قال رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، في تعقيب على تصريح وزير الخارجية الأمريكي حول الاستيطان:  وزير خارجية أميركا بومبيو يقرر ان الاستيطان في المناطق المحتلة 1967 لا يتعارض مع القانون الدولي.

لا ضرورة للاستفاضة في حقيقة ان أميركا وترامب وبومبيو ليسوا الناطقين باسم القانون الدولي وباسم الشرعية الدولية.

رغم ذلك او بالأحرى بسبب ذلك لاقى تصريح بومبيو ترحيبا واسعا وحماسيا في الخارطة الحزبية الصهيونية في إسرائيل وبالأخص من "قطبي" السياسة الإسرائيلية: نتنياهو وحزب الليكود من جهة وغانتس وحزب ازرق ابيض من جهة أخرى.

الحركة الوطنية الفلسطينية قبلت بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس كحدّ أدني رغم الاجحاف والظلم.

لكن هذا الموقف الأميركي يعني ان حلّ الدولتين على حدود 1967، قد مات أميركيا فاذا كان الاستيطان شرعيا فلا مكان لتقوم عليه دولة فلسطينية.

الموقف الأميركي الجديد يزيل الضباب النسبي عن أحد بنود صفقة القرن الأميركية العدوانية والمتعلق بحل الدولتين (ترامب كان يقول حتى الان انه لا يعارض حل الدولتين إذا اتفق الطرفان).

ملامح صفقة القرن الأخرى باتت واضحة منذ حين:

1-الاعتراف بالقدس العاصمة الموحدة لإسرائيل.

2- حدود 67 ليست حدود بين دولتين.

3 -شطب قضية اللاجئين.

عمليا بهذا الموقف الأميركي يجري الإعلان عن تصفية شاملة لقضية الشعب الفلسطيني في تجمعاته الثلاث:

في الشتات وفي المناطق المحتلة من العام 1967

وفي داخل إسرائيل أي الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل.

إسرائيل عملت منذ النكبة على مصادرة أراضي جماهيرنا العربية لإقامة مستوطنات يهودية على الأرض المصادرة وقد ناضلت جماهيرنا وقدمت التضحيات في مواجهة غول الاستيلاء على ارضها.

في السنوات الأخيرة جرى مجددا طرح سؤال الشرعية قضائيا فانبرى جهاز القضاء الإسرائيلي ليعطي قراره في موضوع ام الحيران والمصادقة على تهجير أهلها من اجل بناء مستوطنة يهودية على أراضيها واليوم يجري العمل على تنفيذ مخطط حكومي يقضي بتهجير 40 ألف مواطن في النقب من أراضيهم وبيوتهم وقراهم ونقلهم الى مساكن متنقلة مؤقتة.

وبين هذا وذاك سنّت إسرائيل قانون الابرتهايد المسمى قانون القومية والذي رحبت به أميركا والذي يقول ان "ارض إسرائيل" (أي فلسطين التاريخية) هي الوطن التاريخي لليهود وان حق تقرير المصير موقوف حصريا لليهود فقط.

الأمور مترابطة تماما وتقع ضمن مخطط استهداف شامل ومتكامل ولا يصح في مواجهته:

استمرار الانقسام بين غزة والضفة بما يعنيه وطنيا وسياسيا وبانعكاسه على الحركة الوطنية الفلسطينية ممثلةً بمنظمة التحرير الفلسطينية.

استمرار الوهن في المقاومة الشعبية في الضفة الغربية.

استمرار سلطة حماس في غزة اعتمادا على حقائب المال القطرية.

استمرار استفراد إسرائيل بالقدس.

السماح بوضع قضية اللاجئين على الرف.

اعلاء مكانة الخدماتية وقضية المواطنة (الأسرلة) على حساب الحقوق الجماعية والحقوق القومية للفلسطينيين في إسرائيل.

من الواضح ان السفور والمجاهرة بهذا المشروع التصفوي لم يكن ليتمّ- إضافةً الى ما تقدم- بهذه السهولة دون تواطؤ وتطبيع أنظمة عربية ودون تحييد دور الجماهير الشعبية في العالم العربي الى جانب قضية فلسطين.

ان الاستهداف الشامل للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة من الثالوث الدنس- الصهيونية والامبريالية والرجعية العربية- يستوجب التوافق فلسطينيا على مشروع شامل.

وعَوْدٌ على بدء..

عندما قبلت الأممُ المتحدة إسرائيلَ لعضويتها في العام 1949 اشترطت عليها الالتزام بالقرار 181 والذي يقضي بإقامة دولتيْن في فلسطين وقد وقعت إسرائيل في حينها على ها الالتزام.

لذلك فان سؤال القانون الدولي والشرعية ليس موجها على شرعية الاستيطان الكولونيالي الصهيوني في الضفة والقدس انما موجها على شرعية قيام إسرائيل نفسها وفق ما التزمت هي بنفسها في العام 1949.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]