تفاعلات واضحة شهدتها المجزرة الإرهابية التي حدثت في نيوزلندا ضد جماعة من المسلمين الذين كانوا يؤدون الصلاة في مسجد النور في بلدة كرايس تشيرش، ففضلا عن إجرامية ودموية هذه الحادثة والتي تخلى منفذها عن أي معلم من معالم الإنسانية برزت الطريقة التي تم فيها تنفيذ القتل الإرهابي بحق المصلين والتي تميزت بتقنية البث المباشر عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في محاولة للإرهابي ان يقلد لعبة البابجي المشهورة والتي تجري بنفس الطريقة. حيث قام بربط الكاميرا اعلى رأسه وتوثيق فعلته الاجرامية التي تمثلت بأطلاق النيران على المصلين وتصوير العملية بشكل مباشر. عن الألعاب الإلكترونية، خطورتها انتشارها وتأثيرها على المجتمعات المختلفة وخصوصا المجتمع العربي تحدث "بكرا" مع الاخصائية النفسية الدكتورة لينا بولس.

السبب وراء انجذاب المراهقين لهذه الألعاب، الادرينالين

بدأت بولس حديثها ل "بكرا": الألعاب الإلكترونية التي نراها مؤخرا ويدمن عليها العديد من الأطفال والمراهقين وحتى الكبار، تهدد جميع علاقاتنا الاجتماعية خصوصا الألعاب المشهور مثل "الفورت نايت والبابجي " حيث انهما متوفرتان من خلال الهواتف الذكية بجميع اشكالها ما يجعل عشرين مليون مستخدم يوميا لهذه الألعاب بحسب الاحصائيات، حيث ممكن ان يقوم الشخص بلعب الألعاب بمفرده او ضمن مجموعات في مساحات مفتوحة ويقومون باللعب بالأسلحة في اطار حرب معينة ضمن صراع البقاء، والمتعة تكون من خلال القتل حتى لو كانت مجرد لعبة وما يسهل الامر ان الشخص يختفي وراء شخصية يقوم باختيارها، وهي العاب عبارة عن عنف.
وتابعت: السؤال الذي يجب ان نطرحه في البداية هو ما السبب وراء انجذاب المراهقين لهذه الألعاب، والاجابة الواضحة والمباشرة تكون الادرينالين، حيث ان هذا النوع من الألعاب فيه نوع من التحديات، ومحاولة قراءة الخرائط التي تتمثل بالغموض، لكن بالمقابل هذا النوع من الألعاب يسبب نوع من العزلة والتعقيد الاجتماعي خصوصا لدى الأطفال وتولد نوع من الفجوة بين الاهل والطفل حيث يصبح الإدمان عليها كبير، وهناك بعض الباحثين الذين يشبهونه بالإدمان على المقامرة او المخدرات، العنف سكون سيد الموقف ويتحول للعالم المسيطر على الطفل، وبالرغم من ذلك فان جميع هذه الأمور لا قيمة لها امام الاثارة والمتعة التي يعيشها ويتلقاها الطفل خلال ممارسته هذه الألعاب، لذلك على الاهل ان يأخذوا قرارا حازما في هذا السياق.

العاب مبنية على علاقات افتراضية بين البشر وتؤدي الى عدم القدرة على الفصل بين الواقع والافتراض

ونوهت قائلة: هذه المواضيع تكون مبنية على علاقات افتراضية بين البشر وتؤدي الى عدم القدرة على الفصل بين الواقع والافتراض، وبالتالي لا يمكن تمييز حدود العالم الافتراضي، لذلك فان هذا النوع من الألعاب ينقلنا من عالم حقيقي متعدد المجالات الى واقع بسيط وهو العنف والقتال، لذلك نهرب من الواقع الذي نعيشه ويمتلئ بالمشاكل والتحديات الى واقع خيالي نوعا ما يريحنا من التعقيد اليومي الذي نعيشه، لذلك فان الشخص يختار شخصية معينة ويقاتل وكانه حل المشاكل التي يواجهها في العالم الطبيعي وبالتالي عند وجود وتيرة عالية لاستعمال العنف في اللعبة بفقد الشخص الحساسية لآثار العنف مثل العملية الإرهابية التي حدثت في نيوزلندا حيث دخل شخص مع كاميرا على وضعية مصلين كمجموعة ومن يرى الفلم يرى الاستراتيجيات المتشابهة بين الحادثة وبين لعبة البابجي، هؤلاء الافراد لا يملكون فصل بين الواقع والافتراضي وبالتالي اختفى أي إحساس بالعنف او الجريمة لانهم يمارسون هذه الألعاب بشكل يومي.

وعن قابلية وجهوزية المجتمع العربي بشكل خاص لانجذاب لهذا النوع من الألعاب وسط التأثير عليه قالت: كل التحركات الاجتماعية والديناميكيات التي نعيشها تمثل وضعيات مشابهة مثل انشغال الاهل وتوفر الهواتف الذكية وسهولة الوصول للتطبيقات، هذه الأمور كلها تسهل وجود وضع مشابهة لذلك على الاهل ان يكونوا متيقظين لأبنائهم وكمختصين ان نبدأ بحملات توعية للمحافظة على المجتمع من الانهيار وقبل ان ينجر وراء هذه الأمور وتأثيراتها السلبية شأنه شأن مجتمعات أخرى.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]