أكدّ الكاتب والباحث السوري مالك الحافظ، انه من الصعب بعد عملية "نبع السلام" التركية، تنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة ولم ولن يكتب له النجاح.

وقال لـبكرا: صحيح أنه قد تم التوصل لوقف إطلاق النار بين كل من نائب الرئيس الأميركي مايك بينس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يعني إيقاف العملية العسكرية التركية "نبع السلام"، خلال 120 ساعة بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من كافة المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا التي كانت تسيطر عليها وبعمق يصل إلى 32 كلم.

وتابع: إذاً ظاهرياً فإن اتفاق واشنطن وأنقرة الذي تم الإعلان عنه سابقا في شهر آب الماضي حول ما يسمى بـ "المنطقة الآمنة" بالشمال السوري والذي كانت تماطل به واشنطن بحسب تصريحات المسؤولين الأتراك، قد استطاعت أنقرة ان تعلن عن تنفيذه وضمن رؤيتها منذ ساعات قليلة ولو ظاهرياً من خلال عملية "نبع السلام"، ولكن هل سينفذ فعلياً على الأرض بعد تعقيد المشهد بسبب التدخل العسكري التركي في شمال شرقي سوريا منذ الـ ٩ من الشهر الجاري. باعتقادي تنفيذ هذا على الأرض قد تم في بعض المناطق هناك بفعل العملية العسكرية التركية وبالأخص في منطقة تل أبيض ومحيطها، ولكن ليس في كامل المناطق الحدودية أو ما يتداخل مع المنطقة الآمنة المفترضة في الشمال السوري.


وزاد:إن الوضع الميداني في المنطقة هناك بات بالغ التعقيد سواء بعد التدخل العسكري التركي وسيطرته مع فصائل سورية مدعومة من أنقرة على بعض المناطق شمال شرقي سوريا، أو بعد توقيع وثيقة تفاهم منذ يومين بين الوحدات الكردية ودمشق برعاية روسية والذي قضى بانتشار القوات الحكومية على طول الحدود وهو ما تم في أغلب المناطق الحدودية بحسب الأخبار الواردة وحتى تجاوزه بالدخول لمناطق أخرى في شرق سوريا، وهذا الأمر سيزيد من تعقيدات المشهد السوري، حيث لم يكن تبدي أنقرة منذ ساعات قليلة قبل إعلان بينس-أردوغان عن وفق إطلاق النار، لم تبدي أي رفض بأن تسيطر القوات الحكومية (ضمن رعاية روسية مباشرة) على طول الحدود، ةلكن ما الذي سيحدث الآن بعد تنفيذ تركيا عسكريا للمنطقة الآمنة والتي كان من المفترض ألا يتواجد فيها أي قوة عسكرية ما عدا الأميركي والتركي.

وحول اتفاق المنطقة الآمنة، قال: برأيي إن الحديث عن وقف إطلاق النار والإشارة إلى تنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة بعد العملية التركية لن يكتب له النجاح في ظل هذا التعقيد، وستكون زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سوتشي يوم الثلاثاء المقبل للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، فروسيا ستعتبر اتفاق أردوغان مع واشنطن بهذا الشكل انقلابا عليها وهو ما لن يقبل به أردوغان وسيسعى لحدوث توافق مشترك مع روسيا بعد التوافق الحاصل مع الولايات المتحدة مساء الخميس، وقد نشهد اتفاق سوتشي جديد بمنطقة سورية أخرى (بمعنى أنه سيكون هناك سوتشي ٢)، وذلك بعد اتفاق سوتشي حول منطقة خفض التصعيد بإدلب في أيلول من العام الفائت.

وأوضح: باعتقادي أن هذا الاتفاق في سوتشي والذي من المرجح حدوثه سيحدث تغييرا في بنود المنطقة الآمنة، بمعنى أن دمشق ستكون حاضرة فيه من خلال تنسيق أمني مشترك وبوساطة روسية، وسيكون الخاسر الوحيد أو الأبرز هم قوات سوريا الديمقراطية، حيث سيضطرون فعليا إلى الانسحاب من كامل المناطق الحدودية وبالعمق المشار إليه آنفا (32 كلم)، وهم بهذا الوضع أيضا من الصعب التنبؤ بمصير سلاحهم في باقي المناطق التي يسيطرون عليها في عمق الشرق السوري، فضلا عن السيطرة الإدارية لهم عبر "الإدارة الذاتية" الكردية فكل ذلك سيكون محكوما عبر توافقاتهم مع دمشق.

واختتم حديثه: إذاً فإن العملية العسكرية التركية من ناحية ضمنت تنفيذ المنطقة الآمنة، وكذلك إبعاد القوات الكردية عن حدودها مع سوريا، ولكن ما حدث من تطورات تتعلق بانتشار القوات الحكومية ودخول روسيا بقوة على ملف شمال شرقي سوريا أدخل لاعبين جدد على ملف المنطقة الآمنة، وعلى ضوء ذلك ومع الإشارة إلى الخاسر الأبرز فإن دمشق كانت رابحة من كل ما جرى منذ أكثر من أسبوع جراء ما أطلقت عليه تركيا "نبع السلام"، وسنشهد تغييرات وتطورات عدة في المنطقة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]