عقدت اليوم (الثلاثاء، 29.03) لجنة مكانة المرأة والمساواة الجندرية جلسة حول التحرشات الجنسية في الشرطة وذلك بحضور مدير عام الشرطة، روني إلشايخ؛ مدير "ماحاش" -وحدة التحقيق مع الشرطة، السيد أوري كرمل، مستشارة مدير عام الشرطة لشؤون النساء والمساواة الجندرية، عضوات وأعضاء كنيست وممثلات عن عدة تنظيمات نسوية ونسائية المعنية في الموضوع، حيث حظيت هذه الجلسة بتغطية إعلامية واسعة، خاصةً وأن إلشايخ قد التزم الصمت إزاء عاصفة ردود الفعل على ما أسماه "سياسة جديدة في التعامل مع شكاوى التحرشات الجنسية". 

افتتحت رئيسة اللجنة الجلسة بتأكيدها على أن هذه ليست المرة الأولى التي تتناول فيها اللجنة موضوع التحرشات الجنسية عامةً وفي الشرطة خاصةً ورحّبت بمدير عام الشرطة لتلبيته الدعوة لحضور هذه الجلسة، خاصة بعد تصريحاته الشهر الماضي بأنه لن يجري التحقيق في شكاوى مجهولة المصدر، حيث كانت توما-سليمان قد طالبت في حينه بتوضيحات من المدير العام للشرطة حول ما عناه بهذا التصريح الذي جرّ سلسلة من ردود الفعل المستاءة من قبلها ومن قبل العديد من عضوات الكنيست والتنظيمات النسوية العاملة في مجال منع الاعتداءات الجنسية. كما وعبّرت رئيسة اللجنة توما-سليمان عن التزامها بمكافحة التحرشات الجنسية في جميع الأحواز الخاصة والعامة، وأشارت إلى الارتفاع في عدد الشكاوى في العام الأخير تحديدًا ضد مسؤولين في الشرطة مما برأيها يعطي صورة ما عن الوضع القائم في الشرطة، وقالت: "يدلّ ازدياد عدد الشكاوى على أن المزيد من النساء يتجرّأن على تقديم الشكوى وليس أن التحرشات الجنسية هي ظاهرة جديدة، إنما تبقى القضية في كيفية تعامل الجهاز والمؤسسة مع مثل هذه الشكاوى خاصة في مثل هذا المجال الذي تستصعب فيه المتوجّهة التقدّم بشكوى في جهاز تسوده القيم الذكورية التي تحاول إخراس مثل هذه الأصوات – لا يُمكن أن تكون هناك سياسة تنص بعدم التعامل مع شكاوى مجهولة المصدر، فبهذا يتم التقليل من أهمية الصعوبة القائمة لدى النساء لتقديم الشكاوى عامةً وفي جهاز الشرطة على وجه الخصوص".

في ردّه، قال المدير العام للشرطة روني إلشيخ أن أقواله قد حُرّفت في الإعلام وأن لا نيّة لديه لتجاهل الشكاوى مجهولة المصدر حول المخالفات الجنسية، وأضاف أن "هناك تقسيم في مهام العمل، بين ما تقوم به الشرطة وما يُنقل لوحدة التحقيق مع الشرطة والتي لا تقع ضمن جهاز الشرطة وهي وحدة مستقلة تمامًا. تُحوّل جميع الشكاوى الجنائية لـ"ماحاش" ومن ضمنها شكاوى التحرشات الجنسية".

حاول الشاخ توضيح تصريحاته السابقة بقوله أنه يفضّل، خاصة في حالة شكاوى التحرشات الجنسية أن تتم الشكاوى بشكل شخصي وأن يُعلم من هي المشتكية حيث بإمكان جهاز الشرطة حماية المشرطية المشتكية في هذه الحالة، وذلك تفاديًا برأيه لعمليات تشويه أسماء بعض المسؤولين المرشحين للتقدّم في سلك الشرطة. وهنا عقّبت رئيسة اللجنة توما-سليمان أنه "قانونيًا – ليس هناك أي تحديد لطريقة توجه المشتكية – فمن حقها أن تتوجه لوحدة التحقيق مع الشرطة مباشرة أو لمستشارة المدير العام لشؤون النساء في الشرطة شخصيًا أو من خلال توجه مجهول الهوية لهاتين الجهتين". وأكّدت توما-سليمان مجدّدًا على أهمية "النفس الذي يبثّه موقفك نظرًا للمنصب الذي تشغله فكل تصريح أو مقولة لك تؤثر في مرؤوسيك من النساء والرجال في جهاز الشرطة ففي اللحظة التي تقول أنّك "تفضّل" ألا يتم تقديم شكاوى مجهولة المصدر فبالتالي كلامك يحط من عزيمة أي امرأة تفكر في تقديم شكوى".

ومع اقتراب موعد انتهاء الجلسة، وبعد أن لاحظت رئيسة اللجنة توما-سليمان أن مدير وحدة التحقيق مع الشرطة، السيد أوري كرمل، لم يطلب حق الكلام، طلبت منه التطرّق لموضوع الجلسة، حيث قال كرمل بدوره أنهم في "ماحاش" وخلال التحقيقات في العديد من ملفات التحرش الجنسي قد انكشفوا على شريحة واسعة من هذه الشكاوى الموجّهة ضد أصحاب الرتب العليا وهذا يعتبر مؤشر لمشكلة عميقة جدًا. وأكّد كرمل في حديثه أن "التقدّم بشكوى هو أمر مركّب جدًا للمرأة، والتقدّم بشكوى ضد شخص من نفس مكان العمل هو مركّب أكثر وعندما يكون مكان العمل هو الشرطة فذلك أمر أصعب بدرجات. يجب خلق جوّ داعم للنساء للنساء اللواتي يردن التقدم بشكوى -فالشكاوى مجهولة المصدر كانت السبيل الأصح لذلك". ثم في إشارة لتصريحات المدير العام للشرطة قال كرمل: "لا أعتقد أن الهدوء الاصطناعي الذي يسود الآن هو حقيقي، فاليوم لا يوجد لدينا أي شكوى عن تحرش جنسي وهذا أمر غير اعتيادي. أدعو الشرطة للتفكير سوية معنا، في وحدة التحقيق مع رجال الشرطة، في كيفية ضمان ألا يكون هذا الهدوء نتيجة للأحداث الأخيرة وتأثيراتها على النساء أنفسهن". هذا ورغم إصرار المفتش العام على تجنب الاعتراف بخطئه في التصريحات كان من الواضح إزاء إصرار رئيسة اللجنة أن سياسة تحويل الشكاوى حتى لو كانت مجهولة المصدر مستمرة وسوف يتم العمل بحسبها.

في اختتامها للجلسة، توجّهت رئيسة اللجنة النائبة عايدة توما-سليمان، لمدير عام الشرطة مطالبة إياه العمل على إبطال بند التقادم في الأنظمة الداخلية في جهاز الشرطة ومساواته مع فترة التقادم في القانون الجنائي، وقالت في تلخيصها: "إن ما نسمعه هنا اليوم هو فاتحة وفرصة للتغيير. أتوجه إليك أن تحمل معك من هذا النقاش جميع الملاحظات والتوضيحات التي طُرحت هنا وأن تحاول المبادرة لبناء مسار واضح داخل الشرطة للتعامل مع هذا الموضوع. نحن أيضًا في انتظار أن نسمع منك تصريحًا تدعو فيه الشرطيات أن يشتكين بشكل مباشر أو غيره. إن التعامل مع المشتكيات/ين أو المبلغين/ات عن تحرشات جنسية داخل سلك الشرطة كـ "وشاة" أو "التشهير" بهم وبهن نهج يجب إيقافه وآمل أن نكون قد ساهمنا بهذه الجلسة بتأسيس خطاب جديد وقاعدة لثقافة جديدة ليتم العمل بها".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]