استضاف مركز محمود درويش الثقافي, ورابطة الطلاب الاكاديميين ومجلس الشبيبة البلدي في عرابة البطوف امسيّة علمية وأدبيّة توقيع واشهار كتاب النيروسيكولوجيا والثقافة والعسر التعلمي للدكتور علي بدارنة ابن عرابة ، بحضور رئيس البلدية المربي علي عاصله ونائبه أحمد عثمان وعدد من اعضاء المجلس البلدي ،ومحمود ابو جازي مدير مركز محمود درويش الثقافي ، وعدد من مديري المدارس، والمؤسسات في المدينة، وبمشاركة واسعة من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين من عرابة والمنطقة.

أما مؤلف الكتاب فهو الدكتور علي بدارنة اخصائي في علم النفس التربوي, حاصل على لقب ماجستير في علم النفس العلاجي والنيروسيكولوجيا, ولقب الدكتوراه في النيروسيكولوجيا التطورية. والدكتور علي بدارنه يعمل كمعالج مؤهل في مجال التنويم المغناطيسي, ومعالجا نفسيا ومديرا عاما لمركز الرازي, وهو احد المشاركين في تأسيس رابطة السيكولوجيين العرب وكان رئيسها الاول, وعلى الصعيد الاجتماعي هو احد المشاركين والمبادر في تأسيس مبادرة " لنبدأ من اجل عرابه افضل", وهي مبادرة شمولية تشمل ممثلين من جميع الاحياء والمناطق في عرابه, تهدف الى رفع الوعي والمسؤولية الفردية والجماعية والمؤسساتية في كل ما يتعلق بحاضر البلدة ومستقبلها، والى ايجاد وتذويت المشترك بين مواطني عرابه.

هذا وتولت لينا كناعنة من رابطة الاكاديميين عرافة الامسية ، فرحبت بالحضور وأثنت على الجهد الذي قام به د. علي بدارنة، وقالت:" اننا أمام حدث اشهار وتوقيع كتاب ، وإذ نتكلم عن اصدار وعن نشر وعن مادة فإننا ننظر للمادة، أي ننظر لامتلائها وتميّزها وخاصيتها المعرفيّة والبحثيّة وندرتها، وهذا ينطبق على ما اجتمعنا على توقيعه اليوم "النيروسيكولوجيا والثقافة والعسر التعليمي" هذا هو عنوان الكتاب الذي يبدو كتابًا علميًا وبحثيًا ونتاجًا معرفيًا تراكميًا بعد خبرة طويلة".

وأضافت كناعنة:" أن الكتاب هو نتاج سنوات من الخبرة والمعرفة العلمية والعملية مجتمعةً مع الرؤية الانسانية والمجتمعية والثقافية للدكتور علي بدارنة، فيها صبّ كل هذا بكتابه، فهو يضع الطفل العربيّ في مركز اهتمامه ومعرفته ويبحث تأثير الثقافة والبيئة على قدراته الذهنية، بالتحديد هو يبحث الادراك البصريّ وكيفية انعكاس الاستراتيجيات المتعاكسة دماغيًا على ادراكه، الأمر الذي قد ينعكس على ديناميكية تطور الدماغ وعلاقته بالتشخيص النفسي او دراسة الأخطاء الكتابية عند الأطفال وان الكتاب يفسر انسانية ووجدانية عميقة لدى المؤلف ويخبرنا الكثير عن النظرة والتميّز الخبراتي والشخصيّ وعن انسانيته التي لا يمكن فصلها عن رسالته العمليّة والعلميّة".

وجاء في توطئة الكتاب:" ذات عينين سوداوين واسعتين, لكن حزينتين، وشعر جعد طويل لم تقدر عليه بكلة الشعر البلاستيكية, فتحررت بعض الخصلات على وجهها وغطت جزء من عينيها، مبنى جسمها هزيل وضعيف وبالكاد يعبر عن سنوات عمرها الثماني، احتضنت الحقيبة المدرسية بتعب وعتب, كأنما تطلب بالدفء والامان, ثم طأطأت راسها منتظرة مني الخطوة الأولى هذا كان قبل حوالي الاثنان وعشرين عاما مضت"، ويبدو ان الكتاب مؤلفاً علميًا وبحثيًا ، توطئة مخالفة للتوقع فيها يحاكي الكاتب شعوره ووجدانه اذ يحكي حالة "ليلى" كصورة انسانيّة تجسيديّة للمسار العلميّ التطبيقي. فيما بعد يتبين ان ليلى قد تخرجت من المعاهد الكبرى في اسرائيل واليوم تعمل معالجه عن طريق الفن.

رئيس بلدية عرابة المربي علي عاصلة أشاد بالنشاطات التي تنظمها ادارة مركز محمود درويش الثقافي، وقال:" ليس غريبا عن بلدتنا ، ما يحضرنا في كل مناسبة، ففي الأمس كنا نتفاخر بعدد الأطباء في عرابة، حيث اصبحنا في كل محفل، ومؤسسة اننا بلد الأطباء ، ونرفع هاماتنا عالياً، ونؤكد على اننا بلد الأطباء بكل فخر واعتزاز ، وبالأمس القريب، احتفلنا جميعاً، بالبروفيسور سميح بدارنة، واليوم نحتفل بنوعية خاصة ومميزة، وليس غريبا عن الدكتور علي بدارنة أن يصل الى أعلى المستويات، وان يؤلف كتاب من هذه النوعية المهمة ، ونحن جميعا نفتخر بأننا أبناء عرابة التي تدعو للمحبة والالفة والتسامح فيما بينها، والحفاظ على النسيج الاجتماعي فيها".

أما الاخصائية النفسية والمفتشة في وزارة المعارف عايدة حنيف فناقشت مع الجمهور الكتاب فقالت:" الكتاب ومن خلال النظرة الاولى لغلافه يبعث على الهدوء والراحة والطمأنينة، وتركيبة صورة الدماغ هناك شجرة تنمو وفيها معاني للتفاؤل وعرضت الكتاب على طالبة في مدرسة ثانوية في سخنين ، فكان جوابها أن الكتاب ومن النظرة الاولى يتحدث عن الدماغ، وسؤالنا ، هل يعقل ان طلابنا الذين ليس لديهم عسر تعلمي يعرفون ولو شيء عن العسر التعلمي، وهو نوع من الثقافة التي يجب ان نتطرق اليها، وهل نحن نحاول ان نثقف الشرائح ماذا يعني العسر التعلمي، فالدماغ عندنا يعمل بشكل منظومة ، ويستند على نظرية الكسندر لوريا السوفييتي والتي قليلا ما سمعنا عنها لكنها احدى النظريات في النيروسيكولوجيا ".

أما المؤلف الدكتور علي بدارنة، فألقى محاضرة شدد فيها على دور البيئة والثقافة في تطور الدماغ عند الأطفال وأكد على الأبحاث التي أشارت الى أهمية الدعم الاجتماعي والعاطفي والنفسي اضافة للمحفزات المادية في تكوير سليم لادماغ وفيما بعد للقدرات الذهنية والتعليمية.

بخصوص ظاهرة العسر التعلمي، قال د. بدارنة:" ظاهرة العسر التعلمي له اسبابها وعواملها البيئية والاجتماعية والنفسية الثانوية ولها تاثير في ازدياد حدة الظاهرة ولها دور كبير ايضا في التغلب عليها وان دعم الاهل نفسيا وخلقهم ظروفا اجتماعية بناءة متفهمة ودافئة تساعد على التطور النفسي السليم والتي قد تكفي وحدها في حالات معينة للتغلب على الخلل العضوي الاولي عند الطفل في مرحلة ما قبل ظهوره في الاداء التعليمي المدرسي".

وأضاف بدارنة:" عملية الكتابة كاي عملية ذهنية اخرى هي عملية ذهنية ذات اساس عصبي دماغي واسع ومكون من عدة حلقات وعوامل وهذه العوامل متمركزة في مناطق مختلفة من الدماغ وليس في النصف الايسر منه فقط وتعمل كلها كوحدة واحدة متكاملة وديناميكية لتنفيذ العملية الذهنية بشكل سليم".

وأكد بدارنة:" تعاملنا مع الأطفال ، وهل الطفل الذي ينشأ في بيت عربي ومجتمع عربي، هل الطفل من بلداتنا العربية سخنين وعرابة والناصرة هو نفسه الذي ينشأ في تل ابيب وباريس وغيرها، فنحن نحاول ان نشخص الحالات ونطبق النظريات، وهذا غير صحيح، واطفالنا لهم خاصية معينة، ومن هنا جاء هذا الكتاب، فخلال تعاملنا وتشخيصنا لحالات أطفالنا وعلاجهم فيما بعد، يجب أن ينطلق من فهم أوسع للثقافة وتأثيرها على كل فرد وعلى كل مجمو عة. يجب أن ننطلق بشكل انساني وديناميكي ، لا أن نتعامل مع الأطفال كأرقام أو كحالات متشابهة.

لكل طفل حالته الخاصة ومميزاته الشخصية وخلفيته الثقافية والبيئية. وهذا يجب أخذه بعين الاعتبار . كل شخص هو مميز وتشخيص حالته يجب أن ينطلق من هذا المبدأ.

وأشار بدارنة: "أن الدماغ والقوى الذهنية عند العرب تتميز بفهم الذاكرة السمعية واللفظية واللغوية قوية ، بينما البصرية عند الطلاب الروس اقوى ، ولدى الاطفال العرب برزت الذاكرة السمعية اللغوية بشكل اكبر من الذاكرة البصرية والتي تتطور بشكل بطيء لكن وتيرتها تكون اسرع مع التقدم بالعمر كما وتبين ان هناك فوارق واضحة في القدرات التذكرية بين الطلاب العرب والطلاب الروس وان الطلاب الروس يتميزون في تطور اجزاء الدماغ لديهم ويتم التقلص مع التقدم بالعمر". د. بدارنة أشار الى أن العوامل الثقافية التي ممكن ان تفسر هذا الاختلاف موجودة في مميزات اللغة العربية وظاهرة الديغلوسيا وتعدد اللغات وكذلك في ميزات تطور الادراك البصري الفراغي والصراعات التي ترافق تطوير استراتيجية يمين-يسار (نسبة الى اتجاه كتابة اللغة العربية) في عالم كبير يسلك ويتعامل يوميا باستراتيجية يسار-يمين.

هذا وتخلل الأمسية فقرات فنيّة من الطرب الأصيل مع الفنان علاء عزّام وفرقته الموسيقية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]