ثلاثة عَجَزَة، وحدهم في جَيْب معزولون
جدعون ليفي و أليكس ليبك
هأرتس 2016/12/30 ترجمة: أمين خير الدين

يقع بيت عائلة الخطيب في الجانب الإسرائيلي من حاجز حِزْما. معزولون عن قريتهمم، لا يُسْنح لهم بدخول اورشليم. وحقيقة كونهم ثلاثة مشلولين من أبناء العائلة لم تمنحهم تسهيلات.
ألأم عجوز، ابنها وبنتاها مشلولون. مرضهم يتفاقم، وحالتهم تتدهور. البنتان ملتزمتان بكرسي بعجلات، وقريبا سينضم إليهما أخوهما الشاب، المشلول برجليه. مرضهم وراثي، ميئوس منه، تظهر عوارضه في سنّ 18.والميئوس منه أيضا معاملة سلطات الاحتلال لهذه العائلة المنكوبة: المحكوم عليها أن تعيش في قفص.
ساء حظهم لوقوع بيتهم بجانب حاجز حزما، حاجز الدخول لأورشليم من الجهة الشرقيّة الشماليّة، بجانبه الإسرائيلي. لا يمكن طردهم من بيتهم، ولا يُسْمَح لهم ولأبناء عائلتهم من القرية بالدخول لإسرائيل، ممنوع عبور الحاجز لزيارتهم، وهكذا حُكِم على أبناء عائلة خطيب أن يعيشوا في جَيْب عَجَزة. يقع البيت على منحدر مخفي عن الحاجز. ولا أحد من الآلاف الذين يمرون يوميّا يعرف شيئا عن مصير سكّانه.
بيت عائلة الخطيب في ساعة متأخرة من الصباح: الأم كيفيّه، عمرها أكثر من 70 سنة، تمشي بصعوبة. تستند على عكازها. البنت أمّ كلثوم، 42سنة، مُلْزمة بكرسي على عجلات. البنت خطاب، 31 سنة، على كرسي على عجلات أيضا. الابن يوسف، 27 سنة مشلول برجليه يقف بصعوبة. يده جريحة. والبنت الكبرى زينب، 46 سنة، هي السليمة، وعليها عبء معيشة البيت وعلاج أخواتها وأخيها.
البيت مُتْقَن، أصحابه بشوشون، رغم شقائهم. على الشاشات في صالون البيت تظهر صور كاميرات الحراسة التي وضعها أصحاب البيت العاجزين حول بيتهم المعزول. عندما تكون زينب في العمل – تعمل في مصنع للأدوية في رام الله - يجلسون في الصالون وهم يدركون أنه لو لا سمح اله جرى لهم شيء – كأن يقع أحد منهم أو يقتحم احد البيت –لا أحد يغيثهم، من الشباك تظهر مستوطنة بسغات زئيب.
بنوا بيتهم، على أرضهم الخاصّة في سنوات ال 70. بسغات زئيب لم تكن في حينه، ولم يحلم احد بحاجز حِزما. كان فقط خيام للبدو وبيتهم في آخر القرية، على بثعد مئات الأمتار. إقامة حاجز حزما في سنوات أل – 90 أنهت حرية تنقلاتهم. وقد زاد المرض الوضع سوءا.
أصيبوا بمرض التأرجح وتوسع الشُعيرات والمعروف بمتلازمة لويس بار، وهو مرض وراثيّ صعب جدا، يسببه خلل في جين( أ.م.ت AMT) ويظهر عادة في العقد الثاني من عمر الإنسان، تعلّمت البنتان في الجامعة، وعملتا حتى تحوّلتا لعاجزتين، ولم تتزوّجا، والآن أخوهما عاجز أيضا، حاليا الحاجز يخنق بيتهم.
بدعم قضائي قدّمته لهم منظمة مسيحيّة تُعْرف باسم الكويكرز*، استطاعوا أن يحصلوا على تصاريح عبور من الحاجز. أسماؤهم مسجلة هناك ويُسْمح لهم بالعبور ذهابا وغيابا. وقد سُمح لهم في السنوات الأربع الأخيرة بالعبور بسيارتهم العائليّة، فان، الخاصة بنقل العَجَزة. يعبرون الحاجز، بالرغم من أن لوحة الترخيص فلسطينيّة، يُسمح لهم بالسفر بها فقط حتى البيت. لا يُسمح لهم بالسفر باتجاه أورشليم. لا يُسمح لأحد من أقاربهم في قريتهم بزيارتهم. بالنسبة لحالتهم الصعبة هذه يُعْتَبر هذا حُكْم قاسٍ: بسبب وضعهم هذا يصعب عليهم التنقّل ولا يُسمح لأحد من أقاربهم في القرية أن يأتي ليشاركهم الطعام، باستثناء زينب الموجودة في العمل معظم ساعات اليوم، تقول الأم: "حتى في الأعياد لا يُسمح لأحد بزيارتنا".
يزداد الوضع سوءا عندما يحتاج أحدهم لعلاج طبي: لا يستطيع أي طبيب من العيادة في حزما من الوصول إليهم، عليهم الانتقال إلى حزما و إلى رام الله. شرقي القدس ممنوعة عليهم، في كلّ الحالات، هم متعلّقون بزينب، ولحسن حظهم أنها امرأة نشيطة وقويّة. في الطابق التحتي يسكن أخوهم السليم، لكنه يعمل في السلطة الفلسطينية ولا يتواجد في البيت معظم ساعات اليوم.
إذا احتاجوا تقنيّا، يستدعونه من أورشليم (فيدفعون كثر)، لأنه لا أحد من القرية أو من الضفّة الغربيّة يستطيع أن يصل إليهم. احتاجوا مرة إلى أن يستدعوا شخصا يحرث لهم أرضهم – لديهم 48 دونما – فلم تسمح إسرائيل بذلك: كان الحارث ممنوعا أمنيا. مدير الأعمال الميدانية، من منظمة بيتسيلم، كّرّم جُبران، يعرف العائلة فيقول: "هم كأغراب في فندق وهم في بيتهم". هذا في أحسن الحالات.
الكابتن إحسان والكابتن قاسم
ازدادت هذه الأمور تعقيدا في لآونة الأخيرة، حين تزوّج يوسف في الصيف الماضي، وهو الأخ الذي يزداد مرضه تفاقما، من وجدان، وهي فتاة من الخليل، توجهت العائلة بعد الخطوبة "للكابتن إحسان" في الإدارة المدنيّة، يطلبون السماح لوجدان بالانتقال للسكن معهم في بيتهم، كما هو الحال في المجتمع الفلسطيني، كي تساعد أيضا أفراد البيت. اقترح "كابتن إحسان" بالتوجه بالطلب بعد الخطوبة، وهكذا فعلوا، لكن أثناء ذلك اسْتُبْدِل "كابتن إحسان" ب"الكابتن قاسم". فطلب الأخير من العائلة الحصول على مصادقة من وزارة الداخليّة في أورشليم، لكن في وزارة الداخليّة قالوا إن وجدان مواطنة من الأراضي المحتلة، وليس لها أيّة صفة في وزارة الداخلية في أورشليم. وبعد تنسيق بيروقراطي مع الإدارة المدنيّة سُمِح لوجدان بزيارة بيتها الجديد مرة واحدة. فلم تخرج منه خلال شهور، خوفا من أن لا تستطيع الرجوع إليه. هذا ما كان حتى قبل أسبوعين، يوم 15 كانون الأول.
في نفس اليوم تزحلق يوسف في الحمّام، وجُرِح كفّ يده، بدأ ينزف، وكان من الضروري نقله لتلقي العلاج المناسب. وطبعا، سترافقه زوجته، سافروا إلى العيادة في حزما، قريتهم، وهناك تلقى يوسف العلاج المناسب، وبعد ذلك أرادوا العودة للبيت، قدّمت زينب للجنود في الحاجز بطاقات الهويّة التي كانت معها، بطاقتها وبطاقة أختها خطاب، ربّما بالخطأ (كما تدّعي) وربّما عن قَصْدٍ، كي يسمحوا لوجدان بالعودة للبيت.
انتبه الجنود في الحاجز إلى أن البطاقة ليست لوجدان، فاعتقلوهم. نُقلت وجدان للتحقيق في محطة شرطة عطروت، وصودرت بطاقة الهوية الخاصة بخطاب. وبعد ساعات من التحقيق فرضت عليها غرامة مقدارها 500 ش.ج بسبب "دخول غير مشروع إلى إسرائيل" وقُدِّمت دعوى للمحكمة التي ستُعقد في بداية شهر آذار في المحكمة العسكريّة في مُعسكر عوفرا، وقد ورد في استمارة الدعوة للملف رقم 543521/2016 : "مثولُك أمام المحكمة إلْزاميٌّ" والاستمارة موقّعة من راب سمال حمد شنّان من وحدة التحقيقات في الشارع الملتف حول أورشليم.
ولغاية تاريخ المحاكمة لا يسمح لوجدان بالمجيء إلى بيتها الذي هو بيت زوجها، فانتقلت لتقيم عند أقارب العائلة في حزما، على الجانب الآخر من الحاجز، أحيانا يأتي زوجها لزيارتها.إذا وجد مَنْ ينقله إلى هناك. تخشى العائلة من أن وجدان قد تطلب الطلاق نتيجة هذا الظروف. تتنهد الأم وتقول" حتّى وجدنا عروسا ليوسف"، إنهم يحتاجون لمساعدة وجدان في البيت.
وأيضا دُعيت الأخت النشيطة زينب للتحقيق بتهمة "تهريب ماكثين غير شرعيين إلى إسرائيل" وربّما تُقدّم هي أيضا للمحاكمة، زوجة أخيها كانت ماكثة غير شرعيّة في بيتها وهي التي هرّبتها. ويتحتّم ألان على زينب أن تتنقّل بين بيتين: بيتها الذي هو بيت العائلة، وبيت الأقارب في حزما حيث تتواجد وجدان، وأحيانا أخوها. كانت الشرطة ستحجز السيارة ، بسبب الاتهامات، لكن لحُسْن الحظ أن السيّارة مسجلة على اسم مّ كلثوم الأخت العاجزة، ولهذا السبب نجحوا في إفشال هذا القرار المُجْحِف.
صرّحت الناطقة باسم منسّق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلّة. لجريدة "هآرتس" إن البيت موضوع الحديث لا يقع في أراضي يهودا والسامرة، إنه على أرض إسرائيلية، وقد سُمِح لأفراد العائلة المُقيمين فيه، بدافع الرحمة، بالوصول للبيت عن طريق حاجز حزما" أمّا بخصوص وجدان زوجة يوسف قيل: "لم نجد في الكشف الذي أجريناه أنّه قُدِّم أيّ طلب رسمي خاص بهذا الموضوع" وأننا "عندما نستلم طلبا يُفْحص الموضوع وفقا للنظام بدوافع إيجابية".
لا تمرضي
تتساءل زينب: بأيّ حقّ يتهمونني إنني ادخل إلى إسرائيل بطريقة غير قانونيّة، أو أنني أهرّب آخرين إلى إسرائيل؟ هذا بيتي هنا. ما ذنبنا إذا أقاموا الحاجز هنا وفصلونا عن قريتنا؟ لو كنّا يهودا، هل كانوا سيعاملوننا هكذا؟ يوميّا وهي في طريقها للعمل تمرّ بحاجزين أو ثلاثة. بينما أبناء عائلتها محبوسون في بيتهم. وفي نفس الوقت يعبر المستوطنون الحاجز القريب من بيتهم ذهابا وإيابا.
بقيت أختها العاجزة خطاب بلا بطاقة هويّة، صودرت هويّتها ولم يعيدوها لها حتى الآن. تقول لأختها زينب "لا تمرضي الآن" تقول زينب وتنفجر ضاحكة: "أخواتي يعرفن بلاد الهند وتركيا أكثر من حزما". يعرفن الهند وتركيا من المسلسلات التلفزيونية التي يشاهدنها باستمرار معظم ساعات اليوم، وهن محبوسات في البيت . لكنهن بمعزل عن حزما.
2016/12/30

-------
*الكويكرز جمعية أصدقاء من المسيحيين، تُعرف باسمها الشائع الكويكرز، نشأت في انجلترا في القرن ال -17، تتوحد في تأكيد الطابع الإنساني للسيد المسيح - المترجم

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]