هذا الأمر"- كما قال، مضيفًا: إذا كان حزب العمل يدعو للانفصال عن الفلسطينيين، فنحن أيضًا نريد أن ننفصل عن الإسرائيليين، وموقفنا واضح".

" وحدة وطنية، بدون تعجيز"!

وكان السؤال الثاني حول آفاق وسبل إنجاز المصالحة الوطنية، فأشار الرئيس إلى المفاوضات الجارية حاليًا في الدوحة عاصمة قطر، بين وفدي حماس وفتح حول هذه المسألة، وشدد على شرطين للمصالحة: الأول- تشكيل حكومة وحدة وطنية، دون تعجيز، وبالعودة إلى الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان عام 2013، والثاني- إن تقوم هذه الحكومة بالإعداد لانتخابات عامة (" الاحتكام إلى صندوق الاقتراع" ) مع الإشارة إلى أن القيادة الفلسطينية تعاملت مع حماس على قاعدة الاعتراف بنتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها عام 2006 " وإذا لم يتحقق هذان الشرطان- فلا تصدّقوا أن المصالحة ستتم" – على حد تعبير الرئيس أبو مازن.

" لماذا لا تشاركون بانتخابات الكنيست بنفس زخم الانتخابات البلدية"؟

وتناول الرئيس محمود عباس جملة من القضايا الأخرى، منها ما وصفها بانجازات فلسطينيي الداخل " وخاصة استخدام حقكم في الانتخابات، ونحن نشد على أيديكم وأنتم تمارسون هذا الحق، لكنني أتساءل كأخ لكم: لماذا تشاركون بالانتخابات البلدية بنسب عالية جدًا، بينما تتدنى هذه النسبة في انتخابات الكنيست"- على حد تساؤله، مضيفًا إشادته بانتخاب محمد بركة، رئيسًا للجنة، واصفًا إياه بالمناضل الكبير.

" لا نقبل حلاً لا يضمن حقوق اللاجئين"!

ودحض الرئيس أبو مازن مزاعم إسرائيل عن " عدم وجود شريك فلسطيني جدير بالمفاوضات" مؤكدًا أن اليد الفلسطينية ممدودة للسلام، وللتفاوض حول كل شيء، لكن شريطة التوقف عن الاستيطان، وهو ما تعتبره إسرائيل" شرطًا مسبقًا مرفوضًا"، وأنا أسأل: وهل الاستيطان شرعي، بينما الشرعية الدولية ترفضه!

وشدد أبو مازن على أن السُلطة الفلسطينية تطلب الآن من العالم أمرين: الأول- عقد المؤتمر الدولي بموجب المبادرة الفرنسية، التي تقضي بإيجاد آلية ( ميكانيزم) دولية للتسوية، مثلما حصل في المفاوضات مع إيران حول مشروعها النووي ( خمسة زائد واحد)، ومثلما يحصل بشأن الحالة السورية والحالة الليبية.

والأمر الثاني أننا مصرون على التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بشأن الاستيطان الذي لا يمكن أن يتوافق مع حل الدولتين، ونطالب مجلس الأمن كذلك بالحماية الدولية من الاحتلال والمستوطنين، مع تأكيدنا وإصرارنا على أنه لا يمكن أن يتحقق استقلال الدولة الفلسطينية دون أن تكون القدس عاصمة لها، ولا نقبل حلاً لا يضمن حقوق اللاجئين.

" لماذا لم تشترط إسرائيل على مصر والأردن الاعتراف بالطابع اليهودي لدولتها"؟

كما أكد الرئيس عباس رفض الفلسطينيين للطلب الإسرائيلي الملحّ باعترافهم بطابعها اليهودي، وقال إننا متمسكون باعترافنا بإسرائيل، كدولة، وتساءل: لماذا يطلبون من الفلسطينيين بالذات الاعتراف بيهودية إسرائيل، بينما لم يطلبوا مثل هذا الاعتراف من مصر والأردن في إطار اتفاقيتي السلام معهما. وخلص إلى السؤال الاستنكاري: لماذا نرفض الاعتراف بيهودية إسرائيل؟ هيك... ما بدنا!

كما شدد على رفض " مشاريع التبادل السكاني والجغرافي" ( المثلث) بين إسرائيل والدولة الفلسطينية.

" أخلاقيات الفلسطينيين ترأف حتى بعائلات الجواسيس"!

وفي معرض تفنيده للمزاعم الإسرائيلية عن " تشجيع القيادة الفلسطينية للإرهاب من خلال لقاءاتها وتواصلها مع عائلات الشهداء"- تساءل أبو مازن: هل نقول لهذه العائلات الثكلى " يلعن أبوكم"؟ فهؤلاء الشهداء لم يرسلهم أحد- لا عائلاتهم ولا أي تنظيم أو جهة، بل هم اندفعوا إلى التصرف انطلاقًا من شعورهم بالظلم والقهر والقمع " فإسرائيل جنّنت الناس، وأفقدتهم صوابهم"!

وهنا أشار الرئيس إلى أن لدى الفلسطينيين قيمًا وأعرافًا ترأف بالموتى والشهداء والضحايا: فنحن عندما نلقي القبض على جاسوس من داخلنا، - وحتى لو أعدمناه - فإننا نبقي راتبه جاريًا لأسرته. هكذا تصرفنا، وهكذا نتصرف، وهكذا سنبقى!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]