هآرتس 2016/8/28 ترجمة: أمين خير الدين

في ساعات الصباح الباكر.كانت التحضيرات في إسرائيل ليوم السبت على وشك الاكتمال، اشترى المراسلون العسكريون خبز السبت، وخرج الجنود لعطلة نهاية الأسبوع. شاهد رفاقهم عند حاجز يبرود آدميّا، في الواقع لم يروا آدميّا، حسب رؤيتهم رأوا ما هو دون الآدمي، أطلقوا النار عليه كما درّبوهم، وكتب المراسلون العسكريون كما علّموهم: " أطلق مخرب النار على الموقع العسكري فيلبوكس في عوفرا، بدون إصابات، ردّ الجنود بالنار، فقُتِل المخرب" . روتين. "بدون إصابات" و"قُتِل المُخرّب" – ليس ثمّة أي تناقض: المصابون فقط يهود، تعديل: "رأى قائد مَفْرَزة عسكرية مخربا يرمي زجاجة حارقة باتجاه الموقع العسكري فيلبوكس في سلواد فأطلق النار عليه وقتله، "بدون إصابات". تحول الآن من " إطلاق نار" إلى " رمي زجاجة حارقة". وبعد مرور وقت قصير، استدراك قائلا: "كما يبدو أن الشخص مريض نفسانيا، وبعد تفتيشه لم يُعْثَر على شيء معه"، بصريح العبارة: جريمة قتل.

غرّد أول أمس على تويتر المراسل اور هيلر (قنال 10)، وكتب مثله بعض زملائه، منهم ألون بن دافيد. هيلر ليس أسوأ المراسلين العسكريين الذين يرددون بتلقائية مذهلة ما يقوله الناطق بلسان ج.د.ا. الذي يُمْلي عليهم ما سيرددون، دون أن يُنْسب ذلك إلى ج.د.ا. – يتلقّون بتلهُّف وبعيون مُغْلقة كل ما تمْليه عليهم مراجع السلطة. إن مَنْ نشر الأكاذيب عمّا حدث عند حاجز يبرود هو ج.د.ا.. بعد ذلك استدرك ج.د.ا.، ومن بعده استدرك المراسلون أيضا، فكتبوا: "لم يحاول ايذاء قوّاتنا". مساء الخير، وسلام السبت.

في ساعات الصباح الباكر، كان إياد حامد، مواطن من سلواد في طريقه إلى صلاة الجمعة في المسجد، أصيب قبل سنوات برأسه إثر حادث طُرق، ومنذ ذلك الوقت وهو مريض نفسانيّا، كان عمره 38 سنة، وأب لثلاثة أبناء، احدهم رضيع، وبموجب ما يقول شاهد عيان، استجوبه إياد حداد محقق "بتسيلم"، إن حامد ظلّ طريقه، وعندما رأى الجنود عند الحاجز،خاف فجرى لينجو بنفسه، لم يكن مسلحا بشيء، ولا بسكين.
يعتقد المُضمّد يحيى مبارك أنهم أطلقوا النار على ظهره، خرجت الرصاصة من صدره، فتوفي حامد على الفور. أُعيدت جثته بعد وقت قصير. توقفت لمرة واحدة شهوة الجثث لدى إسرائيل. بعد أن اتّضح أن حامد قد قُتِل بلا ذنب.

مات عربي. حسنا. نحن مشغولون بأمور أكثر أهميّة. عندما تسقط قذيفة قسّام واحدة من غزّة، لا تُصيب أحدا، ولا تسبب أضرارا، تخرج إسرائيل بحملة انتقام، قصف جوي ومدفعي، يزرع الدمار والرعب، هذا مسموح لها.

يتحدّى المراسلون المُحْبَطون وزيرا لأمن "لماذا الممتلكات فقط" ماذا عن حياة إسماعيل هنيّه، كما وعد وزير الأمن. كل شيء مسموح به لإسرائيل، هل يُسْمح للفلسطينيين بالثأر لزميلهم؟ سؤال مُضْحك، هل يُسْمح لهم بردع جنود ج.د.ا. كما تتعامل إسرائيل مع حماس، كي لا يقتلون أبرياء آخرين؟، وهناك سؤال آخر مُضْحِك أكثر: هل سيُعاقَب أحد على هذه الجريمة؟ سؤال أكثر سخافة، لو قَتَل مخرب فلسطيني كلبا إسرائيليّا، كانت ستهتز إسرائيل أكثر من مقتل حامد. الف مقالة تُكْتب عن مستوطِن يُقْتل، وتثاؤب واسع عن جريمة القتل التي حدثت أوّل أمس. هذا ليس إرهابا ولا عنصرية ولا فصلا عنصريا، ولا عدم إنسانية، هذا فقط قتل ما هو دون الآدميّ.

كنتُ في سلواد قبل تسعة أشهر، عندما قَتَل جنود حرس الحدود مهديه حامد، امرأة في ال- 40 من عمرها، أمّ لأربعة، انتظرها رضيعها، ابن 10 أشهر في البيت ، لتُرْضِعَه، أطلقوا عليها عِدّة رصاصات، اخترقت جسمها. لم يُقَدّم أحد للمُحاكمة، سألني زوجها في حينه بكل براءة: "هل يعرف الإسرائيليّون ما جرى؟ ها أُثير نقاش بعد مقتلها؟"

سكتُّ، من شِدّة الخجل.

2016/8/28 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]