قرطاجنة مدينة السحر والجمال تأسر الخيال وتتلاقح فيها تيارات الشرق والغرب مملوءة بالمفاجآت التي تجذب السياح إليها من كل أركان الأرض، أسسها بيدرو دي هيريديا في الأول من يونيو/ حزيران العام 1533 . والاسم مقتبس من مدينة قرطاجة التونسية التي بناها الفينيقيون الكنعانيون . وتقع قرطاجنة الكولومبية على مساحة 572 كيلومتراً مربعاً، ويناهز سكانها المليون نسمة، ويطلق على ساكن المدينة بالإسبانية كارتاجينيرو . وقرطاجنة هي عاصمة الإقليم الساحلي على بحر الكاريبي، تشتهر بآثارها التاريخية القديمة، وتجمع ما بين المناطق الجبلية الغنية بالغابات والأشجار المثمرة والشواطئ الذهبية التي باتت علامة سياحية شهيرة، وهي خامس أضخم مدينة في كولومبيا وثاني أكبر المدن في الإقليم الشمالي بعد بارانكويللا .
يعود أول وجود سكاني بشري في المنطقة إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، ولعبت قرطاجنة خلال حركة التوسع الاستيطانية الإسبانية دوراً رئيسياً . وبرزت مركزاً سياسياً واقتصادياً وإدارياً، استقر فيها الأثرياء وممثلو ملك إسبانيا . وفي العام 1984 سجلت منظمة اليونسكو سور المدينة الكولونيالي وقلعتها موقعاً ملكاً للتراث العالمي .
عثر علماء الآثار في المنطقة الواقعة ما بين بوليفار وسوكر على أقدم اللقى المصنوعة من السيراميك يعود تاريخ صنعها إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، ويرجع علماء الاجتماع الأسباب الحقيقية وراء تجمع العشائر البدائية في المنطقة لمناخها اللطيف وغناها بالحياة البرية التي أتاحت الفرصة لسكانها للصيد والعيش حياة مريحة . ويرجع الباحثون تدهور ثقافة بويرتو هورميغا وما يتبعها من قرى مأهولة إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد . وقد حلت مكانها ثقافة أكثر تطوراً هي حضارة المونسو الذين عاشوا عند طرف قناة ديكو بالقرب من ضاحية قرطاجنة اليوم . وورث المونسو عن الهورميغا صناعة الفخار وطوروا اقتصاداً مزج ما بين الزراعة وصناعات بدائية . وارتكز غذاء شعب المونسو أساساً على تناول القواقع البحرية والسمك الطازج والمجفف . واستقت معظم الحضارات التي كانت قائمة قبل الهجمة الإسبانية الاستعمارية على الكثير من الثقافات المشتقة من الكاريبو والماليبو ولغة الأراواك، وعاشت شعوب جميع هذه الثقافات على طول الساحل الكاريبي الكولومبي .


اجتاح جيش إنجليزي كبير جاء على متن أسطول بحري ضخم المدينة وهرب محافظها وكردينالها إلى مدينة تورباكو المجاورة، وتفاوض الطرفان الإسباني والإنجليزي لاحقاً وحصل الجانب الإسباني على 107 بيزوس إسباني لقاء التنازل عن ساحل قرطاجنة، ودمر الإنجليز ربع المدينة وبنوا قصراً وسط المدينة وكاتدرائية . وبعد هذه الهزيمة النكراء ضخ الإسبان الملايين لبناء قلاع وأسوار خلال العامين 1751 و1810 لحماية المدينة من أية غزوات أخرى . وبلغ مجموع المبالغ التي دفعها الإسبان لهذا الغرض نحو 21 مليون بيزوس إسباني .
المنطقة السياحية

تقع المنطقة السياحية في جيرة بارو، وهي المنطقة السياحية الوحيدة التي توفر الكثير من المياه ومجاري المياه العذبة والسياحة البحرية، وخضعت المنطقة لعمليات تطوير سياحية واسعة وتقام فيها الفيلات الفخمة وكل المستلزمات التي تنشط ازدهار الحياة السياحية .
وأدى تحول قرطاجنة إلى وجهة سياحية بارزة ومهمة في كولومبيا إلى ازدهار التجارة فيها، خاصة تجارة التجزئة، حيث تنتشر فيها المتاجر وسلاسل المتاجر الضخمة والمخازن والمشروعات السياحية المختلفة ذات السمعة الدولية الواسعة، فضلاً عن المحال التجارية المتخصصة .
وخضعت المنطقة إلى مشروعات عصرنة شاملة وأقيمت فيها العمائر الشاهقة . وشيدت منذ العام 2007 (42) بناية شاهقة، وتم أخيراً إلغاء مشروع لتشييد أعلى بناية في المدينة بارتفاع 206 أمتار مكونة من 58 طابقاً بعد تقييم واقعي، حيث يخشى المسؤولون من تصدع المبنى بسبب الرياح العاتية التي تهب على المدينة من الكاريبي .

ميناء رئيسي

أصبحت قرطاجنة ميناءً تجارياً رئيسياً خاصاً لنقل المعادن الثمينة ومستودعاً لها خاصة من الذهب والفضة القادمين من مناجم الذهب والفضة من غرانادا الجديدة وبيرو وكانت تحمل على السفن الراسية في المدينة في طريقها إلى إسبانيا عبر كوبا . كما لعبت المدينة دوراً مهماً في تجارة العبيد ما بين قرطاجنة ومدينة فيراكروز المكسيكية، وهما المدينتان اللتان كان يسمح لهما بتجارة العبيد القادمين من إفريقيا . واستخدم هؤلاء لحصاد قصب السكر لفتح الطرقات وكلفوا أيضاً في تدمير أضرحة السكان الأصليين وبناء الحصون والقلاع .

السكان والاقتصاد

شهدت قرطاجنة زيادة مطردة في عدد السكان التي بدأت في أواسط العقد الثامن من القرن الماضي، وأسهم انخفاض الوفيات في التوسع والازدهار الاقتصادي الحالي .
وتعد الصناعات الثقيلة عماد الحياة الاقتصادية في قرطاجنة، وتسهم تقريبا في استقطاب 10 في المئة من القوى العاملة في كولومبيا، ومن بين الصناعات الكبيرة المزدهرة في قرطاجنة صناعة المنتجات الكيماوية، ويتم الحصول على موادها الأساسية من تكرير النفط . وتقع الكثير من الصناعات في منطقة مامونال وتمثل منطقة صناعية مهمة في كولومبيا . وتقع في هذه المنطقة 209 شركات حجم متوسط وكبير، وبلغت مساهمة هذه المنطقة في مجمل الناتج المحلي 8% .

السياحة

تعد السياحة عصب المدينة الاقتصادي، وفيما يلي بعض المواقع السياحية التي تجذب السياح:
* درجات جبل لا بوبا .
* قلعة سان فيليب دي باراجا .
* المدينة المسورة .
* متحف الذهب .
* قصر إنكويزيسيون .
* لاس بوفيداس .
وتم تعزيز السياحة في المدينة بمرافق مواصلات كثيرة خاصة النقل البحري والجوي، ويجري حالياً بناء نظام ترانزيت ضخم .

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]