في اعقاب حادثة العمل الأخيرة التي حدثت في حريش وراح ضحيتها شابين من بلدة الرينة في مقتبل العمر عدا عن حوادث عمل أخرى في فرع البناء خلفت أربعة ضحايا هذا الشهر فقط من الناصرة ومن منطقة الضفة، يرتفع عدد ضحايا حوادث العمل حتى 18 ضحية منذ بداية العام العالي تسعة منهم في فرع البناء، في حين لا زالت الحكومة تتباطئ وتتخاذل بالبدء بالعمل بالنموذج الأوروبي لمنع حوادث البناء بذريعة ادراجه بشكل تام على مدار سنوات.

العمال العرب هم من يقومون ببناء هيكل البنايات، لذلك فهم معرضون للخطر

رجل الاعمال كايد أبو عياش قال بدوره ل "بكرا" في هذا الصدد: في البداية اقدم التعازي للعائلات الثكلى من الرينة الذين فقدوا ابناءهم قبل يومين في حادث عمل ولكل شخص فقد قريب او صديق به بنفس الظروف، حادث العمل مربوط بصاحب العمل نفسه او مدير المشروع الذي ممكن ان يملك مشاريع عديدة ولا يستطيع التواجد في مكان واحد فقط، واحيانا العامل نفسه يتحمل مسؤولية كبيرة عندما يتخذ قرار كيف يتصرف في ورشة العمل، وانا انبه انه يجب تدريب وتأهيل العمال قبل البدء بالعمل خصوصا في فرع البناء تماما كما في أي مجال اخر، أي صنعة في العالم يتم التحضير وتعليمها قبلها، بينما عامل البناء فانه منذ اليوم الأول يدخل الى جبهة بدون ان يتجهز لها، الدولة تدفع مبالغ طائلة من خلال شركات التأمين بسبب حوادث العمل في حين انه بواسطة هذه المبالغ كان ممكن ان يتم بناء وتجهيز مدرسة او مؤسسة تعليمية يتم فيها تدريس كيفية التعامل في ورشة بناء.

وتابع: العامل يعلم جيدا ما هي حقوقه، لذلك من يرى بان هناك خطير على حياته فعليه الا يقترب او يعمل، نحن بحاجة العامل اكثر من حاجته هو الينا، لذلك عليه ان يحافظ على نفسه ويرفض ان يعمل في ظروف صعبة.

وعن السبب في ان كمية الحوادث الكبيرة في فرع البناء يكون الضحايا عرب قال: العمال العرب هم من يقومون ببناء هيكل البنايات، لذلك فهم معرضون للخطر، هذه الحرفة موجودة بأيدي العرب بنسبة كبيرة جدا لذلك نشعر بان العرب يشكلون النسبة الأكبر من ضحايا حوادث العمل.

الدولة لا تتحرك بالفعل بشكل جدي من اجل البدء بتطبيق النموذج الأوروبي بينما العمال تدفع الثمن حياتهم

رامي شومر من جمعية حقوق العامل قال بدوره: نحن لا نرى ان هناك انخفاض في عدد حوادث العمل عن عام 2018 بل بالعكس حوادث العمل مستمرة في نفس الوتيرة، منذ بداية العام لاقى حتفه 18 عامل في فرع العمل عموما منهم 9 عمال في فرع البناء وحده، خلال شهرين ونصف وقع عدد الضحايا هذه كله وهذا يشير الى ان فروع العمل المختلفة ينقصها وسائل الأمان والآلية الرادعة للحد من الحوادث وخصوصا في فرع البناء بشكل خاص، ونحن نتحدث عن اهمال منذ عشرات السنوات حيث لم يتم إقرار أي قوانين او تحديثات في هذا الفرع خلال هذه الفترة، في حين ان التحديثات الأخيرة كانت بسيطة وغير كافية، مثل إقامة وحدة تحقيقات مشتركة بين الشرطة ومديرية السلاح للتحقيق في حوادث العمل في فرع البناء لكننا حتى اللحظة لا نعلم بأي نوع من الحوادث ستحقق، هل هي الحوادث التي تؤدي الى إصابات متوسطة او فقط قاتلة وصعبة واعتقد انه يجب ان يتم التحقيق في كل الحوادث.

وتابع شومر: كان هناك تبني للمعايير الأوروبية في موضوع السقالات وهو تحديث تستوعبه الدولة بشكل بطيء وعلى مدار سنوات عديدة وبمراحل، وبهذه الفترة لا يوجد أي خطة لمنع الحوادث حتى يتم تدريج المعيار الأوروبي بشكل تام في فرع البناء، وهذا ما نراه اليوم، حيث توفي شابين قبل يومين بسبب سقوطهم من علو وهو السبب الأول للموت في فرع البناء، والسبب للسقوط من علو هو نتيجة للسقالات الغير امنة في فرع البناء، وهذا يدل بان الدولة لا تتحرك بالفعل بشكل جدي من اجل البدء بتطبيق النموذج الأوروبي بينما العمال تدفع الثمن حياتهم.

واختتم: لا اعتقد ان العامل يتحمل مسؤولية هذه الحوادث، العامل في النهاية يتلقى أوامر العمل من مدير العمل والمقاول، الذين يملكون هدف رئيسي انهاء العمل بشكل سريع وبأقل تكلفة وبالتالي هم يضغطون على العامل نفسه ان يقوم بأمور ممكن تسبب لإصابات او موت العامل، وانا اعتقد ان العامل الذي لا يلتزم بوسائل الأمان حق المشغل ان يمنعه من العمل

موضوع الرقابة یجب أن یحظى بالقدر الكافي من الاهتمام والعناية لما له من دور فعال في ضمان حماية العامل

وديع فرح محامي مختص في حوادث العمل قال بدوره: ظاهرة حوادث العمل متفشية في المجتمعين على حد سواء، والجهات المختصة، وبالأخص وزارة العمل - الرفاه والخدمات الاجتماعية، تظهر عجرها المستمر في معالجة هذه الظاهرة وخاصة في فرع البناء، حيث كل سنة عشرات العمال يلقون حتفهم جراء شروط السلامة المعيبة أو الغير متوفرة.

وتابع: مجال العمل الأخطر، دون منافس، هو فرع البناء، حيث أكثر من 50% من حوادث العمل تحدث في هذا الفرع وأغلبية العاملين في هذا المجال هم من المواطنين العرب في إسرائيل وعاملين من الضفة الغربية، بالإضافة الى عمال أجانب. لذلك، نسبة الضحايا العرب جراء حوادث العمل هي عالية جدا.

ونوه: لا تقوم أية جهة رسمية بنشر أسماء ضحايا حوادث العمل، بما في ذلك ضحايا حوادث العمل في مجال البناء، ولكن بحسب للتقارير والأخبار الصحفية وبحسب تقديرات الجمعيات والجهات التي تتابع هذه الظاهرة، فلا شك أن غالبية الضحايا هم من العرب، من سكان إسرائيل والضفة الغربية. على سبيل المثال، وبحسب المعطيات, 48 عامل لاقوا منيتهم سنة 2016, خلال عملهم في مجالات البناء والبنية التحتية، من بينهم حوالي 38 عامل عربي من إسرائيل والضفة الغربية. خلال سنة 2018, وحسب معطيات وزارة العمل - الرفاه والخدمات الاجتماعية, 67 عامل لاقوا حتفهم جراء حوادث عمل. منذ بداية سنة 2019 وحتى اليوم, 17 عامل لاقوا مصرعهم جراء حوادث عمل، من بينهم 7 عاملين في مجال البناء.

وأشار: بالإضافة الى ذلك، فإن أغلبية العاملين في مجال البناء هم سكان الضفة الغربية وأغلبيتهم لا يجيدون اللغة العبرية أو لا يتقنوها أبدا، وجراء ذلك لا تنقل إليهم التعليمات بشأن السلامة والأمان بشكل واضح وتقع مغالطات في فهم تعليمات مدراء العمل والمسؤولين. عوضا عن ذلك، وما أدركته من خلال مكالمة ومقابلة عدة عمال عرب الذين أصيبوا جراء حوادث عمل، فإن لديهم الشعور والانطباع بأنهم عاملين درجة ثانية وذلك نتيجة للمعاملة السيئة التي يلقونها من المسؤولين عن العمل والاستهزاء بقدرات وإمكانيات العامل العربي، لا سيما قدراته الفكرية، ونتيجة للاستهتار بسلامتهم وكأن حياتهم ليست بغالية كحياة أي شخص آخر. كما وأن العامل العربي مطالب بالسرعة في القيام بالعمل والعمل كالألة. السرعة في إنجاز العمل تؤدي في كثير من الأحوال إلى زيادة معدل حوادث العمل، حيث أنه عندما يعمل الفرد بسرعة تزيد فرص واحتمالات تعرضه للحوادث ولا يستطيع تخصيص العناية والحذر الكافيين مثل الفرد الذي يعمل ببطء، حيث إن متابعة العمل في هذه الحالة يستغرق معظم اهتمامه.

وأضاف ل "بكرا": إن معايير السلامة والأمان في عدة مجالات عمل هي غير محتلنة، لا تواكب التطورات التكنولوجية والصناعية ولم يتم استبدالها بجديدة. نتيجة عن ذلك هؤلاء العمال، المكافحون من أجل لقمة العيش، هم وعائلاتهم الذين يدفعون الثمن. على موضوع الرقابة أن یحظى بالقدر الكافي من الاهتمام والعناية لما له من دور فعال في ضمان حمایة أكثر لمعامل من الأخطار العديدة الناتجة عن حوادث العمل والأمراض المھنیة. للحد من هذه الظاهرة الأليمة، هنالك عدة متغيرات التي يتوجب أخذها في عين الاعتبار ويجب تحديد مجموعة من المتغيرات ذات الصلة والتأثير على وقوع إصابات وحوادث العمل.

وتابع: كلما زادت ساعات العمل الإضافية التي يعملها العامل، زادت فرص تعرضه للتعب والإرهاق، وازدادت بالتالي احتمالات وقوع حوادث وإصابات العمل. لذلك، يجب التقيد بقوانين العمل وتطبيقها وعدم تشغيل العمال ساعات إضافية كثيرة وخاصة في مجالات العمل التي تتطلب مجهودا جسمانيا كفرع البناء. بالإضافة، يجب الحد من التدوير في العمل وتغيير العاملين أو تغيير ورشات العمل بنسب عالية، فكلما طالت مدة خدمة العامل في موقعه، أصبح العامل أكثر إلماما وتمرسا بالطرق السليمة والآمنة لأداء عمله دونما أخطاء وانخفضت بالتالي فرص واحتمالات وقوع حوادث وإصابات العمل. كما وعلى مكان العمل تطبيق قواعد السلامة المهنية في بيئة العمل بحذافيرها، صيانة آلات، تقديم شروحات مهنية وشروحات في مجال السلامة المهنية للعامل وتزويد العامل بمعدات وأليات عمل ملائمة ومطابقة لمعايير السلامة.

واختتم: بالإضافة، فإن موضوع الرقابة یجب أن یحظى بالقدر الكافي من الاهتمام والعناية لما له من دور فعال في ضمان حمایة أكثر لمعامل من الأخطار العديدة الناتجة عن حوادث العمل والأمراض المھنیة. على الدولة مضاعفة عدد مراقبي العمل، المسؤولين على تطبيق قوانين والسلامة في العمل من قبل أرباب العمل، وذلك أضعاف اليوم هنالك فقط حوالي 28 مراقب في مجال البناء والمسؤولين عن 13 ألف ورشة عمل! كما وأنه يجب الحد من تهاون وزارة العمل في تنفيذ العقوبات المترتبة على المقاولين والمتسببين في حوادث العمل وإلزام المقاولين بالمعايير الاوروبية في العمل وخاصة في نصب السقالات - مهما زادت التكاليف المادية لذلك.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]