قبل ثلاث سنوات ، عام 2013 ، رحل عن الدنيا في بلاد الغربة بالاردن – مناضل فلسطيني هو المجاهد حسين سالم مروّة (مروات) ، ابن مدينة الناصرة ، مخلفاً وراءه صفحات مشرقة ومشرّفة من الكفاح والنضال من أجل قضايا شعبه ووطنه ، لكن قلّما تداول الناس سيرة هذا البطل الشعبي الذي لم يتطلع الى الشهرة ، بل الى الحرية والاستقلال وعودة الحق الى أصحابه .

حظي هذا المناضل المغوار باطلالة والتفاتة ، يُؤمل ان يكون لها ما بعدها – في المؤتمر الدولي الثالث الذي انعقد الاسبوع الماضي في مسقط رأسه وحلم عودته – تحت عنوان "الناصرة – آثار، تاريخ وموروث حضاري" - من خلال محاضرة ألقاها البروفيسور نظام عباسي ، استاذ التاريخ الحديث والمعاصر (في جامعة قطر حالياً) كان عنوانها "قراءات في التاريخ الشفوي – قصة المجاهد حسين سالم مروة من الناصرة " ، وقد عرض على المشاركين في المؤتمر شريط مدته ثلاث دقائق ، تضمن مقابلة مع المجاهد النصراوي الفلسطيني ، تناولت جانباً من سيرته .

إبحث عن الخال ...

وفي مقابلة مع "بكرا" ، روى الاستاذ الدكتور نظام عباسي ، نبذة عن سيرة المناضل المنتمي الى من وصفهم البروفيسور المحاضر "بالقوم المنسيين" .

ولد حسين سالم مروات ، في الحي الشرقي بمدينة الناصرة عام 1926 ، ووالدته من قرية "اندور" الوادعة عند سفوح جبل الطور ("طابور") ، وقد هجر أهلها عام النكبة . وخاله هو المناضل ابو ابراهيم الصغير ، أحد قادة ثورة العام 1936 ، وقد تأثر به حسين وشاركه في النضال دفاعاً عن فلسطين منذ كان في الثامنة عشرة من العمر ، واكتسب منه الشجاعة والوعي الوطني ، وبعد النكبة هُجّر الى لبنان ، وحاول العودة الى أحضان الوطن عام 1950 فألقت السلطات الاسرائيلية القبض عليه ، وابعدته الى لبنان مجدداً ، فتوجه الى السفارة الاردنية في بيروت وحصل على جواز سفر اردني فانتقل الى المملكة وعمل في مدينة "اربد" ، لكنه فُصل من عمله لاسباب سياسية ، واضطر للجوء الى التهريب ، مدة قصيرة من الزمن ، ليتسلل الى فلسطين والناصرة ، ثم لجأ الى بلدة صرفند بجنوب لبنان ، حيث موطن زوجته ، وهناك اتصلت به المخابرات السورية والمصرية (في اواسط الخمسينات) فعمل لحساب الجهازين في ايصال رسائل وبلاغات الى الداخل الفلسطيني ، وخاصة الى الناصرة ، وبقي على هذه الحال حتى العام 1964 ، حين ألقت السلطات الاسرائيلية القبض عليه وحكم عليه بالسجن عشر سنوات ، قضى منها في المعتقل اربع سنوات .

صفقة جبريل ....

بعد الافراج عنه ، أبعدته السلطات الاسرائيلية الى لبنان فانضم (عام 1968) الى حركة فتح ونشط في صفوفها مقاتلاً الى ان ألقي القبض عليه جريحاً (عام 70) اثر عملية فدائية على الحدود اللبنانية الاسرائيلية ، فحكم عليه بالسجن مدة عشرين عاماً ، قضى منها في الأسر (15) عاماً ، الى ان افرج عنه (عام 85) في اطار صفقة تبادل الأسرى بين اسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) ، التي عُرفت بصفقة جبريل ، فعاد الى الأردن ، وأقام هناك الى ان رحل عن الدنيا قبل ثلاثة اعوام .

تشتد المقاومة ، باشتداد المؤامرات

وتوصيفاً لهذا المناضل الشعبي الفذ ، قال الاستاذ الدكتور نظام عباسي ، انه ينتمي الى "القوم المنسيين" ، وانه بطل نشأ من صفوف الشعب وعامة الناس ، وبفضله وفضل امثاله ، تصدّر القادة والزعماء الواجهة ، ولا يجوز لنا ان ننسى هؤلاء الأبطال ، وآمل ان تكون محاضرتي عن المناضل حسين مروّة ، اسهاماً في هذا الباب .

وتناول الحديث مع البروفيسور عباسي ما يجري من سفك للدماء ودمار واحتراب في الوطن العربي ، فقال ان من يدعي انه يحب وطنه وشعبه ، لا يمكن ان يسبب لهما الأذى والخراب "وما يجري الآن هو نتاج تحريض مستورد يجد تربة خصبة لدى الفقراء والمقموعين والمحرومين الذين عافوا كل شيئ ، ويريدون التخلص من كل شيئ " .

وتقييماً لواقع الفلسطينيين داخل اسرائيل ، قال استاذ التاريخ المعاصر : من متابعاتي ومعايشاتي للأحداث ، أرى ان فلسطينيي الدخل هم الأبطال الحقيقيون الذين صمدوا وتمسكوا بأرضهم ووطنهم ، بينما وصمتهم بعض الأنظمة العربية وكأنهم خونة وجواسيس . رغم انهم انجبوا قادة ومناضلين وطنيين من قامة القائد الراحل توفيق زياد ورفاقه شعراء المقاومة . وعلى ذكْر المقاومة : فكلما هي اشتدت واستعرت ، تشتد وتستعر المؤامرات على شعبنا وأمتنا ، لكننا حتماً سننتصر على الظلام !

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]