سؤال يراود الكثيرين في مرحلة ما من حياتهم بشأن حلول السكن القائمة والمنشودة مثل:" حلم بناء بيت بمواصفات خاصة على قطعة أرض للعائلة أو شراء قطعة ارض وبناء بيت خاص، أو بناء عمارة مشتركة عائلية من عدة طبقات أو شراء بيت أو شقة جاهزة او استئجار بيت في مرحلة ما من العمر!!. بين الحلم والواقع تكمن الحقيقة في مكان ما، لكن من المستحسن بل من الضروري ان نتجرد للحظة من الاحلام التي عادة ما تكون ورديّة، ونتفحص الموضوع بشكل علميّ ومدروس من كافة جوانبه. 

حول هذا الموضوع التقينا مع المهندس سليم لحّام، عضو ادارة اتحاد المقاولين في اسرائيل وخبير في شؤون الاسكان واستقينا منه هذه المعلومات الضرورية لواحدة من اهم القرارات في حياتنا.

س. ما هو الافضل برأيك البناء الخاص ام شراء البيت الجاهز؟
سؤال كبير، لكن بداية اود ان اشير ان لكل شخص وضعه الخاص ولكل حدث حديث، وذلك بسبب اختلاف العوامل والمعطيات من شخص الى اخر. لهذا أحذر من اعتبار هذه المعلومات استشارة تعتمد عليها عند اتخاذ قرارك واود ان اطرح هنا مادة للتفكير قد توضح للقراء ما هم مقبلين عليه، خاصة وأن للعاطفة دور كبير في هذا الموضوع. فمثلا عامل المرونة في مواجهة تغيرات الحياة يغيب في البناء العائلي أو الخاص! بالرغم من أن البيت هو الحلم والمأوى وضمان العيش الكريم، لكن ظروف الحياة تتغير وتتبدل. فرصة عمل بعيدة عن مركز السكن كافية لتوضيح الفرق: البيت الخاص أو العائلي المشترك قيمته الاقتصادية منخفضة جدا وذلك بسبب صعوبة بيعه أو تأجيره عند تغيير موقع السكن مثلا وعادة يستصعب التصرف به ويفقد قيمته المادية! البيت الجاهز أو البعيد عن العائلة سهل التصرف وغالبا ما يزيد من قيمته المادية مع الوقت. أحد ميزات الشقة السكنية مثلا انها تمّكن الازواج الشابة من بدء حياتهم ببيت صغير تكلفته وتكلفة صيانته اقل واستبداله ببيت أكبر عند الحاجه وفي وقت أنسب بعيدا عن الضغوط المادية لتجهيز بيت كبير ومكلف وصيانته مرتفعة منذ البداية.

هل هناك اختلاف في مسارات التمويل والقروض؟

أحد العوامل المهمة عند تنفيذ الصفقة الاكبر في حياتنا هي قضية التمويل وقرض الاسكان، التي غالبا ما تكون أسهل عند شراء البيت الجاهز بسبب كونها ضمانا متاحا أكثر للبنك المقرض حيث يمكن الحصول على 75% من قيمة البيت بينما في البيت العائلي المشترك او البيت الخاص غالبا ما تكون قضية التمويل معقدة أكثر بسبب شروط البنك المقرض. كما وأن عامل الوقت له أهميته: في البيت الجاهز تبدأ عمليا باستعمال البيت مع بدء تسديد القرض تقريبا (المبلغ الاكبر) في حين تدفع مقابل البيت الخاص مبالغ طائلة وتمضي سنوات وانت لا تستعمل "المنتج" الذي استثمرت فيه كل هذه المبالغّ! ولا ننسى هنا العامل الاهم وهو ماذا يحدث لجودة حياتك في ظل الضغوطات المادية وعدم الاستقرار والوضوح في توفير حل سكن ملائم لك ولعائلتك.

يدّعي البعض انه يمكن بناء "فيلا" بسعر شقة، ما رأيك؟

اذا سألنا شخص، بنى بيته بنفسه، عن توقعاته لعامل التكلفة وبين التكلفة الحقيقية لوجدنا فرقا يتراوح بين30%الى 50 % وربما أكثر. فالبيت الخاص هو "بئر بدون قاع" ونختصر الحديث هنا عن تأثير ذلك على جودة الحياة والطاقات المطلوبة لإتمامه. مقارنة مع البيت الجاهز التكلفة واضحة ودقيقة ولا توجد مفاجئات خاصة في المرحلة الحساسة من الحياة. ربما يكون عامل التكلفة هامشيّا لدى شريحة معينة من الناس او انه يملك أرض جاهزة، لكن لدى شخص ميزانيته محدودة قد يؤثر بناء بيت بقواه الذاتية على مجرى حياته كليا. اضافة ان معايير ومواصفات البناء الحديث قد تغيرت وتحتاج الى جهد كبير وتنسيق مرهق بين المهنيين لأنهائه وهنا احذر من كمية الطاقات الهائلة التي يتطلبها الامر في اصعب مراحل حياة الازواج الشابة. 

كما وأن سعر الاراضي الخاصة في الوسط العربي اصبحت مرتفعة جدا بل وغير معقولة، وحتى لو اقيم بيت عائلي مشترك مؤلف من اربع شقق لأفراد العائلة، نصل الى تكلفة قريبة من مبلغ شراء شقة جاهزة لكل فرد. قد يستبعد القارئ صحة هذه المعلومات بسب قناعاته بحنكته وبقدراته على ادارة مشروع سكني بتكلفة أقل!. ومرة اخرى، اذا سألنا أي شخص بنى بيته بنفسة لحدثنا عن مفاجئته من التأخير في الجدول الزمني والطاقات التي يتطلبها التعامل مع المزودين واتمام المهمة التي تستغرق سنوات، وعن خيبة أمله من المواصفات الفنية المنخفضة التي حصل عليها وعن المشاكل الموجودة اليوم في بيته وغياب المسؤولية والكفالة لجودة البناء. مقارنة بالبيت الجاهز هذه الامور واضحة أكثر والمخاطر محصورة والطاقات المطلوبة لبناء البيت يمكن استثمارها في العمل والحياة. استطيع ان اقول ايضا، ان شركات الاسكان تحصل على الارض من الدولة وبسعر زهيد نسبيا مقارنة بسعر الاراضي الخاصة وبالنهاية تربح اقل من الفرق بين سعر الارض الخاصة واراضي الدولة. ببساطة اعطي الخبز لخبازة وبالتأكيد لن يأكل نصفه! 

حلول السكن وانواعها موجودة في مشاريع الاسكان: الشقق بمساحاتها واشكالها المختلفة، البيوت الخاصة والبيوت المشتركة مع مساحات اراضي حولها. كل شيء موجود لكن علينا ان نتجرد من عاطفتنا ونتخذ قرارا ملائما للمعطيات المتوفرة لدينا.

هل استئجار بيت هو امكانية اقتصادية واردة:

بالطبع امكانية واردة وقد تكون الانسب في مرحلة ما من الحياة، وكنت قد تحدثت عنها في مقال نشر مؤخرا في الصحافة العربية ضمن سلسلة المقالات التي اكتبها لتوعية الازواج الشابة في موضوع الاسكان. باختصار يجب فحص عدة عوامل مثل المدة الزمنية للاستئجار، مكان العمل الحالي والمستقبلي، رأس المال المتوفر، معدل الارتفاع المتوقع في سعر العقارات في منطقة السكن وغيرها من العوامل. بداية اتخاذ القرار الانسب تبدأ برأيي عندما نتجرد من العاطفة ونفحص جميع الامكانيات بموضوعية ونستشير المهنيين كل في مجاله.







استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]