عقدت محكمة الصلح في "الكريوت" اليوم، الأحد، جلسة اثر الشكوى التي قدمتها شركة "كيرور احزكوت" ضد ‫متولي‬ أوقاف ‫حيفا‬ الاستقلال و‫‏الجرينة‬ تطلب من خلالها الزامهم نبش وإخلاء القبور من جزء من ‫مقبرة القسام‬ في ‫بلد الشيخ‬ (نيشر- تل حنان) بإدعاء شرائها من ‫‏دائرة‬ أراضي ‫‏إسرائيل عام 1955‬.

وخلصت الجلسة، وهي الثانية من حيث المداولات، بتأجيل المدولات إلى تاريخ 22.11.16 حيث يتوجب على الأطراف، الشركة المذكورة ومتولي أوقاف حيفا، تقديم أدلة تؤكد أو تفنّد وجود قبور في الجزء الذي تم شرائه من قبل الشركة المذكورة، علمًا أنّ ممثلي اوقاف حيفا ادعوا خلال الجلسة أنّ عملية البيع والشراء أيضًا غير قانونية.

محاولة لطمس تاريخينا

وفي حديثٍ مع المحامي خالد دغش، ممثل متولي أوقاف حيفا الاستقلال والجرينة، أوضح لموقع "بكرا": يدور الحديث والمداولات عن جزء من مقبرة الشهيد عز الدين القسام التاريخية، والموجودة في بلد الشيخ التي هُدمت وبنيت على أنقاضها مستوطنة "تل حنان". من نافل القول أنّ هذه المقبرة تحمل دلالة رمزية، فهي تتجاوز البعد الديني إلى القومي، حيث دفن فيها شهداء معارك النكبة إلى ما قبل الـ 48، عليه الحديث ليس فقط عن أموات بقدر ما هم شُهداء على تاريخنا ونكبتنا، وأيّ محاولة اعتداء على هذه المقبرة يعني محاولة لطمس تاريخ نكبتنا وإخفاء ما تبقى منه من معالم.

وأضاف المحامي دغش: شركة "كيرور أحزكوت" تدعي أنها قامت عام 1955 بشراء قسم من أرض المقبرة من دائرة أراضي إسرائيل، الصفقة التي تم التأكيد عليها مجددًا لاحقًا بعقد عام 1962. ورغم هذا الإدعاء، إلا أنه وفي عام 1970 تدعي الدولة (دائرة اراضي إسرائيل) أنها قامت بشراء قسمٍ من المقبرة من متولي أوقاف حيفا في حينه والذي لم يقم بتسجيل العقد أو توثيقه وسافر إلى الولايات المتحدة وبقيت هذه الصفقة قيد الغموض.

عام 2000 الدولة تعترف بوجود قبور في الجزء الذي تم بيعه

وقال المحامي دغش: في عام 2000 ولأسباب نجهلها قامت المحكمة باستصدار حكم غيابي، دون أن يكون متولي أوقاف حيفا جزءً من الصورة، أو حتى دون أن يكون في المداولات، يلزمه الحكم بنبش وأخلاء القبور في الجزء الذي تم بيعه إلى شركة "كيرور أحزكوت"، إلا أنّ هذا القرار لم يصل إلى متولي أوقاف حيفا وحتى أنه لم يسلم أي أمر بذلك وفق المتبع قانونيًا.

وأسهب المحامي دغش: عام 2015 عقدت المحكمة في الكريوت جلسة تم استدعاء متولي أوقاف حيفا إليها وإعلامه بضرورة نبش القبور وإخلائها حتى يتمكن "المالك" (كيرور أحزكوت) من استخدامها تجاريًا، حيث يُمنع وفق الشريعة اليهودية بناء أو استعمال اراضي قد تكون مقابر وفيها أموات. في الجلسة قُمت بالتوضيح أن متولي أوقاف حيفا لم يحصل على الأمر عام 2000 ولم يكن أصلا طرفًا في ذلك، عليه تم تأجيل المداولات إلى تاريخ اليوم (1.5.16) حيث أقرت المحكمة في حينه أنه يُمنع حاليًا الدفن في المقبرة علمًا أنه لا يوجد دفن في لمقبرة منذ عام 1948 .

وأضاف المحامي دغش: الغريب في الموضوع أنّ الدولة (دائرة اراضي إسرائيل) تدعي أن الجزء الذي تم بيعه إلى شركة "كيرور أحزكوت" لم يدفن فيه أموات، عليه النقاش اليوم في المداولات هي اثبات وجود شهداء أموات في الجزء الذي تم بيعه، حيث قامت أثر ذلك المحكمة بإخراج الدولة كطرف في المحكمة وأبقت فقط متولي حيفا والشركة التجارية المذكورة، علمًا أنّ الدولة في العام 2000 أصدرت أمرًا يطلب اخلاء ونبش القبور، الأمر الذي يؤكد معرفتها بوجود قبور هنالك!

التوجه إلى أهالي الشهداء والموتى

ويوضح المحامي دغش: واضح أنّ مسار بيع الجزء المذكور غير قانونيّ، وهذا ما سنقوم بإثباته لاحقًا في المداولات بالاعتماد على أوراق من دائرة تسجيل الأراضي، لكن الأهم انه يتوجب علينا اليوم اثبات وجود شهداء موتى في الجزء الذي تم بيعه، الأمر الذي يساعد في ابطالها تمامًا، وهنا يتوجب عليّ التوضيح أن الجزء المذكور هو الجزء الذي دفن فيه الشهيد عز الدين القسام وآخرين، وعليه اناشد كافة أهالي وأحفاد شهداء معارك حيفا، من له أي معلومات عن أسماء شهداء او موتى دفنوا في المقبرة، أن يتوجه لنا حتى نتمكن من إحصاء أسماء الشهداء ومكان دفنهم في المقبرة.

وردًا على سؤال "بكرا" إذا ما كان موضوع تحديد امكان دفن الشهداء في المقبرة ممكنًا خاصة أن الحديث يدور عن جثث شهداء وموتى دفنت قبل عشرات السنوات قال دغش: قمنا بفحص الموضوع مع مختص في التشريح العدليّ، ويتضح أن إمكانية تحديد أماكن جثث الشهداء ممكنة، وسنعمل على التحقق أكثر في هذا المجال مع تقدمنا في المداولات خاصة وأنّ مسألة التشريح بحاجة إلى مرجعية دينية.

وعن الالتفاف الجماهيري ودعم المجتمع العربي لقضية مقبرة القسام قال المحامي دغش: الحضور والمشاركة في محكمة الوم يؤكد أنّ الموضوع في صلب اهتمام القيادات العربية، نحن بحاجة إلى تحشيد أكبر، فواضح أن قرار المحكمة سياسيّ أكثر مما هو قضائيّ، ووفق معلوماتي فأن الشركة المذكورة ستتراجع عن العقد وتلزم الدولة بتعويضات حال تم اثبات وجود شهداء موتى في الجزء الذي تم شرائه، عليه من مصلحة الدولة في هذه الحالة العمل قدر الإمكان على اثبات العكس، وهذا تحدي ماثل أمامنا، المناصرة والضغط الجماهيري قد يساهم في تجاوز هذا التحدي.

وأختتم المحامي دغش لـ "بكرا": برغم ما ذكر، انا متفائل، حتى الآن الحقائق في صالحنا، هذا الصباح تلقيت مكالمة من شخص أدعى أنه حفيد عز الدين القسام ويتابع موضوع المحكمة، وأتمنى أن يقوم أهل بقية الشهداء والموتى بالتواصل معنا حتى نتمكن من عملية الإحصاء التي ذكرتها آنفًا. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]