حمائم بيضاء ومسبحة الوردية ملأت سماء كاتدرائية سيدة لبنان في استراليا

الطفلة الصغيرة التي تودّ أستراليا معانقتها: لينا عبدالله البالغة من العمر 10 سنوات، واجهت بشجاعة جنازة أشقائها الثلاثة الذين قُتلوا على أيدي “سائق مخمور”- ولا تزال تتعافى من إصاباتها المؤلمة من مأساة أواتلاندس.

حبس داني وليلى عبدالله أطفالهما الثلاثة الذين فقدوهما في حادث صدم، في قلوبهما يوم الاثنين، بينما كانا يعانقان الابنة التي نجت من المجزرة، بين ذراعيهما.

ودخلت عائلة عبدالله إلى كاتدرائية سيدة لبنان في هاريس بارك يوم الاثنين مع الطفلة لينا التي لا تزال الضمادات اللاصقة تغطي وجهها.

وكانت لينا البالغة من العمر 10 سنوات مفجوعة للغاية، وهي شقيقة الأطفال الثلاثة الذين قُتلوا عندما دهسهم سائق مخمور يقود سيارة رباعية الدفع قبل 9 أيام.

وفي حين كان داني عبدالله يسير نحو الكاتدرائية وهو يرنم، احتاجت لينا للدعم خلال مراسم الجنازة التي استمرت لمدة 3 ساعات.

وفي وقت مبكر من القداس، اتكأت لينا على والدها الذي احتضنها وأجهشت بالبكاء.

بلطف، أزال شعرها عن وجهها ومسح دموعها وقبّل جبهتها، فابتسمت بحرارة في عينيها.

وكانت الأم الثكلى قد قالت الأسبوع الماضي، إنّ لينا لا زالت غير قادرة على النوم مذ أن فقدت شقيقها وشقيقتيها.

وقالت: “لينا تشعر بالإحباط والأسى”؛ “كانت تبكي طوال الليلة الماضية بسبب فقدان أشقائها الثلاثة”.

وقُتل أنطوني عبدالله البالغ من العمر 13 عامًا وشقيقتيه أنجلينا البالغة من العمر 12 عامًا وسيينا البالغة من العمر 9 سنوات، عند رصيف في أوتلاندس بجانب ابنة عمتهم فيرونيك صقر البالغة من العمر 11 عامًا؛ وأصيبت لينا بجروح طفيفة حينذاك.

ولا يزال قريب عائلة عبدالله، شربل قصاص البالغ من العمر 11 عامًا في المستشفى يُصارع من أجل الحياة. في حين خرجت شقيقته مابيل البالغة من العمر 12 عامًا الأسبوع الماضي من المستشفى.

وكان الأطفال السبعة في طريقهم لشراء المثلجات حين اصطدم بهم المتهم صموئيل دافيدسون (29 عامًا) الذي كان قد تناول ثلاثة أضعاف الحد القانوني للكحول عندما فقد السيطرة على السيارة. وتم اتهامه بـ20 جريمة من بينها أربع تهم بالقتل الخطأ، ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة في نيسان المقبل.

وكانت ليلى قد أشارت إلى أنها وزوجها وعلى الرغم من فقدانهما أطفالهما الثلاثة، يُسامحان المُتهم صموئيل.

وقد تحدثا مرارًا وتكرارًا عن الحب والتسامح، بدلًا من الانتقام والكراهية.

وقد زارا موقع الحادثة الذي أصبح مزارًا، محاولين تفهّم المأساة.

وطلبت الوالدان من المشيّعين ارتداء ملابس بيضاء اللون لمراسم يوم الاثنين، إذ اعتبراها بمثابة احتفال بالحياة، وقد لبّى الآلاف من الحاضرين هذه الرغبة.

وقد ارتدى داني وبعض أفراد عائلته من الذكور بدلة زرقاء اللون مع قميص وردية اللون كرمز للفتاتين والفتى القتلى.

وقام موظفو داني بتشكيل حرس شرف لتكريم الأطفال، وكانوا يرتدون قميص بولو أبيض اللون، وربطوا أذرعهم ليصطفوا على درب الكاتدرائية. وكان من المتوقع أن يحضر حوالي 200 عامل، إلا أنه حضر حوالي 350.

كما حضر 5 أولاد من زملاء أنطوني من مدرسة كينغس وقرعوا الطبول عند استقبال الأشقاء الثلاثة المحملين بالنعوش البيضاء.

وتوقفت الأمطار التي هزت سيدني ومعظم الساحل الشرقي لعدة أيام، عن الهطول أثناء المراسم المارونية التي جرت باللغتين العربية والإنجليزية.

وتجمع الآلاف لوداع الأشقاء وغصّت الكنيسة بالأقرباء والأصدقاء وأبناء الجالية، من يعرف ومن لا يعرف آل عبدالله. وقد حضر الجنازة أيضًا كل من رئيسة وزراء الولاية غلاديس بريجكليان وزوجة رئيس الوزراء سكوت موريسون.

وارتدى العديد من المشيعين دبابيس مع صور الأطفال الثلاثة.

وترأس راعي الأبرشية المارونية في أستراليا المطران أنطوان شربل طربيه، قداس وجناز الأشقاء الثلاثة بمعاونة حشد من كهنة كاتدرائية سيدة لبنان ومار شربل وباقي الكنائس في سيدني. وتمحور القداس حول الله وقوة الحب.

من جهته، قال المونسينيور شورا ماري في عظته: “داني، قُلت إن يسوع هو صخرة أسرتك. ليلى، قلتي كلمات من الغفران، وقد أذهلت العالم. وهذا لم يأتي من شيء بشري، إنما إلهي”.

وأضاف: “كثيرون تسأءلوا لِما الأطفال الثلاثة الصغار وكيف أسرة واحدة ستستطيع تحمّل هكذا صليب. تجدون الإجابات فقط عند يسوع المسيح”؛ “نعلم شيئًا واحدًا، وهو أنّ الله لم يفعل ذلك. الله سمح بذلك لأنه سيضفي مجده عبره”.

وفي سياق متصل، عندما علم أنطوني بأن أسرته ستنتقل للعيش في منزل جديد، أول سؤال طرحه كان حول موقع غرفة الصلاة. وكان قد نشر عبر الانستغرام: “سَلِّم ضعفك ليسوع، سيعطيك قوّته”.

وعندما سُئلت سيينا عمّا تحب القيام به في عيد ميلادها الثامن، قالت إنها تودّ المساعدة في ملجأ للمشردين. وقد قالت معلمة أنجلينا لوالديها: “إبنتكما، تهتم بالجميع”.

وطلبت الأسرة من المشيعين بدلًا من إحضار الزهور التبرّع بالمال للفقراء والمحتاجين والمشردين في لبنان.

وفي نهاية المراسم، تم نقل النعوش الثلاثة من الكنيسة مع صور مؤثرة لأنطوني وأنجلينا وسيينا. وكان داني يُرنّم لله وهو يسير خلفها.

وتم إطلاق حمائم بيضاء ومسبحة وردية مصنوعة من البالونات في السماء.

هذا وأسف والد القاتل ألان الذي كان ضابطًا في الشرطة والذي فقد ابنته بسبب السرطان، لعائلات الضحايا واعتذر عن فعلة ابنه.

وتمنى داني من الآباء أن يستفيدوا من كل لحظة مع بناتهم وأبنائهم. وقال: “كل ما أطلبه هو أن يبقى الآباء آباء، والأمهات أمهات”.

وستعقد مراسم جنازة فيرونيك صقر يوم الثلاثاء في كنيسة القديسة سابينا في ستراثفليد.
 

المصدر: aleteia
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]